محركات الابتكار - جامعة ريادة الأعمال في القرن الواحد والعشرين (2/2)

الرئيسية » إعلام ورقميات » محركات الابتكار – جامعة ريادة الأعمال في القرن الواحد والعشرين (2/2)

محركات الابتكار

الفصل السابع: الأدوار الأكاديمية

أكد هذا الفصل أن (الأكاديمي التقليدي)، هو ركيزة الجامعات البحثية عبر التدريس، والبحث والإشراف على طلاب الدراسات العليا؛ ما يجعل تأثيره فاعلاً في إطار (جامعة ريادة الأعمال)، وهناك خيارات واسعة أمام الأكاديميين، الذين يتمتّعون بـ(عقلية ريادة الأعمال)، وقد قام المؤلفان في هذا الفصل بتصنيف هذه الخيارات على النحو الآتي:

  1. 1- الأكاديمي المهتمّ بعامّة الناس (The Public Scholar)، فهو حريص على توسيع قاعدة المستفيدين من أنشطته؛ ففصوله الدراسية عامرة بالطلاب، ومؤلفاته واسعة الانتشار، ويهتمّ بتبسيط بحوثه ونشرها بين العامّة. إن هذا الدور غير منتشر في إطار الجامعة؛ لأنه يتطلَّب نوعاً فريداً من المواهب، وقليل من الأكاديميين يتمتّعون بمهاراته، ولكن إذا كان التأثير هو أحد مقاييس النجاح الأكاديمي، فإن هذا الدور يحظى بمرتبة عالية.
  2. 2- الأكاديمي الناقل (The Translational Scholar)، وهو دور يؤديه عادةً العلماء والمهندسون العاملون عند نقطة التلاقي بين البحوث الأساسية والتسويق، ولهم الفضل في إيجاد التوازن في علاقة معقدة مع القطاع الخاص والحكومة لأغراض التمويل؛ لذا فإن للأكاديمي الناقل دوراً رئيساً في تطوير الجامعات إلى محرِّكات ابتكار.
  3. 3- الأكاديمي الفنَّان (The Artistic Scholar)؛ وهو دور مهم، حيث تُرحِّب الجامعات بموسيقيين وممثلين وأدباء ومنتجي أفلام كأعضاء هيئة تدريس حتى ولو لم يكن لديهم درجات علمية عالية، ولكن التطوُّر القادم يفتح أمام هؤلاء فرصاً أكبر؛ فالتغيّر الجذري في أشكال الفنون والاستخدام المتعاظم للتقنية، يُهيئ كل منهما فرصاً لتضافر الجهود بين مختلف هذه الفئات، والتعامل مع مشكلاتها داخل الجامعة في إطار (فكر ريادة الأعمال).
  4. 4-الأكاديمي رائد الأعمال (The Entrepreneurial Scholar)، ويعمل أصحاب هذا الدور على صياغة الرؤية، ويُمكّنون الآخرين، ويُوفّرون الموارد اللازمة، ويُهيئون البيئة المناسبة لازدهار هذه الموارد.
  5. 5- الأكاديمي صاحب القضية (The Engaged Scholar)، حيث إن عدد الأكاديميين المهمومين بالقضايا العامة يزداد، كما أن تأثيرهم يكبر بسبب نموّ رغبة الطلاب في التغيير الاجتماعي، ودعوة الجامعات إلى مواجهة مشكلات العالم الكبرى، وهذا يفتح مسارات مهنية جديدة ومثيرة لأولئك الذين يختارون دمج اهتماماتهم الأكاديمية، بالالتزام برؤية خدمية في إطار عام مثل القروض الصغيرة، وسياسات الصحة والبيئة، والطاقة الخضراء، ومشاريع الأعمال الخيرية.

وفي نهاية هذا الفصل قدَّم المؤلفان نصائح للأكاديميين الذين يرغبون في خوض أدوار لا خبرة سابقة لهم بها، ومنها:

  • لا تحرص على تحقيق الكمال، فالبدايات قد تفشل.
  • لا توجد مشاريع دائمة، ولا ينبغي أن يكون ذلك هو الهدف.
  • لا يُمكنك الإنجاز بمفردك، وجهود فرق عمل من داخل الجامعة وخارجها ضروري.
  • التزم بمعايير القياس والمحاسبة لتقييم نجاح المشروع.
  • تعلم المهارات المطلوبة.

الفصل الثامن: الثقافة والكيان

عند التطرُّق في البيئة الأكاديمية إلى دور الجامعة في مواجهة المشكلات الكبرى، فإن الانتباه سرعان ما ينصرف إلى مكافآت أعضاء هيئة التدريس والهيكل التنظيمي؛ ما يعني أن الوقت المستغرق في معالجة هذه القضايا لا يتّجه إلى حلّ المشكلات الكبرى، وذلك على الرغم من اتفاق الأكاديميين على أن التصدّي لها أهمّ من مناقشة المسائل التنظيمية، إلاّ أن ترجمة هذه القناعة إلى واقع يبقى أمراً صعباً.

اهتم هذا الفصل بمناقشة الصعاب التي تواجه تأسيس إجماع داخل الجامعة، فالجامعات شغوفة بالقضايا التنظيمية؛ ما يوقعها أسيرةً للفكر (الصومعي) الدافع إلى العزلة. وأكد المؤلفان أن هذا ليس من خصائص الجامعات وحدها، ولكنه خاصيّة موجودة في كل المؤسّسات الكبيرة، ويعوق هذا الفكر اتخاذ القرارات، ولا يتوافق مع حلِّ المشكلات الكبرى؛ لذا فإنه من الضروري التصدّي له؛ لتأسيس الجامعة المنشودة. وقد شخَّص المؤلفان بعض المقاربات صعبة التطبيق، التي نادراً ما تؤدّي إلى نتيجة، وهي: تأسيس كيانات بينية دائمة، وإعادة تنظيم الوحدات القائمة، وتعديل نظام المكافآت.

أما أسس المقاربة البديلة التي أوصى بها المؤلفان، فتستند إلى تطوير ثقافة تُفضّل حلّ المشكلات على مصالح الذات التنظيمية؛ فالتحدّي الأكبر يكمن في الثقافة والناس، وليس في الهيكل والقواعد والأنظمة. وطرح هذا الفصل بعض المقترحات التي تركِّز على (التغيير الثقافي)، منها: القناعة بأن (التغيير الثقافي) يستغرق وقتاً، ويتطلَّب التزاماً وجهداً، والابتعاد عن الحلول السريعة عند تعيين أشخاص في مواقع المسؤولية، والتعامل مع تكوين فرق العمل بحذر ودون إسراف، واستقرار قيادة المؤسسة واستمرارها، وتشجيع تكوين الفرق المؤقتة ذات التخصصات المتعدّدة؛ للتصدِّي للمشكلات، عوضاً عن الكيانات الدائمة، والتركيز على الرسالة، وليس على مرتبة الجامعة في التصنيفات العالمية؛ ففي الوقت الذي تُشجِّع فيه هذه التصنيفات على الأداء والإنتاجية، إلاّ أنها قد تقود إلى نتائج لا تتوافق مع رسالة الجامعة.

وأكّد المؤلفان أنه يُمكن التلاعب بهذه التصنيفات، كما هو واضح من حالات تأسَّست فيها برامج هدفها فقط التأثير على الترتيب في التصنيفات، وأن البديل لها، هو وضع معايير متوافقة مع رسالة الجامعة وأهدافها.

الفصل التاسع: تدريس (ريادة الأعمال)

على خلاف ما يعتقده معظم رواد الأعمال، يرى المؤلفان أنه بالإمكان تدريس (ريادة الأعمال) في الجامعات؛ فهناك توجُّهات ومهارات ومعرفة ضرورية للتفكير والممارسة في نطاق (ريادة الأعمال)، ولقد تمَّ بالفعل – على مدى سنوات – تدريس مئات طلاب الجامعات والخريجين وأعضاء هيئة التدريس طرق التمكُّن من مهارات (ريادة الأعمال). وسرد هذا الفصل تجربة المؤلفين في تدريس (ريادة الأعمال)، حيث خلصا إلى النتائج الآتية:

  1. 1- إرساء الأساس في كليات الآداب والعلوم؛ فتلك هي نقطة البداية، حيث يتمُّ في هذه الكليات غرس رسالة الجامعة والقيم، والثقافة المرتبطة بالتعليم المنفتح (Liberal Education)، إضافةً إلى أن هذه الدراسات تحظى بإقبال العدد الأكبر من الطلاب؛ ما يُعزِّز احتمال أن تتبع المؤسسة الجامعية بأكملها توجُّه تدريس (ريادة الأعمال).
  2. 2- تكوين فريق مشترك من الأكاديميين ورواد الأعمال، فهذه الشراكة ضرورية لإرساء منهج دراسي متوازن، يجمع بين التطبيقات العملية والمرجعية الأكاديمية. ولقد تمّ تجريب هذا الأسلوب لسنوات عدة في جامعة هارفارد وكلية بابسون، وأثبتت التجربة أن فرصة تدريس طلاب مبدعين، جعل من تدريس (ريادة الأعمال) تجربة ثرية للأكاديميين؛ ما جذب بعض الأكاديميين المشهورين إلى هذا البرنامج.
  3. 3- الاهتمام بتدريس الأساسيات؛ وسرد المؤلفان تجربتهما في طرح مقرّر لـ(ريادة الأعمال)، حيث قاما بالتركيز على ستة موضوعات: الابتكار، والإستراتيجية، والتسويق، والمالية، والتنفيذ، والأخلاقيات. وقد وضّح المؤلفان طبيعة كل موضوع من هذه الموضوعات وسبب اختياره ضمن المنهج الدراسي.
  4. 4- استخدام عدد متنوِّع من التقنيات؛ فتعتمد (ريادة الأعمال) على الاتصال، ولا يُمكن تدريسها فقط في الفصول الدراسية باستخدام الطرق التقليدية؛ لذا فقد استخدم المؤلفان في تدريس هذا المقرّر طرقاً مختلفة، تجمع بين الفصول الكبيرة، وشعب المناقشة الصغيرة، ودعوة محاضرين خارجيين، وعقد ورش عمل متخصِّصة، وتنفيذ برامج تدريب، وغير ذلك من وسائل تُيسِّر المشاركة والحوار واستخدام تقنيات التواصل الحديثة.
  5. 5- تأمين الأدوات العملية، فمن المهم تزويد الطلاب بمهارات عملية تتطوَّر مع الممارسة، ومنها الإيجاز في شرح الأفكار وعرض المشاريع واستخدام تقنيات العرض المرئية والمسموعة.
  6. 6- تحديد حجم الالتزام؛ فمستوى التدريس وجودة البرنامج يتأثران سلباً مع ازدياد عدد الطلاب، كما أن التكلفة لهذا البرنامج مرتفعة، واجتذاب المواهب القادرة على تطوير برنامج تدريس (ريادة الأعمال) تحمل الكثير من التحدِّي.
  7. 7- التواصل مع كليات خارج كليات الآداب والعلوم؛ فعلى الرَّغم من تأكيد المؤلفين على أن البداية المناسبة لبرنامج تدريس (ريادة الأعمال)، هي في كليات الآداب والعلوم، إلاّ أن الهدف هو تأسيس (جامعة ريادة أعمال)؛ ما يجعل من الضروري تدريس (ريادة الأعمال) في إطار البيئة الجامعية كلها.

الفصل العاشر: المساءلة

بيَّن هذا الفصل الفرق بين الحال في الشركات وبينه في الجامعات؛ ففي الأولى تكون قضية المساءلة وتحديد معايير الأداء مباشرة وواضحة، في حين يكون الأمر صعباً في الجامعات، إلاّ أن قضية المساءلة وتحديد معايير الإنجاز أصبحت مهمة ليس فقط داخل الجامعات، ولكن أيضاً للرأي العام والمانحين والقطاع الحكومي وواضعي القوانين الضريبية، وغيرها والنواب في الكونجرس والأجهزة الفيدرالية.

ولو تقدم مدير، أو عميد، أو رئيس جامعة بالسؤال: “كيف ؟” فسيتبع هذا السؤال وقفة طويلة، ثم المبادرة بمجموعة من التساؤلات: 

كيف أداؤنا بخصوص ماذا؟ وعلى من يعود الضمير في قولكم “أداؤنا”؟ وعن أي حقبة زمنية وجهتم سؤالكم؟ ومن أين نبدأ لكي نقدم إجابة عن سؤال الأداء ومؤشِّرات النجاح في الجامعات؟ لقد أوضح المؤلفان أنه قد يكون من المغري، الانطلاق من مراجعة التصنيفات العالمية، وتحديد العناصر ذات العلاقة بالجامعة، ومن ثم تطوير مبادرات تؤثر إيجاباً في ترتيب الجامعة، مع وضع معايير لمتابعة التقدّم في التصنيفات، إلاّ أنهما يعتقدان أن هذا التوجُّه فاشل لأسبابٍ عدَّة: منها أنه يُمثّل تنازلاً لجهاز خارجي فيما يخصّ الأسئلة المهمة التي تواجه الجامعة، وهو أيضاً يستبعد تطوير إستراتيجية متميّزة متوافقة مع قدرات الجامعة وجغرافيتها وتاريخها وتقاليدها، والأهم من ذلك، أنه يوقع الجامعة في فخ تنفيذي، حيث تُصبح الوسيلة الوحيدة للتميّز هي مقارعة نظرائها فيما يُشبه سباق سلاح. وهناك أيضاً طرق أخرى فاشلة، مثل التأثير على الأجهزة الحكومية أو القانونية، أو محاولة استرضاء طلاب جدد وجذبهم للالتحاق بالجامعة.

وللإجابة عن مثل تلك التساؤلات المتعلقة بالمساءلة، فإن رائد الأعمال ينطلق في تعريف النجاح من اتجاه معاكس، منجذباً نحو الابتكار وليس التقليد، فهو يُحدّد ماهية النجاح قبل أن يضع مؤشّرات قياسه، وبعد تحديد أهداف واضحة، فإنه يشرع في تأسيس معايير لقياس الأداء؛ وهذا يجعل (فكر ريادة الأعمال) مهتمًّا بالإستراتيجية التي تتضمّن مجموعة أنشطة محدَّدة تتضافر مع بعضها بعضاً، حيث يُصبح من السهل بعد ذلك وضع معايير بسيطة لنتائج الخطة الإستراتيجية.

تطرَّق الفصل أيضاً إلى الصعوبات التي تعوق وضع إستراتيجية للجامعة، وتؤثر على تنفيذها؛ نظراً لما تتمتَّع به الأقسام والكليات وأعضاء هيئة التدريس من استقلالية ومقاومة لأيّ توجه لا يتمّ إقراره بالإجماع، وفي ضوء تلك الصعوبات طرح المؤلفان حلولاً تتعلق بخصائص الإستراتيجية واتساعها؛ لتسمح بالتنوّع والابتكار وفرص الحوار، التي تعكس قيم الجامعة ونقاط ضعفها وقوتها.ربما تستغرق عمليات التغيير عامين دراسيَّين على الأقل: الأول لتطوير الإستراتيجية الخاصة بالجامعة وتحديدها. والثاني لتطوير الخطط الإستراتيجية الداعمة. 

وهنا يتضح أن المفهوم الذي لا يتغير هو أن لكل مؤسسة اجتماعية مهمة، لوحة مؤشراتها الخاصة، وأن بإمكان كل هؤلاء الذين يتولون عملية القيادة تقديم إجابة للسؤال ” كيف أداؤنا؟”.

ويرى المؤلفان أن من أصعب العقبات ما يتعلَّق بمفهوم “المقايضة”، حيث ينبغي تحديد الأهداف التي تتنازل الجامعة عنها نظراً لضرورة التركيز على عدد محدود من الأهداف، دون النظر إلى كبر حجم الجامعة ودرجة تعقيدها، وفي نهاية الفصل، وضع المؤلفان تصوّراً نظريًّا، يُمكن بواسطته جمْع ما تتميّز به الجامعة من تنوّع وخصائص الاستقلالية، والحرص على الإجماع، حيث يخلص هذا التصوّر إلى التقدّم نحو أهداف مشتركة، ومعايير تتبلور في أثناء تطوّر العملية؛ لتجتمع حول رؤية عامة للجامعة، يتمّ تأسيسها وتطويرها من قبل الأكاديميين، بدلاً من أن تُفرض عليهم من الخارج.

الفصل الحادي عشر: المانحون الجدد وتطوير الجامعة

اهتم هذا الفصل بذكر خصائص الفئة الجديدة من المانحين والمؤسّسات الخيرية، التي تنجذب إلى الجامعة الحريصة على أن تكون محرّك ابتكار عبر تصدّيها بـ(عقلية ريادة الأعمال)، إلى مشكلات العالم الكبرى، ووضّح المؤلفان أنه بقدْر ما تتمكّن الجامعات من الاقتراب من هذه الرؤية، بقدْر ما يتجاوب معها المانحون الجدد بالدعم. وقد ُبيَّن هذا الفصل أن المانحين الجدد يضمّون الشريحة الثرية، كما ينضوي في هذا الإطار الجديد عامّة الناس، وكلتا الشريحتين جديرتان بالاهتمام؛ ففي القمة هناك أصحاب الملايين والمليارات من أمثال بيل جيتس، وفي المستوى العادي هناك ملايين الأفراد المتواصلين مع وسائل التواصل الاجتماعي التي تزداد اتساعاً وتعقيداً، وهم يرغبون في تقديم تبرعات صغيرة بشكلٍ منتظم؛ للإسهام في التأثير على مجريات العالم. ولقد اتضحت أهمية هذه الشريحة في الحملة الانتخابية للرئيس أوباما في عام 2008م. وبرأي المؤلفين، فإن هؤلاء المانحين الجدد هم عملاء المستقبل، وينبغي على الجامعات أن تُقّدم لهم مٌنتجاً لأنهم على وعي بمتطلبات سوق العمل، ويحرصون على التأثير، ويهتمُّون بتعظيم نتائج الدعم المادي الذي يمنحونه. وسرد هذا الفصل نموذج بيل جيتس ومؤسَّسته الخيرية ودوافعه ورؤيته.

وبشكلٍ عام فإن على الجامعات أن تُدرك أن المانحين الجدد يريدون الاستثمار في حلّ مشكلات العالم، ويحرصون على النتائج القابلة للقياس، وأكّد المؤلفان أن المؤشّرات تدلُّ على أن هذه التوجّهات بدأت تتغلغل أيضاً في المؤسسات التقليدية والحكومية، كما أوضح المؤلفان أن لدى الجامعات كل المقوّمات اللازمة لإرضاء مطالب المانحين الجدد، والمطلوب هو التزام بالابتكار و(عقلية ريادة الأعمال)، والرغبة الدائمة في التنفيذ.

وقد أورد هذا الفصل تجربة جاري بار (Gary Parr)، أحد المانحين الجدد، ويخلص إلى أربعة دروس مستفادة منها، وهي:

  1. 1- من المهم فهم أهداف المانح ودوافعه منذ البداية، واستمرار التواصل مع هذه الأهداف في أثناء تغيّرها مع مرور الزمن، فكلما استطعنا قياس التقدّم في حل المشكلة المطروحة، كان ذلك داعياً إلى التزام المانح ومشاركته.
  2. 2- البدء على مستوى صغير وأخذ بعض المجازفات في الإنفاق المادي، مع مشاركة كاملة من قبل المانح حتى يتبلور نموذج مستديم. 
  3. 3- وضع المانح في شراكة مع شخص أكاديمي، ذي نزعة نحو ريادة الأعمال، حيث يكون بإمكانه الجمع بين المصداقية الأكاديمية، والرغبة في تحقيق نتائج سريعة في توافق مع توجهات المانح.
  4. 4- الإدراك بأن العملية قد تستغرق عشرة أعوام، وسوف يعترضها بعض الفشل.

أما بالنسبة للمانحين ذوي الإسهامات الصغيرة، فقد أوضّح المؤلفان أن الصورة ليست تامًّة الوضوح بالنسبة لهم، حيث إنه مجال جديد؛ لذا فإنهما يوصيان بإجراء مزيد من الدراسات وتجارب أوسع نطاقاً وأشمل، مع تنامي الفرص وتعدّد وسائل التواصل الاجتماعي؛ فسيكون بمقدور الجامعات التي تُصبح محرّكات ابتكار، وقادرةً على التأثير على مشكلات العالم الكبرى بشكلٍ متكرر، أيضاً أن تولّد نسبة من نفقاتها عن طريق شبكة المعلومات.

الخاتمة

اختتم المؤلفان كتابهما بتأكيد تفاؤلهما بدور الجامعات، على الرغم من التحدّيات الكبرى التي تجابهها في ظلّ الاختناقات المالية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية، وحسب رأيهما، فإن على الجامعة أن تُعيد اختراع نفسها وتستجيب للمشكلات الخطيرة المعاصرة؛ وهذا يعني أن عليها أن تقوم بمهام أكبر بميزانيات أقلّ، وهذا يتطلّب (عقلية ريادة الأعمال)، كما يعني أن على الحوار أن يتجاوز نطاق البيئة الأكاديمية ليضمّ رواد الأعمال.

ستتطلّب تلك الأهداف عملية مختلفة في كل مدينة جامعية، حيث لن يكون هناك نموذج واحد صالح للجميع، فليس لدى المؤلفين وصفة للنجاح، ولكن يكمن التحدّي الحقيقي – في رأيهما – في إيجاد ثقافة في المدينة الجامعية، تحترم الجامعة ونقاط قوتها التقليدية، وفي الوقت نفسه تحتضن طرق التفكير التي لا تكون عادةً متوافرة في البيئة الأكاديمية؛ وبهذا فإنهما لا يزوِّدان القارئ بخريطة طريق فحسب، وإنما يُقدّمان بوصلة ثابتةً عند القيم الأساس، وتُوجه نحو الفاعلية العالية في التدريس والبحث.

إن (فكر ريادة الأعمال) برأي المؤلفين، هو غالباً العنصر المفقود الذي يُحوّل الرؤية إلى واقع عند إضافته إلى أفكار العمل الأكاديمي واكتشافاته، وهو القادر على وضع حدٍّ للجدل التاريخي في الجامعات، بين من يتبنّون مقولة (المعرفة للمعرفة)، وبين الذين يعتقدون أن البحث القادر على حلِّ المشكلات هو الجدير بالدعم؛ فرائد الأعمال يختطُّ (طريقاً ثالثاً)، حيث يبدأ بالمشكلة أو بالعميل المطلوب إرضاؤه، ومن ثم ينطلق دون قيود لحشد الموارد في اتجاه تحقيق الهدف، ويقود هذا إلى (الهدم الانتقائي)، حيث تتمُّ المحافظة على التخصُّصات، التي تحتلُّ قلب أيَّ مؤسسة أكاديمية، وفي الوقت نفسه فإنه يتمُّ التخلُّص من (الفكر الصومعي)، الذي يُقيّد التعاون نحو تأسيس (التخصُّصات البينية).

في ظلّ هذا التوجُّه، فإنه ينبغي أن يكون هناك مكان لرواد الأعمال داخل المؤسسة، وهذا يتحقَّق في بعض الحالات، عبر ضمّ أشخاص لهم خلفية في ريادة الأعمال، إلى مواقع قيادية بوصفهم أعضاء هيئة تدريس ومتعاونين، وفي حالات أخرى، يتحقّق باعتناق العقلية التي ترى في التغيير فرصة للتعامل مع التحدّيات الصعبة، دون توافر كل الموارد اللازمة لذلك، وعندما يتمُّ هذا فإن أداء الجامعة يُصبح أشدَّ تأثيراً، وتبدأ ثقافة الجامعة في التغيّر؛ لتفسح المجال لروح (ريادة الأعمال) التي هي بطبيعتها روح متفائلة ومعتنقة لأفكار عظيمة، كما أنها لا تهاب الفشل؛ لأنه سبق لها أن مرّت بالتجربة واستمرت لتواصل مهمتها.

قالوا عن الكتاب..

«هناك عدد متزايد من الأصوات التي تؤكد أن حل مشكلات العالم الكبرى يكمن في التفكير الابتكاري، الذي يمكن ايجاده وتنميته من خلال الجامعات البحثية. ويأتي في مقدمة هذه الأصوات مؤلفا هذا الكتاب، هولدن ثورب (Holden Thorp)، وباك جولدستاين (Buck Goldstein)، اللذان استطاعا تقديم حلول وحجج مقنعة في كتابهما محركات الابتكار». 

Business and Education مجلة الأعمال والتعليم

«استطاع ثورب وجولدستاين أن يضعا مكانة قوية لرؤيتهما».

Raleigh News & Observer صحيفة

« يغطي هذا الكتاب أهمية المشاريع، والقيادة، وثقافة التغيير، والمسؤولية، وأكثر من ذلك بكثير.. هو بمثابة مدخل حيوي لأي مجتمع، بحيث تتميز بإلقاء نظرة ثاقبة على مستقبل التعليم والتغير الاجتماعي».

Midwest Book Review ميدويست

«استطاع ثورب وجولدستاين أن يصيبا الهدف؛ فتشجيع الابتكار في مجال التعليم العالي يعد واحداً من أفضل الأشياء التي يمكننا القيام به لبلدنا على صعيد المنافسة العالمية والمستقبل الاقتصادي، وهذا الكتاب هو الذي يشير إلى كل ذلك».

Michael R. Bloomberg ميخائيل بلومبرغ، عمدة مدينة نيويورك

«استطاعت الجامعات من تحقيق الحلم الأمريكي، وهي تعد من بين أعظم نقاط القوة لأمتنا، ولكن التكاليف المترتبة على التعليم الجامعي قد ارتفعت بصورة كبيرة، وهنالك ضغط تقريباً على كل مصدر تقليدي للإيرادات. ويجب على الجامعات أن تحول نفسها، إلا أنها تواجه عقبات عديدة من أجل التغيير – أولها أنظمتها التعليمية. هذا الكتاب، الذي كتب على يدي جيل جديد من رؤساء الجامعات المبتكرين جنباً إلى جنب، مع تطبيق لمشروع رأسمالي رائد، يصف كيف يمكن للجامعات أن تبدأ أولى خطاها في مسار جديد كلياً، وهو مليء بالأفكار للقادة الجامعيين، ومجالس الأمناء والخريجين، والداعمين، ومجتمع الأعمال ».

ميخائيل بورتر، والمطران وليام لورانس، أستاذان جامعيان في مدرسة هارفارد للأعمال

Michael E. Porter, Bishop William Lawrence University Professor, Harvard Business School

«استطاع ثورب وجولدستاين أن يبعثا رسالة عاجلة في الوقت المناسب، وهي: يجب تحويل الجامعات الأمريكية بشكل أساسي؛ وذلك من أجل ضمان زعامة الولايات المتحدة الأمريكية على صعيد المنافسة العالمية في القرن الحادي والعشرين. ببساطة، إذا قامت الكليات بتعزيز ثقافة العمل الحر، سوف يزدهر الابتكار داخل مؤسساتنا الأكاديمية، وعلى نطاق أوسع في جميع المجالات الاقتصادية، هذا الكتاب المتميز يمهد الطريق إلى الأمام».

جون دينيستون، شريك في شركة كلاينر بيركنز كوفيلد أند بايرز

John Denniston, partner at Kleiner Perkins Caufield & Byers

«كتاب محركات الابتكار يلهم الجامعات ويدلها ويحفزها على التعاون، والبناء، والاستدامة، والتكلفة، ويزودها بالتفاصيل العملية لتصميم وتحقيق أقصى قدر من إمكانات البرامج الريادية. ويعدُّ هذا الكتاب مصدراً ممتازاً لمساعدة الجامعات على التواصل مع العالم خارج المدن الجامعية».

ديبورا هوفر، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة بيرتون مورغان

Deborah D. Hoover, president and CEO of The Burton D. Morgan Foundation

«مجهز بأفكار حول كيفية تحويل الجامعات إلى منابع من الحلول للمشاكل العالمية».

ديفيد بورنستين، مؤلف كتاب (كيف نغير العالم: ريادة الأعمال الاجتماعية وقوة الأفكار الجديدة)

David Bornstein, author of How to Change the World: Social Entrepreneurs and the Power of New Ideas

«إنه من المعروف على نطاق واسع، بأن الرواد المبتكرين يؤدون دوراً حاسماً في التقدم التقني والنمو الاقتصادي في مجتمعنا. وبمساعدة هذا الكتاب الممتاز، يمكن للكليات والجامعات أن تبدأ بتصميم ووضع برامج ريادية بشكل أكثر فاعلية».

وليام باومول، المدير الأكاديمي لمركز بيركلي للريادة والابتكار، جامعة نيويورك

William J. Baumol, academic director of the Berkley Center for Entrepreneurship and Innovation, New York University

نبذة عن المؤلفين

هربرت هولدن ثورب

 ولد هربرت هولدن ثورب في أغسطس عام 1964م، وهو كيميائي، ومخترع، وموسيقار، وأستاذ، ورجل أعمال، وهو المستشار العاشر والحالي لجامعة كارولاينا الشمالية (UNC)، في تشابل هيل. وكان ثورب قد خلف جيمس مويسر، وكان حينها من بين أصغر مستشاري الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، شغل منصب عميد كلية الآداب والعلوم عند اختياره لمنصب مستشار الجامعة، وكان حينها أستاذ كرسي كنان في الكيمياء في الجامعة، وكان قد حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وكان زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل.

حصل ثورب على الجائزة الرئاسية للباحث الشاب في عام 1991م، وفي وقت لاحق من العام نفسه، كان ثورب من بين عشرين شخصاً حصلوا على منحة مالية من قبل مؤسسة ديفيد & لوسيل لأبحاث المركّبات المستخدمة في العلاجات الجينية، التي عدّت من العلاجات البديلة للعلاج الكيميائي المستخدم في أمراض الأيدز والسرطان.

باك جولدستاين

 باك جولدستاين هو رائد الأعمال المقيم في جامعة كارولاينا الشمالية، وأستاذ التطبيقات لكلية الاقتصاد فيها، وكان قد انضم إلى هيئة التدريس في الجامعة عام 2004م؛ للمساعدة في بناء مبادرة كارولاينا الريادية؛ بهدف نشر مفهوم المشاريع الريادية وتنظيمها على نطاق واسع، حيث تعد جزءاً من النسيج الفكري للجامعة. وقد عُرف هذا المنهج المشاريعي في جامعة كارولاينا الشمالية، بوصفه واحداً من أفضل المناهج الوطنية التي اتبعتها البلاد.

وجولدستاين هو المؤسس المشارك لمعلومات أمريكا، شبكة قاعدة البيانات التجارية، التي انخرطت منذ خمسة عشر عاماً في أعمال تمويل المشاريع، ورعاية الشركات العامة، إلى أن تملكتها مؤسسة طومبسون (Thomson Corporation)، وأصبح لاحقاً شريكاً في مشاريع ميلون (Mellon Ventures)، ذراع رأس المال الاستثماري لبنك ميلون، حيث قدم خبراته للعديد من المجالس التأسيسية لشركات المعلومات في مراحلها المبكرة.

 مرصد التعليم العالي، المملكة العربية السعودية

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *