التعليم المدعوم بالتقنيات

الرئيسية » تربية وتكوين » التعليم المدعوم بالتقنيات

يقول رئيس جامعة تكساس في أوستن (University of Texas at Austin) الدكتور بيل باور (Bill Power)، إن التفاعلات وجهاً لوجه بين الطلاب والأساتذة لا يمكن أبداً أن تتكرر بشكل كامل في الفضاء الإلكتروني. ويعتقد أن التعليم الجامعي عالي المستوى، سوف يستمر باشتماله على الخبرات المتطورة. ومع ذلك، فإن التقنيات التي تتقدم بسرعة تظل في تغيير مستمر تقريباً في كل جانب من جوانب الحياة، والتعليم ليس استثناءً؛ فالمشهد المتغير يقدم التحديات ولكنه يتيح أيضاً الفرص العظيمة. ويضيف الرئيس قائلاً: «إننا بحاجة إلى قيادة التغيير في مجال التعليم العالي، سواء لأنفسنا أو للمستقبل».

وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب التصديق، فقد دخلت شبكة الإنترنت لأول مرة على جامعة تكساس في أوستن قبل نحو عشرين عاماً. ومنذ منتصف التسعينيات، قامت بعض الأقسام المختلفة مثل التعليم المبتكر والمستمر (Continuing & Innovative Education)  بتولي التعلم عن بعد (Distance Learning)، ولكن الحماس للتعليم عبر الإنترنت كان متفاوتاً في جميع أنحاء المدينة الجامعية. وعلى مدى العقد الماضي، غيّر التقدم في مجال الفيديو، وتطوير الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وشعبية الشبكات الاجتماعية بشكل جذري، كيفية التواصل مع بعضنا بعضاً، وتناقل الأخبار، والتسوق، والتعلم. وعلاوة على ذلك، أصبح هناك معرفة كبيرة عن كيفية تعلم الطلاب.

ويشير رئيس جامعة تكساس في أوستن، أنه شهد الكثير من التغييرات، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تعاون مع العديد من القادة الوطنيين في المجال الناشئ المعروف باسم التعلم على الإنترنت (Online Learning). وفي عام 2010م، بدأ تنظيم لشبكة الرائدة العامة (Public Flagship Network)، والتي بدأت بمجموعة أساسية من القادة من عشر جامعات بحثية حكومية (Public Research Universities) كبيرة؛ من أجل التعاون بشأن هذه القضايا. وأشار إلى أنه أسس اتحاداً غير رسمي من قادة التعليم العالي في تكساس يضم الجامعات، وكليات المجتمع، وقادة النظام الجامعي (University System Leaders)، وظل يعمل على المبادرات المتعددة المتصلة بنماذج إيصال البرامج الدراسية. وأضاف أنه في هذا الصيف أتيحت له الفرصة للتحدث بمنتدى مستقبل التعليم العالي (Forum for the Future of Higher Education) في معهد أسبن (Aspen Institute)، وكان الحديث  حول هذه المبادرات والآثار المترتبة على تقنيات التعليم العالي الجديدة في الولايات المتحدة. وقد كان لمركز التعليم والتعلم في جامعة تكساس في أوستن، دور فعال في تعزيز هذه المبادرات.

ويؤكد رئيس جامعة تكساس في أوستن الدكتور بيل باور (Bill Power)، أن البرامج الدراسية عبر الإنترنت بطبيعة الحال، والبرمجيات، والتقييمات، وغيرها من الموارد التي وضعها أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين، تواصل بتعزيز التعليم في أمريكا. وشدد الدكتور بيل باور على مجموعة من النقاط المهمة:

أولاً: أساتذة الجامعة بشكل روتيني يستخدمون التقنيات الجديدة لإيصال البرامج الدراسية بشكل أفضل، وهذا يعني عكس النظام التقليدي للتعلم؛ حتى يتمكن الطلاب من استخدام الموارد على شبكة الإنترنت مثل المحاضرات عبر الفيديو والمشاكل التفاعلية لتعلم المحتوى والمهارات. وعندما يأتي الطلاب إلى الفصول الدراسية، فإنهم يكونون مستعدين لمناقشة الجوانب الدراسية الأكثر صعوبة.

ثانياً: تعمل الجامعة على تطوير البرامج الدراسية والتقنية لمساعدة الطلاب في المدارس الثانوية وكليات المجتمع (Community Colleges)؛ للاستعداد لمطالب الجامعات الحكومية الرائدة.

ثالثاً: تحضِّر جامعة تكساس في أوستن لدورات ضخمة مفتوحة عبر الإنترنت (Massive Open Online Courses-MOICs)، وتسعى لإيجاد طرق ومنهجيات جديدة لإيصال البرامج التعليمية الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك، تسعى الجامعة إلى بناء منصة بحوث تسمى إيديكس (edX)  مع جامعة هارفارد، ومعهد ماساتشوستس للتقنية، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي (UC-Berkeley)، وغيرها من جامعات البحوث الكبرى، إذ سيتم دعم هذا العمل مع الشراكة مع معهد التعلم التحويلي في جامعة تكساس في أوستن. وقد وفرت الجامعة 1.5 ملايين دولار لتمويل هذه الدورات الضخمة المفتوحة عبر الإنترنت، إضافة إلى أربعة ملايين دولار لدعم تطوير الدورات التدريبية الجديدة عبر الإنترنت في الآداب والعلوم الطبيعية.

ويشير الدكتور بيل باور إلى أن جامعة تكساس في أوستن تعمل بجد فيما يتعلق بأشكال التعلم عبر الإنترنت (Online Learning) والتعلم المدمج (Blended Learning). ولكن هناك المزيد يتعين القيام به، إذ إن مهمة جامعة تكساس في أوستن، كجامعة بحثية حكومية، تتطلب تمكين أعضاء هيئة التدريس من تصميم التعليم في القرن الحادي والعشرين وتقديمه. ويضيف الدكتور بيل باور: “ليست فقط التقنيات التي تتطور بسرعة، ولكن كيفية التعلم والتعليم تتطور أيضاً، ولا شك أن اندماج التقنية مع تعلم العلوم يمكن من تخصيص المواد الدراسية والامتحانات؛ لتحديد الاحتياجات الفردية للطلاب. كما أن الغرض من استثمار الجهود الإبداعية والموارد في جامعة تكساس في أوستن واضح جدًّا، ويتمثل بتحويل حياة الطلاب إلى الأرقى، وإعدادهم كقادة، وتعزيز إلهام الإثارة الفكرية، وكلها ترتكز على أعمال وتوصيات من قبل لجان في جامعة تكساس في أوستن”.

وتتمثل مهمة جامعة تكساس في أوستن، بوصفها جامعة بحثية حكومية، باكتشاف معارف جديدة، إذ ستصبح هذه الجامعة بعداً رئيساً من التصميم ونموذج الأعمال للقرن الحادي والعشرين بين الجامعات البحثية العامة. ولضمان أن يستمر هذا العمل من حيث توافقه مع مهام الجماعة، فلا بد من تحقيق خمسة مبادئ:

أولاً: ينبغي على أعضاء هيئة التدريس والوحدات الأكاديمية، السيطرة على المناهج الدراسية، إذ إن أعضاء هيئة التدريس والوحدات الأكاديمية هما المسؤولان عن التأكد من أن الموارد على الإنترنت والدورات الدراسية، والشهادات، والدرجات العلمية، تعكس المحتوى والدقة المناسبة لهذه الجامعة الوطنية الرائدة. ومن دون الالتزام العميق للحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس على مستوى عالمي (World-class Faculty)، ينبغي أن نعترف بأن هذه التقنيات تزيد وضوح أعضاء هيئة التدريس والموظفين الفرديين وتأثيرهم، بوصفهم ممثلين للجامعة على نطاق عالمي. كما ينبغي أن تعكس المناهج على الإنترنت (Online Curriculum) دقة المناهج التقليدية، وأن تحظى الدورات الدراسية على شبكة الإنترنت بالعديد من الميزات الثقيلة. وعلى العكس، يجب أن تعزز البيانات والدروس المستفادة التي تم استخلاصها من البرامج على شبكة الإنترنت أيضاً، ما يقوم به أعضاء هيئة التدريس والوحدات الأكاديمية في المدينة الجامعية.

ثانياً: ينبغي على الجامعة دعم أعضاء هيئة التدريس ومكافأتهم، حيث إن كل الابتكارات في المجتمع يتم عملها تقريباً، من خلال أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بالعمل اليومي. إضافة إلى ذلك، ينبغي على هياكل الحوافز تشجيع الابتكار الذي يقوم به أعضاء هيئة التدريس في هذا المجال. كما يقوم أعضاء هيئة التدريس بتأليف الكتب الدراسية، وإنشاء المحتوى على الإنترنت، وهنا يجب عليهم استغلال خبرات الكليات في الجامعة.

وأبعد من ذلك، يجب على الجامعة أن تدعم أعضاء هيئة التدريس في إيجاد وحدات قابلة للتطوير عبر الإنترنت، والدورات الدراسية، والشهادات، والبرامج الدراسية التي تعكس الالتزام بالتفوق الأكاديمي (Academic Excellence). ويجب على الجامعة أيضاً تطبيق التقنية الجديدة ودعم البنية التحتية لتعزيز الابتكار والبحث العلمي. ولا شك أن الجامعة بحاجة إلى العمل بقوة؛ لضمان دعم البنية التحتية اللازمة لهذه الابتكارات.

ثالثاً: يجب أن تكون النماذج مستدامة من الناحية المالية. وبوصف جامعة تكساس في أوستن إحدى الجامعات الحكومية، فإن أحد أهدافها الرئيسة يتمثل بعدم كسب المال من وراء الدورات الدراسية، ولكنها لا تحتمل كذلك أن تخسر الكثير، إذ إن هناك العديد من البرامج المبتكرة (Innovative Programs) التي انهارت؛ لأنها لم تكن مستدامة لجامعاتها، وفي بعض الحالات جعلت طرق إيصال البرامج الدراسية بالطبع أكثر تكلفة.

ولا يمكن أن يكون نموذج الأعمال التجارية للقرن الحادي والعشرين في جامعة تكساس في أوستن، مجرد نموذج مبسط للقرن الحادي والعشرين؛ فالاستخدامات الإبداعية للموارد على الإنترنت ليست الحل الوحيد، لكنها ستكون جزءاً مهمًّا من النموذج الجديد؛ نظراً لقدرتها على توليد الإيرادات، وتحسين الإنتاجية، وزيادة عدد الطلاب الذين يستفيدون من أعضاء هيئة التدريس. كما يجب على جامعة تكساس في أوستن، أن تدعم العمداء، وأعضاء هيئة التدريس الفرديين؛ لأنهم يعملون على تطوير حلول خلاقة لهذه التحديات.

رابعاً: يجب على جامعة تكساس في أوستن مشاركة المحتوى، إذ لا تتوقع الجامعة أبداً من أعضاء هيئة التدريس كتابة أيٍّ من الكتب الدراسية التي يقومون بتدريسها، وبالمثل لا تتوقع من جميع المعلمين الذين يستخدمون التعلم المدمج من توليد المحتوى الأصلي. وبدلاً من ذلك، يتعين على الجامعة أن تنتج المحتوى والتقنية التي تكون قابلة للمشاركة عبر العديد من المنصات المختلفة. وقد يبدأ عضو هيئة التدريس بناء المحتوى في المدينة الجامعية، ثم التجربة، مع استخدام الموارد نفسها خلال الدورات على شبكة الإنترنت. إضافة إلى ذلك، قد يبني عضو هيئة التدريس المحاكاة للدورات الضخمة المفتوحة عبر الإنترنت، ومن ثم يقوم بتطوير الوحدات التدريبية لمساعدة المدربين في جميع أنحاء العالم باستخدام هذا المحتوى في بلدهم. ومن الممكن أن يعيد عضو هيئة تدريس توظيف المحتوى التفاعلي (Interactive Content)، والذي يساعد المهنيين على مواكبة التطورات في مجال عملهم.

ويمكن لهذه الأنواع من التعديلات مضاعفة أثر الموارد على شبكة الإنترنت، واستهلاك تكاليف تنميتها عبر مشاريع متعددة، وتسهيل الابتكارات التعليمية الأخرى. ويجب أن يتم تكوين كل السياسات، والتقنية، ودعم البنية التحتية، والشراكات مع الجامعات والهيئات الخاصة الأخرى؛ لضمان أن تبقى جامعة تكساس في أوستن الجامعة الرائدة عالميًّا في مساعدة أعضاء هيئة التدريس لتطوير هذه الابتكارات وتنفيذها والتكيف معها وتوسيع نطاقها. وحيثما كان ذلك مناسباً، يجب على أعضاء هيئة التدريس والإداريين، إبراز الثقة حول محتوى الإنترنت ذي الجودة العالية (High-Quality Online Content) والتقنية التي أنشأتها الجامعات الأخرى الرائدة.

خامساً: يجب على الجامعة ألا تتوقف أبداً عن الابتكار. ومنذ قرون مضت، أنشأ الابتكار من الكتب المطبوعة إمكانيات جديدة في صفوف الدراسة الجامعية؛ لأن المعلمين كانوا قادرين على تحديد مجموعة متنوعة من المواد من المحاضرات الخاصة بهم. وبالمثل، فإن المواد الدراسية التفاعلية (Interactive Course Materials) التي أنشأتها هيئة التدريس والزملاء في المؤسسات التابعة، والتحليلات التي تساعد على تحديد الاحتياجات الفردية للطلاب وتلبيتها، وأدوات وسائل الإعلام الاجتماعية، ساعدت على التعلم مع القدرة على الانخراط مع أعداد كبيرة من المتعلمين في جميع أنحاء العالم، ومهدت الطريق للابتكارات التي ستحدد التعليم في القرن الحادي والعشرين. كما يجب على الجامعة دعم أعضاء هيئة التدريس والوحدات الأكاديمية في هذا العمل الإبداعي والحيوي، إذ تم بالفعل العمل مع أعضاء هيئة التدريس في هذه القضايا لعدة سنوات، وسوف تعمل الجامعة بشكل وثيق مع مجلس الكلية؛ لضمان أن تكون الجامعة واحدة من أفضل الأماكن للعمل في مجال التصميم التعليمي وإيصال البرامج الدراسية بشكل فعال.

ويشير رئيس جامعة تكساس في أوستن إلى أنه في العمل لتطوير الابتكار، فإنه يجب وضع الطلاب الذين سيمثلون الخبراء في المستقبل في الحسبان، حيث يتوقع الطلاب أن يكون تعليمهم ذا قيمة عالية. إضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء الطلاب يريدون أن يذهبوا إلى جامعة تدمج التقنيات في التعليم بشكل كلي وفعال، وسوف يكون الطلاب شركاء المستقبل، وسيتم السعي الجاد إلى استغلال جميع الإمكانات لتحسين تعليمهم. وبالنسبة للطلاب، فإن هذه النماذج التعليمية الجديدة يمكن أن تساعد على تعزيز جوانب عديدة أكثر تميزاً عن جامعة تكساس في أوستن، مثل المشاركة في مختبرات الأبحاث، واستوديوهات التصميم، والدراسة في الخارج، وكتابة المقالات الأكاديمية والتدريب الداخلي، وما إلى ذلك.

ويضيف الدكتور بيل باور أن التطور قد وصل الآن إلى مرحلة جديدة، ويجب اتخاذ قرارات من شأنها أن تدعم البنية الأساسية على مدى العقود المقبلة. ويجب أيضاً جلب أعداد أكبر من قادة هيئة التدريس إلى المدينة الجامعية في هذا الجهد. وخلال الأشهر المقبلة، سيتم الطلب من القادة الإداريين وأعضاء هيئة التدريس للعمل بشكل وثيق؛ لتحديد التحديات الكامنة في هذه الجهود ومعالجتها. وسنقوم أيضاً بالتعاون بشكل وثيق مع المؤسسات التعليمية في الخارج لتعزيز هذا العمل وتسريعه.

وتتميز جامعة تكساس في أوستن دائماً بالتفاعل بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على مستوى عالمي. وسوف تعزز التقنيات الجديدة التي وضعها أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفون، الخبرة في المدينة الجامعي، وتدعم تحسين التعلم، وتسريع التخرج. وسوف توفر هذه الابتكارات نماذج تعليمية جديدة، يمكن أن تتجاوز قيود الزمان والمكان الأكاديمية التقليدية. كما ستزيد هذه التقنيات من الإنتاجية وتوليد الدخل، وحفظ أموال الطلاب وأسرهم. إضافة إلى ذلك، ستقوم التقنيات أيضاً بتوسيع نطاق جامعة تكساس في أوستن، ليس فقط من خلال العروض الخاصة بها، ولكن أيضاً من خلال عمل شراكات إستراتيجية مع الجامعات الأخرى وكليات المجتمع والمدارس الثانوية.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *