في تعايشنا اليومي مع الطاقة وبعض مصادرها، اكتسبنا مجموعة من العادات السيئة، التي يترتب عنها تبذير/استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، أو إتيان بعض التصرفات غير الصحيحة/الخاطئة والتي من شأنها التأثير سلبا، سواء كانت عن جهل أو اللامبالاة، على الصحة البشرية، فضلا عن التأثيرات البيئية.
وفي محاولة منا لتصحيح هذه السلوكيات أو تطويرها للأحسن، وبهدف استعمال عقلاني للطاقة والاقتصاد ما أمكن في استهلاكنا لهذه المادة الحيوية، دون إغفال الجانب الصحي في هذا التصالح مع منظومتنا الإيكولوجية، لا بأس من الالتزام ببعض الإجراءات البسيطة والتدابير اليومية الصغيرة قصد التخفيض في فاتورة الاستهلاك وبالتالي التوفير في ميزانية المنزل قبل الدواعي البيئية.
++ منعا لتسرب البرودة
تستهلك الثلاجة قرابة 30 في المائة من مجموع الاستهلاك الكهربائي للمنزل، لذا يراعى عند شرائها التحقق من توفرها على نظام لتخفيف الاستهلاك، والقيام عند استخدامها بضبط مؤشر حرارتها بين 5 و7 درجات بالنسبة للثلاجة، و- 18 بالنسبة للمجمد ” الكونجلاتور”)، مع العمل على وضعها بعيدا عن الآلات التي تصدر منها موجات الحرارة كالفرن والميكرو أوند، لأن المكان الذي تتوفر فيه نسبة من التهوية هو الأمثل. إضافة إلى إحكام إغلاق أبواب الثلاجة أو تغيير الحزام المطاطي لبابها، منعا لتسرب البرودة وبالتالي التخفيف من الكمية المستهلكة من الكهرباء، وأيضا تفاديا لتسرب غازات الكلوروفلوروكربون الناتج عن الثلاجات والمدمر لطبقة الأوزون.
مع الحرص دائما على تجنب وضع الأطعمة المطهوة مباشرة داخل الثلاجة وهي ما تزال ساخنة وبدون غطاء، لأن هذا من شأنه خلق طبقة من الصقيع على شبكة التهوية، مما يضاعف استهلاك الكهرباء.
++ تكييف واقتصاد
يتم اللجوء إلى المكيف لتخفيض وتلطيف حرارة الجو في الأوقات التي تعرف خلالها درجات الحرارة ارتفاعا كبيرا، بحيث يصبح أمر اللجوء فيها إلى المكيف، أمرا ضروريا وليس ترفا فحسب. غير أن هذا الجهاز يعتمد في تشغيله، في غالب الحالات، على حمولة وطاقة كهربائية عالية، يكون متوسطها 1000 كيلو واط.
ولاستعمال جيد لجهاز التكييف، مع التوفير في كمية الكهرباء، يستحسن القيام بصيانة وتنظيف جهاز التكييف بشكل منتظم، لأن الأتربة المتراكمة والغبار، من شأنهما جعل الجهاز يعمل بفعالية أقل في تدوير الهواء، مما يتطلب استهلاك أكثر للطاقة، وبالتالي الزيادة في فاتورة استهلاك الكهرباء. ومن الحكمة الطاقية، ينبغي اقتناء أجهزة التكييف التي تعمل بالنظامين معا، أي التبريد في الصيف والتدفئة في الشتاء، تخفيضا للاستهلاك الطاقي.
++ خصوم الماء
تتطلب صيانة نباتات وأشجار الحديقة المنزلية، الرعاية والسقي ومعرفة كل مستلزماتها، للحصول على الخضرة الجميلة دون الوقوع في الإهدار المفرط للمياه. لهذا ينبغي الحرص على سقي الحديقة عندما تكون التربة جافة وفي حاجة ماسة إلى الماء، ونختار للري الساعات الأولى من الصباح عندما تكون درجات الحرارة أقل وسرعة الرياح خفيفة، أو عند غروب الشمس، للتقليل من تبخر المياه دون استفادة التربة منها، مع انتقاء لنوعيات معينة من النباتات المنزلية والأشجار التي تحتمل الجفاف ولا تحتاج إلى كميات كثيرة من الماء.
ويبقى الاقتصاد في استعمالنا للماء، غير مقتصر على الري فحسب، بل يستحسن أيضا عند القيام بنظافة الجسم سواء داخل البيت أو بالمحلات المخصصة لذلك. فالاستمتاع بالماء، قد ينسينا التفكير في هذا الأمر، خاصة بالحمامات الشعبية والتي تعد أكثر الأماكن التي تتعرض فيها هذه الثروة الحيوية للاستنزاف الكبير. في حين نجد أن الاستحمام بالدوش يلزمنا،هو الآخر، استعمال نوعية من الرشاشات المقتصدة في التزود بالماء، تفاديا لهدر تلك الكميات الهائلة منه عند الاغتسال.
++ قفة “الدوم ” المغربية
غابت القفة المغربية ذات الألوان المزركشة والمصنوعة من الألياف المتشابكة للدوم النباتي داخل أسواقنا، ولم تعد تتواجد إلا في أروقة معارض الصناعة التقليدية أو بمحلات المدن السياحية، لأنها غدت منتوجا سياحيا بالدرجة الأولى يتهافت عليه السياح. حتى أكياس الورق السميك، لم تعد تساير “موضة التسوق” لأنك لن تعرف لها حضورا إلا ببعض الأسواق الأسبوعية/القروية. وتحضر الأكياس البلاستيكية بقوة في استعمالاتنا اليومية، لخفة وزنها وبخس ثمنها وتعدد استعمالاتها. فهي الوسيلة التي نلجأ إليها لحمل أغراضنا وسلعنا وتخزين وحفظ موادنا الغذائية في المجمدات والثلاجات، ونستعملها كذلك للتخلص من القمامات والأزبال، رغم ما تمثله من تهديدات للصحة والسلامة البشرية والحيوانية والفضاءات الخضراء والمجال المائي، كونها غير قابلة للتحلل وغير متحللة بيولوجيا بسبب مكوناتها ذات الأصل النفطي. ولهذه الأسباب، تكون الاستعاضة بمواد صديقة للبيئة كالأكياس البلاستكية ذات الجودة العالية، أو الأكياس الورقية الايكولوجية أو تلك المصنوعة من القماش، الحل الأمثل لسلامة بيئية وصحية.
إن الوعي بالوضع الطاقي الذي أصبحت عليه مختلف المجتمعات، لا يحتاج إلى شهادة تخصص/دراسة في مجال الطاقة، بل هي مجرد خطوات بسيطة نعود أنفسنا عليها، داخل البيت أو خارجه، ومن خلالها نغير سلوكياتنا اليومية وبعض عاداتنا السيئة، لنحافظ على كوكبنا من جهة، ونقي جيوبنا تكلفة إهدار مئات أو آلاف الليترات من الماء كمورد حيوي أو كميات عديدة من الطاقة الكهربائية المستهلكة من جهة أخرى، وهكذا يستحق منا كل مستهلك محافظ شهادة الـــ”إيزو” بامتياز.
فاطمة الزهراء الحاتمي