بعد انسحاب عبد الإله حفضي رئيس فيدرالية النقل، ورفض محمد حوراني، الرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، تقديم ملف ترشيحه لولاية ثانية، تمكنت مريم بنصالح، وفي أجواء تخلو من المنافسة، من التربع على هرم الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
من تكون هذه المرأة التي استطاعت، ولأول مرة في تاريخ المغرب الاقتصادي، أن تنتزع رئاسة الباطرونا، ولمدة الثلاث سنوات القادمة، مع إمكانية تجديد ولايتها لتدبير مؤسسة اقتصادية ظلت حكرا على الرجال طيلة الخمسة عقود الماضية؟.
نجحت مريم بنصالح، ابنة الجهة الشرقية للمغرب، وبالضبط منطقة تافوغالت الجبلية لمدينة بركان، وبعد تنقلات ماراطونية واجتماعات مكثفة بالفروع الجهوية التابعة للاتحاد، نجحت في حصد 3317 صوت، أي اكتساح بنسبة 96.8 بالمائة، لتصبح أول امرأة مغربية تترأس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تفعيلا لمبدأ المناصفة المنصوص عليه في الدستور الجديد.
تنتمي مريم بنصالح لعائلة عبد القادر بنصالح المؤسس الفعلي للإمبراطورية المالية العملاقة “هول ماركوم” ذات الخمسة وثلاثين فرعا، والتي نجح الأبناء (مريم، حسن، كنزة وفاطمة) في مضاعفة أرقام معاملاتها، بعد وفاة الأب، والخروج بها من تلك الأوضاع الصعبة التي عانتها المجموعة.
بمجرد حصول مريم، الابنة البكر لآل بنصالح، على شهادة البكالوريا، ستحلق إلى مدينة “الجن والملائكة” لتحصد بعد أربع سنوات من التحصيل، الإجازة في التدبير والمالية من المدرسة العليا للتجارة بباريس سنة 1984. وفي سبيل تعميق دراستها لمجالي المال والأعمال، ستحط الرحال بالولايات المتحدة الأمريكية، لإغناء تحصيلها العلمي والمعرفي، بماستر في البيزنيس المالي من جامعة دالاس سنة 1986.
وبعد التسلح بهذين الدبلومين، تقرر مريم بنصالح العودة إلى المغرب لتشتغل، بداية مشوارها المهني، بالشركة المغربية للادخار والقروض ولمدة ثلاث سنوات (86-89)، مكتسبة بذلك مهارات مهنية تخولها تسيير وإدارة الهولدينغ المالي لعائلة بنصالح، رفقة أشقائها، باعتبارها العقل المدبر للشركة المعدنية، ذات العلامة التجارية “والماس- سيدي علي”، والتي تتوفر على 70 في المائة من السوق الوطنية للمياه المعدنية، محققة السنة الماضية، وبرأسمال يقارب 19 مليار و800 مليون سنتيم، أرباحا قاربت 20 مليون درهم.
ورغبة في تكبير وتوسيع إمبراطورية “أل بنصالح” والسير بها نحو مصاف الشركات المالية العملاقة، وبإصرارها المعهود، ورغبة منها في تحقيق المكاسب والنجاحات ومواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، عملت مريم بنصالح على خلق فروع اقتصادية لمشاريع واستثمارات العائلة، شملت قطاع التأمين، الصناعة، الزراعة الغذائية، الفلاحة والعقار..
وبفضل هذا الوضع الاقتصادي المتشعب، ستتقوى مهارات مريم بنصالح المهنية، وستتوسع مهامها، بشكل يؤهلها لعضوية العديد من المناصب، منها مجلس إدارة المجموعة المالية والصناعية “هولماركوم”، وبنك المغرب، وجامعة الأخوين، وكذا رئاستها للجنة مراجعة الحسابات، ومجلس المراقبة بالمركز الأورومتوسطي للوساطة والتحكيم، إضافة إلى إشرافها وتسييرها لإدارة شركة المياه الطبيعة “أولماس” لأكثر من 25 سنة.
وبتحقيقها لهذه السلسلة من النجاحات، والإسهامات الاقتصادية، صنفتها النسخة العربية من المجلة الشهرية “فوربس” للمال والأعمال، ضمن 50 سيدة أعمال ناجحة في العالم العربي.
وكان آخر ما راكمته هذه المرأة المغربية من مكاسب، قبل فوزها برئاسة الاتحاد، هو تعيين الملك لها مفوضة ليوم الأرض، الهادف إلى توعية السكان بالميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وكذا عضويتها داخل الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.
وعندما يقول عنها الحجوجي، في إحدى حواراته لجريدة أسبوعية، إنها المرأة التي اجتمعت فيها خصال المقاول الناجح، المتمثلة في روح النضال والمبادرة الخاصة، وأنها برهنت على كفاءة عالية في الدفاع عن مصالح المقاولات بالمفهوم النبيل، فإن فوزي الشعبي، لا يختلف معه في كونها امرأة قوية وذات خبرة ومزايا تمكنها من تمثيل الرأسماليين.
وإضافة إلى كل هذا، يشهد المقربون من مريم بنصالح بكونها امرأة تمتاز بالهدوء وحسن الإصغاء، والحكمة في تسيير المقاولات، والبساطة في هندامها الأنيق والفاخر.
وتستمد مريم بنصالح شقرون، زوجة جمال شقرون، صاحب شركة “جنرال ديفولوبمانت” (جي دي هولدينغ)، وابن الكاتب المسرحي عبد الله شقرون، والممثلة أمينة رشيد، قوة شخصيتها وحبها للتحدي والمغامرة، من التربية التي نشأت عليها في حضن العائلة، والتي زرعت فيها حب الصيد وركوب الدراجات الكبيرة، وسياقة السيارات، إضافة إلى ولعها بقيادة الطائرات، والمشاركة في الراليات، خاصة رالي عائشة الذي فازت بإحدى جوائزه.
فاطمة الزهراء الحاتمي