ضمان حقوق الإنسان مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية - 11/16

الرئيسية » الأعمدة » بصائر » ضمان حقوق الإنسان مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية – 11/16

ب ـ العدالة:

1ـ العدالة في التوزيع:

(مفهوم القَسْم) بين المسلمين، ومثال أراضي سواد العراق الرائع، حيث لم يوزعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين الفاتحين، وإنما وزعها على أهل العراق.

2ـ العدالة الكونية:

حلف الفضول «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت»[1] ويدخل في هذا: الوفاء بالعهود(الآليات والالتزامات والعقود بعد المصادقة عليها) ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

3ـ العدالة التصحيحية:

والأصل فيها قوله تعالى( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) [الأنبياء 78 ـ79] حيث تروي كتب التفسير مراجعة سليمان عليه السلام لأبيه نبي الله داوود عليه السلام في الحكم، مما يعد نواة مقدرة للعدالة التصحيحية.

قال صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر، إنما أنا أقضي بينكم بما أسمع منكم ، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من أخيه فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ، فإنما أقطع له قطعة من النار» [2]

وكتب الفقه طافحة بذِكْرويدلُّ على رجوع القاضي عن حُكمه في هذه الحالات ما ورد في كتاب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إلى أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – حيث قال فيه: «ولا يمنعك قضاءٌ قضيتَ فيه اليوم فراجعتَ فيه رأيك، فهُديت فيه لرشدك، أن تُراجع فيه الحق، فإنَّ الحق قديم لا يُبطله شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل»[3]

[1] ـ‏‏‏  أخرجه البيهقى في سننه 6/  267، وابن سعد في الطبقات الكبرة 1/128-129

[2] ـ أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه فإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، رقم 6759

[3] ـ ومما يشهد له ما رواه الإمام البيهقي: أن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: “كيف تقضي إن عرض لكَ قضاء؟”، قال: أقضي بكتاب الله، قَالَ: “فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِى كِتَابِ اللَّهِ”، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَلاَ فِى كِتَابِ اللَّهِ”، قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – صدره وقال: “الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرْضي رسولَ الله” أخرجه البيهقي في “السنن الكبرى”، (ج10 ص150)، والدارقطني في سننه، (ج4 ص206)، و”إعلام الموقعين”، (ج1، ص92)، و”أخبار القضاة”، (ج1 ص72).

وما رواه عمرو بن العاص – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: “إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ، فله أجر”. أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الاعتصام – باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب وأخطأ (ج8 ص157)، ومسلم في صحيحه – كتاب الأقضية – باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (ج2 ص56).

وكتب الفقه طافحة بذِكْروكتب الفقه طافحة بذِكْر الأمثلة على ذلك من فعْل الصحابة – رضي الله عنهم – ومنهم حُكم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في المشرَّكة، حيث حكم بإسقاط الإخوة الأشقاء ثمَّ شرَّك بينهم وبين الإخوة لأمٍّ في قضية أخرى رُفعتْ إليه، ولم ينقض حكمه الأول، وإنما قال: “تلك على ما قضيْنا، وهذه على ما نقضي” أخرجه البيهقي في السنن الكبرى – كتاب الفرائض – باب المشرّكة – (ج6 ص255)، وعبدالرزاق في مصنفه – كتاب الفرائض – (ج10 ص249، 250)،

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: “فأخذ أميرُ المؤمنين في كلاَ الاجتهادَين بما ظهر له أنَّه الحق، ولم يمنعه القضاء الأوَّل من الرجوع إلى الثاني، ولم ينقض الأول بالثاني، فجَرَى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلين”ـ. إعلام الموقعين 1/111.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *