جيل الإنترنت: كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا

الرئيسية » إعلام ورقميات » جيل الإنترنت: كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا

جيل الإنترنت: كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا

صدرت مؤخراً الترجمة العربية لكتاب دون تابسكوت “جيل الإنترنت: كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا “والتي قام بها حسام بيومى محمود، عن دار كلمات عربية. ويعتبر دون تابسكوت أحد الشخصيات الرائدة في العالم والمؤثرة في مجال الإبداع والإعلام والتأثير الاقتصادي والاجتماعي للتكنولوجيا (1)، ويعتبر تابسكوت خبيرا كبيرا في هذا المجال حيث شارك في تأليف ثلاثة عشر كتابًا عن دور التكنولوجيا في المجتمع وتطبيقها في مجال الأعمال.

اعتمد تابسكوت في كتابه جيل الإنترنت على دراسة بحثية تكلفت 4,5 مليون دولار، استطلعت فيها آراء ما يزيد على 11 ألف شاب من أبناء جيل الإنترنت، وتناولت الطريقة التي يغير بها جيل الإنترنت العالم بكل مؤسساته. كما كان كتاب ويكينوميكس (اقتصاد الويكي) – الذي شارك في تأليفه مع أنتوني ويليامز – من الكتب الأكثر مبيعاً في العالم، والأول في مجال الإدارة عام 2007، وتُرجم إلى أكثر من 20 لغة.

وتظهر أهمية الدراسة من خلال شهادات خبراء أكاديمين وميدانين في مجالات المعرفة والاقتصاد الرقمي، إذ يقول إريك شميث الرئيس التنفيذي لجوجل:” مرة ثانية، يرصد دون تابسكوت شيئا من روح العصر، حيث يظهر هذا الكتاب قوة جيل الإنترنت التي تغير العالم، والطريقة التي يعيد بها هذا الجيل التفكير في كل شيء، من التعليم إلى الحياة المنزلية إلى مشاركة المواطنين …”. ويؤكد بيل ديما وهو مسؤول تنفيذي كبير ومدير سابق في 55 شركة على مدار أكثر من 45 عاما، بأن دون تابسكوت في كتابه جيل الأنترنت ” يصف ببلاغة وتنوع ثري ما سيمتلكه أبناء جيل الأنترنت- أولئك الذين ولدوا بين عام 1977 وعام 1997… من أثر على مستقبل المجتمع والاقتصاد، وهو يحقق هذا بفطنته المعتادة وبراعته، وعمقه، وروح دعابته”، إلى غير ذلك من شهادات الكبار في علوم الإستراتيجية وفنون القيادة وإدارة الأعمال والديموغرافيا والسياسة والمالية …

ويعتبر الكتاب دراسة إستراتيجية، ابتعدت عن التعقيد الأكاديمي والاصطلاح التقني والعلمي، بحيث حرص تابسكوت على أن يكون سهل الفهم تماما على أي قارئ للأدب الواقعي، وليس المتخصصين فقط، وقد أطلق تابسكوت هذه التسمية جيل الأنترنت في كتابه نشأة الجيل الرقمي والذي ألفه بين عام 1996 وعام 1997 والذي صرح فيه بأن” أبناء اليوم مغمورون في طوفان رقمي حتى إنهم يظنون أن ذلك جزء من الحياة الطبيعية”، ولذلك قدم النصح مبكرا بقوله:” فليفسح جيل الآباء الطريق أمام هؤلاء الشباب، الذين يتعلمون ويلعبون ويتواصلون ويعملون ويشكلون مجتمعات بصورة تختلف تماما عن آبائهم. إنهم قوة محركة نحو التحول الاجتماعي”.

لقد كتب دون تابسكوت هذه الكلمات والشبكة العنكبوتية كانت قد ظهرت لتوها، لم تعرف بعد هذا التطور التكنولوجي المذهل، كان العالم شأنا آخر في عام 1997 فيما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية، مازال لم يعرف محركات البحث الضخمة كجوجل، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك أو تويتير أو هواتف البلاك بوري، ومواقع التحميل للملايين من الفيديوهات كاليوتيوب.

يتمتع دون تابسكوت بحس استشرافي بليغ الدقة مرده إلى الخبرة التي راكمها منذ سنين وعكوفه على تتبع معطيات الزمن الرقمي ومواكبتها بالدرس والتحليل والتنبؤ لمساراتها، مما جعل من كتاباته حول الإعلام والشباب والتكنولوجيا الرقمية مصدرا يسترشد به الكثيرون من خبراء التربية وقادة المؤسسات التجارية والحكومية، فقد ذكروا بأنهم قد غيروا الأسلوب الذي يديرون به مؤسساتهم، وأيضا طريقة تعاملهم مع الشباب. (2)

يعتبر دون تابسكوت في كتابه جيل الإنترنت الذي صدر بالإنجليزية سنة 2008، أن جيل الإنترنت قد نضج، وبلغ أكبر أبناء هذا الجيل 31 عاما، وبلغ أصغرهم 11عاما، وفي جميع أنحاء العالم نجدهم يتدفقون في أعداد هائلة إلى أماكن العمل والسوق وكل موقع في المجتمع. إنهم يفرضون على العالم وجودهم الديمغرافي، ويستعرضون ذكاءهم الإعلامي، وقوتهم الشرائية، وأساليبهم الجديدة في التعاون والتربية والاستثمار، ونفوذهم السياسي.

يتميز الزمن الرقمي لجيل الإنترنت بكونه يشكل عالما تفاعليا فائق السرعة، يحيا فيه جيل بأكمله رقميا، يتتبعون فيها أحوالهم وأحوال أصدقائهم وكل ما يعج به محيطهم بشكل مباشر وحي غير متعلق بحيثيات مكانية أو زمانية. مما جعل محللين آخرين يبدون مخاوفهم وانتقاداتهم تجاه هذا الجيل، لخصها دون تابسكوت في عشر تأتي في مقدمتها:

“ابناء هذا الجيل أقل ذكاء مما كنا عليه في مثل عمرهم. فقد ذكر مارك بورلين في كتابه: الجيل الأكثر غباء: كيف يزيد العصر الرقمي الشباب الأمريكي جهلا ويعرض مستقبلنا للخطر، بأن أبناء جيل الإنترنت لايعرفون أي شيء، مما يجعل من تلك الأجهزة الحديثة أدوات تعمق عدم التركيز والانتباه لدى هذا الجيل مما يعرضه لمزيد السطحية والتشتت، وغير واحد من هؤلاء المحللين الاجتماعيين والنفسيين والإعلامين والتربويين أبدى مثل هذا الانزعاج  والخوف على مصير هذا الجيل بأكمله، والذين استقصى دون تابسكوت  حججهم وتقويماتهم ليخفف من وطأتها ويظهر الأشياء من زاوية مختلفة، في كتابه، والذي خلص فيه إلى نتيجة متفائلة مفادها، أن جيل الإنترنت قد جاء، وأنه على الرغم من وجود العديد من المخاوف، فإن أبناءنا بوجه عام في حالة جيدة .

لايتردد دون تابسكوت في إبراز حماسه لجيل الإنترنت وبلغة مليئة بالثقة والأمل فيه حيث يقول:” إن النتيجة التي خرجت بها من البحث نتيجة ملهمة، وينبغي أن تبث في نفوسنا جميعا آمالا عطيمة، فأبناء هذا الجيل العالمي الأول يتسمون بأنهم أذكى وأسرع وأكثر تقبلا للنتنوع العرقي من أسلافهم. إنهم يهتمون كثيرا بالعدالة والمشكلات التي يواجهها مجتمعهم، ويشاركون عادة في الأنشكة المدنية شواء في المدرسة أو العمل أو داخل مجتمعاتهم المحلية…

ومع تناغمهم مع السرعة والحرية، فإن هؤلاء الشباب المؤهلين يبدأون في تغيير كل مؤسسات الحياة المعاصرة، من العمل والأسواق، ومن السياسة إلى التعليم إلى اللبنة الأساسية في أي مجتمع وهي الأسرة، إنهم يستبدلون بثقافة السيطرة ثقافة التكمين”.

يقع  كتاب«جيل الإنترنت: كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا» فى 516 صفحة من القطع الكبير، يتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء الأول بعنوان “الالتقاء بجيل الإنترنت”، والثانى بعنوان “تغيير المؤسسات” والثالث بعنوان “تغيير المجتمع”.
يعتبر مؤلف الكتاب، أن كتابه بمثابة دليل للآباء لأبنائهم، مؤكدا أن جيل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين الإحدى عشر عام والثلاثين يستخدمون الانترنت فى 5 استخدامات وأكثر كل فى آن واحد، وهذا الكتاب يقدم رؤية ثاقبة ووجد أن هؤلاء الشباب ليسو مرفهين ولا مدللين، وتوصل إلى أيضا إلى أنهم يعرفون كيف يستخدمون طرق جديدة ثورية للتفكير والتفاعل والعمل والمشاركة الاجتماعية.
وضع المؤلف فى كتابه بعض الإرشادات التى يستطيع من خلالها الجيل الخمسينى والستينى التعرف على كيفية التعامل مع هذا الجيل.

 

(1) – يقدم تابسكوت استشاراته لكبار رجال الأعمال والمسئولين الحكوميين في كل أنحاء العالم، ويعمل تابسكوت رئيسًا لشركة نيو باراديجم البحثية التي أسسها عام 1993، واستحوذت عليها شركة إن جينيرا عام 2007. وهو أيضًا عضو في المنتدى الاقتصادي العالمي، ويعمل أستاذًا مساعدًا بكلية روتمان للإدارة بجامعة تورونتو.

(2) – دون تابسكوت، الجيل الثالث:ص29

عبد الصمد غازي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *