التحوير الوراثي وخطره على البيئة والصحة

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » التحوير الوراثي وخطره على البيئة والصحة

التحوير الوراثي وخطره على البيئة والصحة

يعتبر البحث عن القيمة الغذائية العالية ذات التكلفة المنخفضة، ومقاومة هذه النباتات للإصابة بالحشرات والفيروسات النباتية وبعض الأمراض، وتحقيق الزيادة في الإنتاج الغذائي بفضل الرفع من مقاومة المحاصيل للمبيدات.. مجموعة من الخطوات التي تبنتها العديد من السياسات بغية الخروج من بعض الأزمات الاقتصادية أو مواجهة تداعياتها. إلا أن كل هذه “النوايا الحسنة” لم تشفع للمواد المعدلة وراثيا لجعلها في منأى عن اللغط والجدال حول تهديدها للصحة العامة والبيئة ، والوقوف منها موقفا غير موحد، تأرجح بين القبول والرفض.   

وتعتبر الدول الغربية، مقارنة بالدول النامية والمفتقرة لهذه الأساليب الهندسية لسد عجزها الغذائي، هي الأكثر لجوءا إلى تقنية التحوير الوراثي أو ما يعرف بالمواد المعدلة وراثيا، قصد استخلاص بذور جديدة وفق تكنولوجيات حديثة. إلا أنه يلاحظ على الدول الأوربية أنها كانت حريصة في تعاملها مع تقنية الهندسة الوراثية، على تحري تأثيرات هذه المواد على صحة الإنسان وكذا توازن البيئة، رغم أنها كانت السباقة إلى اكتشافها.

وقد أثرت ضبابية الرؤية العلمية لهذه التقنيات، بسبب افتقارها إلى معلومات علمية دقيقة ومؤكدة، على موقف الدول من التحوير الوراثي وتأثيره على صحة المستهلك وبيئته، مما ولد جدلا عميقا وتضاربا في المعطيات حول إثبات سلامة هذه المواد أو تأكيد خطورتها. ولهذا نجد أن الدول الأوربية تتخذ موقفا متشددا إزاءها، وبالتالي تلزم التجار والموزعين بضرورة إلصاق شريط المعلومات الذي يشير إلى كون المنتوج معدلا وراثيا. في حين تتصرف الدول الأمريكية على النقيض من ذلك بحيث أنها تعتبر المستهلك رقم واحد لهذه المنتجات، في ظل وجود الثقة بين المنظمات الحكومية والمستهلك الأمريكي من جهة، ولا تُلزمها إدارة الأغذية والأدوية بالملصقات إلا إذا أقرت الجهات الوصية بوجود احتمال خطر على الصحة البشرية من جهة أخرى.

ويثار الخلاف حول التحوير الوراثي ومدى تسببه في تلوث البيئة وتدمير الصحة البشرية بالتعاطي لهذه المواد المعدلة وراثيا، وجيناتها المتسببة في إضعاف مناعة جسم الإنسان/المستهلك. فتغيير التركيب الجيني للنباتات أو بعض المواد الغذائية، يعتبره البعض مضرا بصحة المستهلك وبالتالي يخلق نوعا من الحساسية الناتجة عن التركيز الداخلي للبروتين أو بسبب إدخال المورثات الجديدة، في حين يرى العالم ستيفن نوتنغهام في كتابه «طعامنا المهندس وراثياً» والمترجم إلى العربية، أن التركيبة غير الطبيعية لهذه الأطعمة تفرض عرضها لمراقبة دقيقة بسبب عملية نقل الجينات وما قد تحمله من آثار، مستبعدا فرضية خطورة استهلاك هذه المواد وتأثيرها على الصحة، وموضحا أن نسبة انتشار الربو وأمراض الحساسية في البلدان الصناعية، سببه التغيرات البيئية ونمط العيش والأنشطة البشرية الملوّْثة للبيئة.

وإلى جانب موضوع الحساسية، تثار مشكلة سمية الجينات الغريبة المستعملة في تحوير النبات وتأثيرها على المستهلك، أو الزيادة في نسبة السموم الطبيعية التي تفرزها بعض النباتات، رغم تأكيد أهل الاختصاص على عدم وجود دراسات وأبحاث تثبت ذلك. أما مدى خطورتها على البيئة، فيبررها البعض بحصول خلل في نظام التوازن البيئي الإحيائي، لأن قفز الجينات من النباتات المهندسة وراثيا، إلى بعض الأنواع البرية القريبة منها، يحمل فرضية تحويلها إلى حشائش لن تفيد معها المبيدات الحشائشية. وأيضا تتسبب في قتل الكائنات الحية الدقيقة الموجودة بالتربة عبر تسرب السموم التي تفرزها الجينات الضرورية لعملية التهجين، وبالتالي فإن النباتات المهندسة وراثيا تمثل تهديدا للنباتات البرية. إضافة إلى أن هناك تخوف من كون رش النباتات المعدلة وراثيا، من شأنه إكساب الحشائش البرية مقاومة المبيدات.

فاطمة الزهراء الحاتمي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *