في إطار تدبيره للشأن البيئي، عرف المغرب، خلال العقد الأخير، قفزة نوعية في هذا المجال، تميزت بتحقيق العديد من القوانين المصادق عليها كتلك المتعلقة بالمناطق المحمية، وبالطاقات المتجددة، وباستعمال الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل بيولوجيا، ووضع قوانين تنظيمية لمشاريع، هي الأخرى ذات بعد بيئي/تنموي، منها المخطط الفلاحي الأخضر، مشروع تنمية الطاقات المتجددة، مخطط الطاقة الشمسية، استراتيجية مكافحة التصحر، المخطط الأزرق لحماية الثروات البحرية..
وبهدف تحقيق ما يصطلح عليه بـ”التأهيل البيئي” في أفق 2015، واعتماد المستويات المتعارف عليها دوليا في تدبير قضاياه البيئية، أصبح المغرب ملزما بالتوفر على منظومة شاملة ومتكاملة لحماية بيئته والمحافظة عليها، وفق مبادئ التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد سطر خطاب العرش لسنة 2009 الخطوط العريضة للأوراش الإنمائية من أجل بناء مغرب ديمقراطي تنموي، بحيث جاء في نصه أن ” المغرب، وهو يواجه، كسائر البلدان النامية، تحديات تنموية حاسمة وذات أسبقية، فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية.” ولتحقيق هذه المتطلبات، دعا الملك، خلال خطابه هذا، الحكومة إلى “إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية، ضمن تنمية مستدامة”
ويأتي التركيز على حماية البيئة والمحافظة عليها باعتبارها، وكما جاء في الخطاب الملكي، رصيدا مشتركا للأمة، ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بعنصر المحافظة على البيئة في كناش تحملات المشاريع الإنمائية.
وبمناسبة انعقاد قمة المناخ بكوبنهاجن دجنبر 2009، وجه الملك محمد السادس رسالة جاء فيها أن المغرب لا يختلف عن باقي الدول الأخرى في تعرضه لانعكاسات التغيرات المناخية بحكم موقعه الجغرافي وتنوع منظومته البيئية، وأكد من خلالها أن المغرب، ورغبة منه في الانخراط في الوعي الكوني، صادق على اتفاقيات دولية في هذا الشأن، وأقام برامج عمل وطنية تنموية، تتجلى في تعبئة الموارد المائية، وحماية البيئة من خلال مشروع الميثاق الوطني، ومحاربة الجفاف، والتنمية الفلاحية، والنجاعة الطاقية، وتطوير الطاقات المتجددة.
وإضافة إلى ذلك، وخلال افتتاح الدورة السابعة للمجلس الوطني للبيئة المكلف بمناقشة مختلف القوانين والبرامج المتعلقة بالبيئة والتنمية بين مختلف القطاعات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات المهنية والمؤسسات العلمية والقطاع الخاص، تم استعراض ما حققته الحكومة المغربية بعد خطابي العرش (2009-2010) خلال كلمة الوزير الأول، والتي عبر فيها على أن المغرب، ووعيا منه بأهمية تسريع وتيرة البرامج الوطنية ذات البعد البيئي، سعى إلى خلق مراصد جهوية لتتبع الحالة البيئية محليا وجهويا تتكفل بإصدار التقرير السنوي للحالة البيئية بالجهة المعنية، إضافة إلى نهج مقاربة “بيئة القرب”، من خلال إبرام اتفاقيات شراكة جهوية مع الحكومة نتج عنها غلق المطارح العشوائية، وعصرنة عملية تدبير النفايات، والبرنامج الوطني لمعالجة المياه العادمة والصرف الصحي.
وفي هذا الإطار، توصل المغرب إلى الرفع من نسبة الربط بشبكة التطهير السائل إلى 72 بالمائة، وإنجاز 42 محطة لمعالجة المياه العادمة، في انتظار أن يتم إنجاز 79 محطة في أفق 2012 بكلفة إجمالية تفوق 15 مليار درهم.
أما فيما يخص تدبير النفايات المنزلية، فقد أنجز المغرب 12 مطرحا مراقبا و6 مطارح في طور الإنجاز، إضافة إلى إعادة تأهيل المطارح العشوائية. وفي أفق سنة 2012 تهدف الحكومة إلى إنجاز 24 مطرحا مراقبا بهدف التخلص من 60 بالمائة من النفايات الصلبة وبكلفة إجمالية تبلغ 5 ملايير درهم.
وفي نفس السياق، عملت الحكومة المغربية على تعميم محطات قياس جودة الهواء بجميع مناطق المغرب، إذ وصل عددها إلى 20 محطة، في انتظار أن تشمل باقي المدن الأخرى، قبل نهاية 2012. وتحتل التجربة المغربية في تسويق البنزين النظيف والنقل النظيف وتأهيل الوحدات الصناعية الملوثة، بدعم من صندوق محاربة التلوث الصناعي، مكانة متميزة في تقليص نسبة انبعاث الغازات الملوثة.
فاطمة الزهراء الحاتمي