مؤشر ريادة الأعمال العالمي للعام 2015م

الرئيسية » إبداع وتنمية » مؤشر ريادة الأعمال العالمي للعام 2015م

مؤشر ريادة الأعمال العالمي للعام 2015م

يَهدف هذا التقرير، الذي أعده المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية (Global Entrepreneurship and Development Institute)، في عام 2015م، إلى قياس نوعية عملية ريادة الأعمال وحجمها في 130 دولة حول العالم، من خلال التركيز على أربع عشرة ركيزة ذات صلة بريادة الأعمال، مثل قبول المخاطرة، والدعم الثقافي، ورأس المال البشري، والمنافسة، والابتكار في المنتجات، والابتكار في العمليات، والنمو، والتدويل. ويوفر التقرير فهمًا غنيًّا لروح المبادرة والقدرة الدقيقة لقياس ذلك. كما يجسد الملامح السياقية لريادة الأعمال، من خلال قياس المواقف الريادية والقدرات والتطلعات. ويشار إلى أن المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية هو بمنزلة مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف إلى تعزيز الروابط بين ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية والازدهار. وقد تأسس هذا المعهد العالمي من قبل علماء من جامعة جورج ميسون (George Mason University)، وجامعة بيكس (University of Pécs)، وإمبريال كوليدج في لندن (Imperial College London).

يوفر المؤشر العالمي لريادة الأعمال نظرة مفصلة على نظام ريادة الأعمال للعديد من الدول، من خلال الجمع بين البيانات الفردية مع المكونات المؤسسية، حيث تم تطوير نظام يربط المؤسسات مع الوكلاء من خلال النظام الريادي الوطني الذي يتم من خلاله تعزيز العناصر الحيوية وغير الحيوية من قبل الطرف الآخر على المستوى القطري. ويُقدم هذا المؤشر لصناع القرار العديد من الأدوات لفهم نقاط القوة والضعف في اقتصادات بلدانهم التي تتعلق بتنظيم المشاريع، ومن ثم تمكينهم من تنفيذ السياسات التي تعزز روح المبادرة المنتجة. وقد تم تصميم المؤشر العالمي لريادة الأعمال لمساعدة الحكومات على تسخير قوة روح المبادرة لمعالجة جميع أنواع التحديات.

يذكر أن المؤشر العالمي لريادة الأعمال هو مشروع مشترك مع الشبكة العالمية لريادة الأعمال، والمجتمعات والمنظمات والقادة ويتكون من 150 دولة بهدف بناء نظم ريادة الأعمال الصحية نتيجة للأسبوع العالمي لريادة الأعمال. كما أن المنهجية المستخدمة للمؤشر العالمي لريادة الأعمال تختلف كثيرًا عن الجهود السابقة لتنظيم هذه البيانات التي قام بها المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية. وبالإضافة إلى ذلك، ومنذ أن نما عدد البلدان في هذا المؤشر، أصبحت هناك قدرة على توفير المعلومات الإقليمية. وعلى سبيل المثال، تم التركيز على إفريقيا التي تختلف احتياجاتها عن تلك الموجودة في أوروبا الغربية أو الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن النتائج السابقة لا يمكن مقارنتها مباشرة مع بيانات عام 2015م؛ بسبب الاختلافات في المتغيرات وتعديل القيم المعيارية.

وقد أوجدت عولمة ريادة الأعمال انفجارًا في البرامج، والمجتمعات، والتدخلات السياسية، والاستثمارات في جميع أنحاء العالم. كما أن الأفكار ورؤوس الأموال، والمواهب عبر الحدود، عملت الآن على توفير مشاريع جديدة تعمل على النمو الاقتصادي (Economic Growth) والاستقرار، حيث إن هذه أوقات تعدُّ مثيرة، خصوصًا عندما يصنع الجيل الجديد الفرص السانحة لمزيد من الأفراد. وتتجلى هذه التطورات في الأنشطة المختلفة للشبكة العالمية لريادة الأعمال (Global Entrepreneurship Network)، التي نشأت من خلال أسبوع الريادة العالمي، والاحتفال السنوي لرجال الأعمال في أكثر من 150 بلدًا.

وتكشف النظرة الفاحصة على النهضة في ريادة الأعمال، عن وجود الكثير من التحديات الجديدة. وعلى وجه الخصوص، لم تكن عملية جمع البيانات وتحليلها قادرة على مواكبة النمو السريع للبرامج والتدخلات الأخرى التي تهدف إلى زيادة معدلات تكوين الشركة الجديدة. وتوجد هناك ندرة في البيانات، وليس فقط حول ما يصلح وما لا يصلح في دعم أصحاب المشاريع الجديدة، ولكن حول أداء المشاريع الشاملة للمجتمعات. وباختصار، فإن البلدان التي تسعى إلى إضافة مرونة في ريادة الأعمال لاقتصادياتها، تحدد مؤشر أطرها التنظيمية وأداءها بالنظر إلى الأنظمة الاقتصادية الأخرى. وفي الوقت نفسه، فإن الأكاديميين والاقتصاديين مازالوا يناقشون ما ينبغي قياسه, ويحددون البيانات التي تعدُّ ذات مصداقية، ويأخذون في الحسبان المنهجيات الموثوق بها. وقد أدى ذلك إلى حوار جديد بين قادة المجتمع وقادة الحكومة الذين يسعون إلى توفير أدوات أكثر تطورًا، وإيجاد البرامج والبحوث لمساعدتهم بقدر من الكفاءة على توجيه انتباههم وأموالهم إلى الجوانب التي يكون لها أكبر الأثر في النمو الاقتصادي في المستقبل.

ويشار إلى أن هذا الحوار هو بالتأكيد جزء رئيس من الصيغة التي تكشف عنها الحلول في كل من الجوانب السياسة وريادة الأعمال. وتعمل الشبكة العالمية لريادة الأعمال بشكل نشيط، على بناء الثقة بين القادة والأشخاص الداعمين لنظام ريادة الأعمال. وإلى جانب توفر البيانات المتينة، يمكن لهذا الحوار أن يذهب أبعد من ذلك بكثير، من خلال المساعدة على صقل الجهود وبطريقة أكثر كفاءة بكثير؛ ولذلك فقد تشاركت الشبكة العالمية لريادة الأعمال مع المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية (Global Entrepreneurship and Development Institute)؛ بهدف تقديم المؤشر العالمي لريادة الأعمال، حيث يسعى هذا المؤشر العالمي إلى توفير المعلومات عن الترتيب العالمي النسبي للدول. كما يلقي المؤشر الضوء على كفاءة النظم الإيكولوجية الوطنية، من خلال تحليل أربعة وثلاثين من المتغيرات الفردية والمؤسسية الأساسية. ويحاول كشف الاختناقات التي تؤدي إلى تآكل المزايا التنافسية للنظم الإيكولوجية، ويوفر المعلومات حول ترتيب البلدان حسب المنطقة لتزويد واضعي السياسات بالمقارنات البيئة التنظيمية ذات الصلة بالأنظمة الاقتصادية المحيطة بهم.

وتجدر الإشارة إلى أنه سوف يتم تحديث هذا التقرير سنويًّا، وذلك مع كل تقييم جديد يصدر خلال نوفمبر من أسبوع الريادة العالمي. وبسبب الجهود الرائدة التي تقوم بها اليوم الشبكة العالمية لريادة الأعمال، فإنها تأمل مساعدة الحكومات في جميع أنحاء العالم على تحسين فهمها وتوسيعه لتشكيل جيل الشباب الجديد. وكمنصة لجميع هذه الجهود المتضافرة، تلتزم الشبكة العالمية لريادة الأعمال بتغذية هذه المصلحة وتعزيز الصرامة الأكاديمية ودفعها إلى الأمام، حيث إن المؤشر العالمي لريادة الأعمال هو خطوة حازمة في هذا الاتجاه.

ويواجه الاقتصاد العالمي تحديات مهمة على المديين المتوسط وطويل الأجل. وفي حين أن الدول الغنية سوف تواجه تحديات لزيادة الإنتاجية الاقتصادية؛ بهدف دعم مستويات المعيشة الحالية لسكانها، إلا أن الأنظمة الاقتصادية ذات الدخل المنخفض (Low-Income Economies) سوف تحتاج إلى دمج أكثر من ملياري من الشباب البالغين في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050م. ويشار إلى أن المبادرات الاقتصادية التي يقدمها الأفراد أصحاب المشاريع من المرجح أن تكون عنصرًا أساسيًّا في التصدي لتحديات الإنتاجية على المدى الطويل في البلدان الغنية، في حين أن البلدان الفقيرة ستواصل النضال من أجل دمج سكانها الذين يزدادون بسرعة في اقتصاداتها.

وتحدث التحديات الاقتصادية بشكل غير متساوٍ في مناطق مختلفة من العالم. ففي العالم المتقدم، فإن عدد السكان الذين يبلغون من العمل بين 15-59 عامًا، الذين يعدُّ جوهر قوة العمل، من المتوقع أن يتقلصوا بما يقرب من 15% بين عامي 2010م و 2040م. ومع ذلك، فإن عدد السكان في هذه الفئة العمرية في العالم النامي لا يزال في ارتفاع بسرعة، ومن المتوقع أن ترتفع الزيادة بنسبة 50% بحلول عام 2050م، باستثناء الصين التي توقفت فيها القوى العاملة عن النمو المتزايد. وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها، فإن السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15-59 سوف يزدادون من 455 مليون اليوم إلى أكثر من مليار بحلول عام 2050م. ومن ثم فإن حصة الأسد من النمو في القوى العاملة في العالم، في العقود المقبلة، سوف تحدث في البلدان الأقل نموًّا باستثناء الصين مرة أخرى، حيث إن السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 59 عامًا سوف تزداد بنسبة 1.3 مليار دولار في السنوات الأربعين المقبلة.

وعلى الرغم من أن النمو السكاني العالمي آخذ في التباطؤ في بعض المناطق، فقد شهدت الثمانينيات والتسعينيات ارتفاعًا في معدلات الخصوبة في معظم بلدان العالم، كما أن الأفواج الكبيرة الذين ولدوا خلال تلك العقود قد دخلوا الآن في سوق العمل. وهكذا فإن هناك طفرة في قوة العمل التي ليس من المرجح أن تنتهي لمدة 30 أو 40 سنة أخرى. وبشكل واضح، فإن ما يحتاج إليه الاقتصاد العالمي الآن هو الوظيفة. والأسئلة الرئيسة التي تطرح نفسها هنا: كم عدد الوظائف التي ينبغي إيجادها؟ وكيف يمكن إنشاء أكثر من مليار وظيفة في العالم النامي ضمن هذا الإطار الزمني، وخصوصا في أقل البلدان نموًّا، حيث إن الفقر والبطالة الهائلة بالفعل يمثلان الحقائق السائدة في الحياة الاقتصادية؟ وعمومًا، يذكر أنه لم تكن المناهج التي استخدمها مجتمع التنمية في السنوات الخمسين الماضية فعالة. وببساطة، فإن جعل رأس المال متاحًا بسهولة في شكل منح وقروض قد أوجد الديون، إضافة إلى هدر الموارد. ومع وجود النهج الحديثة، مثل القروض الصغيرة، وتحسين سيادة القانون، ودعم تسجيل الملكية لأصحاب الحيازات الصغيرة، فإن كل الجهود لتحريك تأسيس الشركات الصغيرة قد ساعدت في كثير من المواقع، ولكن ينبغي عليها تعزيز الزيادة في الصناعات على نطاق واسع، حيث إن من شأنها توفير فرص عمل كثيرة. والحل الوحيد الذي يمكن أن يوفر وظائف على هذا النطاق يكمن في مزيج من الابتكار وروح المبادرة. وقد أكدت الأبحاث على النمو الاقتصادي على مدى السنوات الثلاثين الماضية، أن توفير فرص العمل السريعة يأتي من الشركات سريعة النمو؛ ولذلك، فإن البلدان النامية في العالم تكون قادرة على توفير الوظائف التي يحتاج إليها سكانها المتزايدون بسرعة، فقط من خلال تشجيع تأسيس الشركات التي تنمو سريعًا، ومن خلال توفير المنتجات أو الخدمات الجديدة المطلوبة على نطاق واسع.

ونظرًا إلى أن ريادة الأعمال يمكن أن يكون لها عواقب اقتصادية واجتماعية على الفرد، إلا أن المؤشر العالمي لريادة الأعمال يتناول التفاعلات الحيوية التي تعد جزءًا لا يتجزأ مؤسسيًّا بين المواقف على المستوى الفردي والقدرات والطموحات التي تدفع المشاريع الإنتاجية إلى الأمام. ويدرك المؤشر العالمي لريادة الأعمال أن ريادة الأعمال يمكن أن تهتم بأشياء مختلفة جدًّا في سياقات اقتصادية ومؤسسية مختلفة. ونظرًا إلى أن ريادة الأعمال لديها تأثير مختلف في سياقات مختلفة، فإن المؤشر العالمي لريادة الأعمال يجمع بيانات على مستوى فردي مع البيانات التي تصف المؤسسات الوطنية، فضلًا عن الهياكل الاقتصادية والديموغرافية؛ لتقديم وجهة نظر مؤسسية لجميع المعنيين بالمشاريع الإنتاجية.

ويوضح هذا التقرير أن الولايات المتحدة قد حافظت على موقعها “رقم واحد” على المؤشر العالمي لريادة الأعمال لعام 2015م. وعلاوة على ذلك، فقد ارتفعت قيمتها النقطية بشكل كبير، من 82 إلى 85. وهكذا، فإن الولايات المتحدة لا تزال متفوقة في مجال ريادة الأعمال في معظم البلاد في العالم، بل إنها أيضًا تحافظ على صدارتها في هذا الشأن. ويشير التقرير إلى أن كلًّا من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأستراليا قد ازدادت قيمها النقطية في المؤشر العالمي لريادة الأعمال في عام 2015م، مقارنة مما كان عليه في عام 2014م؛ ونتيجة لذلك، فقد زادت الفجوة بين الولايات المتحدة والدول الإسكندينافية بشكل قليل. يذكر أن الفرق بين الولايات المتحدة وأقوى الدول الأوروبية والسويد والدنمارك وسويسرا وأيسلندا أصبح أكبر مما كان عليه في عام 2014م. ويشار إلى أن سنغافورة وتايوان زاد مستوى ريادة الأعمال المنتجة لديهما أيضًا. كما أن تايوان جاءت في المركز الثامن في ريادة الأعمال، في حين تحتل سنغافورة المرتبة العاشرة. وباختصار، فإن النظم الريادية الأعلى أداءً في العالم هي أكبر الدول الأربعة الناطقة باللغة الإنجليزية، تليها ثلاث دول: الإسكندينافية واثنان من البلدان الآسيوية.

يذكر أن ريادة الأعمال هي مماثل للعديد من الأدوات الاجتماعية الأخرى؛ لأنها ظاهرة متعددة الأبعاد ويصعب تحديد المعنى الدقيق لها. وعلى مدى عقود، قد أوجد الباحثون عدة مؤشرات تتعلق بريادة الأعمال، إلا أنه لم يتمكن أي مؤشر منها من عكس الطبيعة المعقدة لريادة الأعمال وتقديم تفسير معقول لدورها في عملية التنمية. كما أن المؤشر العالمي لريادة الأعمال هو المقياس الأول، وحاليًا الوحيد، لريادة الأعمال على المستوى الوطني، والذي يعكس الأوجه المتعددة لريادة الأعمال. وفي حين أن المؤشر العالمي لريادة الأعمال يمثل الملامح السياقية لريادة الأعمال، فمن الممكن أيضًا تحليل التغيرات في ريادة الأعمال ومكوناته من حيث التنمية.

وفي نهاية التقرير، يمكن القول بأنه في حين أن الدول الرائدة لها ميزات مماثلة فيما يتعلق بريادة الأعمال، فإن الدول الأوروبية الفردية والاتحاد الأوروبي تتخلف كثيرًا عن الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الفجوة آخذة في الاتساع، إذ يعد هذا الأمر واضحًا بشكل خاص في البرتغال وأيرلندا وإيطاليا واليونان وإسبانيا، والتي تتخلف بفارق كبير عن دول الاتحاد الأوروبي. ويشار إلى أن أمريكا اللاتينية أيضًا بحاجة إلى زيادة كبيرة في مجال ريادة الأعمال؛ للوصول إلى مستويات مماثلة لتلك التي في أمريكا الشمالية.

الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *