العلامة الأستاذ عبد الله المرابط الترغي التطواني ينتقل إلى جوار ربه

الرئيسية » علم وحضارة » العلامة الأستاذ عبد الله المرابط الترغي التطواني ينتقل إلى جوار ربه

العلامة الأستاذ عبد الله المرابط الترغي التطواني ينتقل إلى جوار ربه

بقلوب يملأها الإيمان بقضاء الله وقدره بلغنا خبرُ وفاة المحقق الجليل والعلامة المفضال الأستاذ الدكتور عبد الله المرابط الترغي، بمدينة طنجة يوم السبت بتاريخ 6/6/2015، فهزَّ رحيلُه قلوبَ محبِّيه وحرَّك مشاعرَهم وأحزن نفوسهم ، ولكننا لا نقول إلا ما يُرضي الرَّب، “وإنا لله وإنا إليه راجعون”.

لقد كان الدكتور الترغي حجة في مجال الدراسات المغربية: التراثية والمعاصرة، وكان أمةً وحدَهُ في مجال اكتشاف المخطوطات وتحقيقها والاحتفاظ بعدد من مصوراتها النفيسة، وكان مرجعاً متميزاً في الرحلات المغربية والأندلسية، ومؤرخا ثبتاً في مجال التراث الثقافي بصفة أشمل، شهدتْ له الجامعة بالعدد الغفير من الرسائل التي أشرف عليها أو ناقشها، كما شهدت له منابرُ البحث بالعديد من المشاركات المتميزة في المؤتمرات والندوات العلمية.

إذا احتج الدكتور الترغي فوثيقته هي حجته، ومنطقه المقنع هو دليله، في حوار يسمه الهدوءُ واللطف، وابتسامة لا تنفك عنه في الموافقة والمعارضة، أما أفضاله على الباحثين فحدِّث عنها ولا حرج، ولا يفوتني في هذا المقام أن أعترف بجزء من هذا الفضل الذي نالني منه شخصياً، فقد وجد قطعة نفيسة لا أول لها ولا آخر من كتاب نفيس ليس له عنوان ولا أثر يدل عليه، ولكنها قطعة تحتوي على أخبار ليبية مهمة فأمدني مشكوراً بصورة منها.

لقد كانت سعادتي بهذه القطعة كبيرة، لما فيها من معلومات قيمة، ولكن غيابَ عنوانها كان محيراً، وبعد شهور من الحصول على هذه القطعة هاتفني الدكتور الترغي مبشراً بأن كتاباً يسمى (روضة الأزهار لكريم الدين البرموني) يوجد في إحدى المكتبات الخطية المغربية، فعملت على الحصول على صورة منه، وكانت المفاجأة أنَّ تلك القطعة هي الجزءُ المفقود من كتاب البرموني، حيث فقدت هذه المخطوطة من ليبيا منذ زمن بعيد، ولم يبق منها سوى قسم لدى عائلة الشيخ منصور أبو زبيدة بمدينة زليطن في ليبيا، وقطعة أخرى من هذا الجزء نفسه في مركز جهاد الليبيين بطرابلس، الذي يسمى الآن “مركز الدراسات التاريخية”، فاكتمل بذلك العقد، ونشرتُ الجزء من الكتاب في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة ذاكراً فضل الأستاذ الدكتور الترغي في الكشف عنه، وما زال الجزء الثاني في طريقه للتحقيق وهو كشف ينسب إليه أيضا.

ولم يكن هذا هو الفضل الوحيد الذي أسداه إليَّ الأستاذ الترغي فقد أمدَّني مشكوراً بمصورات لثلاث مخطوطات أخرى عن الشيخ عبد السلام الأسمر تعود أهميتها إلى تقديم خدمة للتاريخ الثقافي الليبي، إلى جانب أعمال أخرى تذكر له فتشكر.

ولست وحدي من حظي بهذه المنح العلمية من المرحوم الدكتور عبدالله الترغي، فهو قد منح نسخاً المخطوطات لزملائه وطلابه حتى في المرحلة الجامعية، وتلك أريحية نادرة في أوساط التعليم الجامعي لا يتميز بها سوى الرجال الأفذاذ في أخلاقهم ودينهم من أمثال فقيدنا الكبير.

يبقى أن للفقيد مؤلفاتٍ مخطوطةً تنتظر الطباعة، وعلى الأخص ما يتعلق بالأعلام، فقد كان الرجل حجة في مجال أعلام المغرب الكبير والأندلس والرحلات المغربية، وأن ما تركه في هذا المجال يستحق العناية الخاصة، مع عدم التقليل من قيمة كل ما تركه من أعمال.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وأثابه على المثل الذي ضربه والقدوة الحسنة التي قدمها في الجد والخلق الكريم والأريحية النادرة التي كانت ملمحاً بارزاً في مسيرته العطرة.

عبد الحميد عبد الله الهرامة

طرابلس، ليبيا

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *