مر ما يقرب من شهرين بعد تحليق طائرة خفيفة صغيرة ذات مقعدين، كانت تستخدم الطاقة الكهربائية، في سماء منطقة بوردو بفرنسا. وقد تؤدي التقنية المستخدمة فيها إلى صنف جديد من طائرات الركاب الهجين، ففي يوم ما ستكون الطائرة التي ستستقلها لقضاء عطلتك في الخارج من النوع «الأخضر» التي تعمل بالتيار الكهربائي.
طائرات كهربائية
الطائرة الرشيقة هذه تدعى «إي – فان» (E – Fan) من إنتاج «إيرباص» صانعة الطائرات الفرنسية، وهي مصنوعة من الألياف الكربونية، ومزودة داخل جناحيها ببطاريتين من الليثيوم، زنة كل منهما 65 كيلوغراما، تشغل كل منهما محركا كهربائيا بقوة 30 كيلواط. وهي تحلق بسرعة 185 كم/ ساعة لمدة ساعة كاملة. ورغم أنها لن تربح أي جائزة على صعيد السرعة، أو التحمل، فإنها خطوة أولى في برنامج تطويري قد يؤدي إلى طائرات كهربائية أكبر مزودة بالجيل المقبل من بطاريات ليثيوم، ومحركات كهربائية ذات موصلية فائقة.
ورغم أن شركة بوينغ الأميركية، المنافسة لـ«إبرباص»، قد شيدت وجربت طائرة خفيفة كهربائية تعمل بخلايا الوقود في عام 2007، فإن «إيرباص» تقول إن طائرتها «إي – فان» هذه، أكثر من مشروع اختباري. فابتداء من عام 2017 سيقوم فرع جديد في «إيرباص»، يدعى «فولت إير»، بإنتاج وتسويق «إي – فان»، وفقا لجان بوتي الرئيس التنفيذي لمجموعة «إيرباص»، لتعمل كطائرات تدريب للطيارين، وبهدف قطر الطائرات الشراعية، في سوق تهيمن عليها شركة «سيسنا». وفي مرحلة لاحقة، ستستخدم النسخ الهجين من «إي – فان»، التي تتسع لراكبين وأربعة، محركا صغيرا لشحن البطاريات خلال التحليق، لكي تظل طائرة لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة.
لكن طائرة الركاب النفاثة الهجين ستكون الجائزة الكبرى الأخيرة. فما «إي – فان» سوى السلف الصالح لطائرة أكبر للنقل المحلي، وفقا لبوتي. ففي برنامج بحث يدعى «إي – ثرست E – Thrust» (الدفع الكهربائي)، ترمي «إيرباص» إلى إنتاج طائرة ركاب هجين تتسع لـ80 راكبا يمكنها القيام برحلات سريعة قصيرة في المناطق المحلية، تماما مثل مبدأ سيارات «برايوس» من «تويوتا».
وتجري «بوينغ» أيضا أبحاثا على طائرة هجين كهربائية تصممها بالتعاون مع «ناسا»، تتسع لـ150 راكبا، رغم أن مخططاتها هذه متأخرة قليلا. «أما نتائج هذه الاختبارات، فتنتظر المزيد من التحليلات»، وفقا لناطق بلسان الشركة، سئل عن مصير اختبارات الطائرة الكهربائية الخفيفة التي حلقت عام 2007. ويبدو أن «بوينغ» تركز على أساليب أخرى تقلل من الانبعاثات باستخدام طائرتها الجديدة (787).
توليد الكهرباء
أما «إيرباص»، فما تزال ماضية في مشروعها هذا. فهي تخطط في استخدام محرك «رولس – رويس» النفاث على طائرة «إي – ثرست»، لا لتوليد القوة الدافعة، بل لإنتاج الكهرباء. فهذا من شأنه شحن البطاريات بصورة مستمرة لتشغيل مجموعة من ست مراوح. لكن الانتقال من طائرة ذات مقعدين، إلى طائرة ذات 80 مقعدا، أمر معقد، كما يقول بوتي في حديث نقلته مجلة «نيوساينتست». فرغم أن طائرة «إي – فان» مزودة بمحركين يولدان 60 كيلوواط من القوة، فإن «إي – ثرست» ستحتاج إلى ما مجموعه أربعة ميغاواط، أي نحو 670 كيلوواط لكل محرك من المحركات الكهربائية الستة. وهذا يتطلب وجود تيار عال جدا، مما يعني الحاجة إلى جيل جديد من الكابلات الكهربائية، والموصلات، والإلكترونيات، كما يقول بوتي.
وفي مختبر «إيرباص» بميونيخ في ألمانيا، يقدم خبراء المحركات الكهربائية من شركة «سيمينز» يد المساعدة لتطوير أساليب لتسخير الموصلات الفائقة بالنسبة إلى الكابلات ولفائف المحركات الكهربائية. وتأمل «سيمينز» تطبيق بعض أساليبها التي تتناول الطواحين (التوربينات) الهوائية عالية الكفاءة جدا: «فهنالك بعض التشابه»، استنادا إلى بوتي: «لكن خلافا إلى (مولدات الرياح)، علينا تحدي قوة الجاذبية بشكل أمين»، كما يضيف.
لكن كما تقول دليا ديميترو، التي تدرس وقع الملاحة الجوية على البيئة في جامعة «مانشستر متروبوليتان» في بريطانيا، فإنه طالما تقوم «إيرباص» باستخدام المصادر المتجددة من الطاقة لشحن البطاريات عندما تكون الطائرات على الأرض، فإن التقنية تشكل خطوة إيجابية إلى الأمام للحيلولة دون تضاعف الانبعاثات الضارة بالبيئة على ما هي عليه في عام 2000 بحلول عام 2050.
الشرق الأوسط