الاقتراب من الطبيعة يحقق الاتزان النفسي ويحسن أداء الدماغ

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الاقتراب من الطبيعة يحقق الاتزان النفسي ويحسن أداء الدماغ

الاقتراب من الطبيعة يحقق الاتزان النفسي ويحسن أداء الدماغ

للطبيعة تأثير كبير على الإنسان سواء على صحته النفسية أم قدراته العقلية أم صفاته الشخصية، كونه جزءا منها، إلا أن اختلاف درجة التعامل مع البيئة الطبيعية من إنسان إلى آخر والتعرّض المباشر لها، قد أديا إلى اختلاف تأثير البيئة الطبيعية عليه. فالتعرّض المباشر للبيئة الطبيعية يمنح الإنسان الاتزان النفسي وراحة الدماغ وأعضاء الجسم.

توصّلت دراسة حديثة إلى أن الحياة في بيئة طبيعية تعطي مزيدا من الراحة النفسية للرجال وتحسّن أداء الدماغ ونوعية النوم لدى كبار السن من الجنسين.

وأظهرت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة إلينوي بالولايات المتحدة، أن القرب من الطبيعة مثل الحدائق والشواطئ الرملية وموج البحر يحسّن من أداء الدماغ، ما ينعكس إيجابيا على الراحة ونوعية النوم، حيث وجد الباحثون صلة إيجابية بين النوم والراحة النفسية والتعرّض لعناصر الراحة التي تمنحها البيئة الطبيعية. ويزداد تأثير هذه العناصر على الرجال خصوصا، وعلى الجنسين في عمر الـ60 عاما وأكثر.

وقد اعتمد الفريق البحثي في جامعة إلينوي على بيانات 255 ألف شخص بالغ، مسجلين في نظام المخاطر السلوكية التابع لمركز السيّطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة. واستنتجوا أن القريبين من المرافق الطبيعية حصلوا على ما يكفيهم من النوم خلال 21 إلى 29 يوما من الشهر، مقارنة بمن أبلغوا عن عدم حصولهم على ما يكفي من النوم خلال 6 أيام من الشهر فقط، وكانوا بعيدين عن الطبيعة.

وفسر الباحثون استفادة الرجال أكثر من النساء من الطبيعة، بأنهم أكثر استعدادا للاستكشاف والتعامل مع البيئة الطبيعية المحيطة.

ويشير العلماء إلى أن عدم الحصول على القدر الكافي من الراحة والنوم يرتبط بتراجع الحالة الصحية نفسيا وجسديا، كما يرتبط أيضا بتراجع قدرات الإدراك.

ومن جهة أخرى، أشارت دراسة بريطانية إلى أن قضاء عشر دقائق في التمارين الرياضية في الطبيعة كالحدائق العامة يمكن أن يعزّز الصحة العقلية. وهناك أدلة متنامية على أن ترافق النشاطات مثل المشي أو الجري أو قيادة الدراجات مع الطبيعة يمكن أن يعزّز الصحة العامة.

وأجرى الباحثون البريطانيون تجارب على 2250 شخصا توزّعوا في عشر دراسات. ووجدوا تحسّنا سريعا في حالتهم النفسية وأداء الدماغ، وكان التأثير الأكبر على الشباب من الجنسين.

وأكدت الدراسات أن التأثير الأكبر لأداء النشاطات في الطبيعة يحدث خلال خمس دقائق فقط. كما وجدت أنه إذا زادت فترة التمرين في البيئة الخضراء بدأ التأثير الإيجابي يتضح ويتزايد، ولكن ليس بشكل كبير عن الخمس دقائق الأولى. في حين أوضح الباحثون أن التغيّر في الصحة العقلية والجسدية كان أكبر بشكل خاص لدى الشباب. ويظهر التأثير الأكبر عندما تكون التمارين في مناطق تحتوي على المياه مثل الأنهار والبحار.

وقال د. جوليس بريتي، الأستاذ بجامعة إسكس البريطانية، والقائم على البحث: إنه من المحتمل أن يستفيد الكثير من الخاملين أو المصابين بمرض عقلي من التمارين في الطبيعة. وأشار إلى أن مناهج التمارين في الأماكن الطبيعية المفتوحة قد تفيد الشباب العدوانيين.

وتابع: هذا البحث هو دليل آخر على أن مجرد فترة قصيرة من التمارين وسط بيئة خضراء، يمكن أن تعطي علاجا منخفض الكلفة ودون عقارات طبية أو مستحضرات كيميائية، للمساعدة في تحسين القدرة العقلية والحالة النفسية، مؤكدا على ضرورة استخدام التمارين كوسيلة علاجية عندما يكون ذلك مناسبا.

ويوضح د. وحيد أحمد، متخصص في الطب البديل، أن البيئة تلعب دورا كبيرا في التأثير على الإنسان، كونها تمثّل المحيط الخارجي الذي يتحرّك فيه ويقدّم له العديد من الفرص والتقييدات، إلا أنه يؤكد أنه ليس من السهل أن نحدّد قدر تأثير الطبيعة على المرء بسبب تعقّد العلاقات في ذلك النموذج التفاعلي.

ولفت إلى أن السكان الذين يعيشون في بيئات المدن المصطنعة علاقتهم بالبيئة الطبيعية محدودة وليست مباشرة. في حين أن من يعيشون في الأماكن الريفية يتعاملون مع الطبيعة بشكل مباشر، لذلك يكون تأثيرها عليهم أكبر وأوضح.

ويضيف: العامل البيئي الذي يؤثّر بصورة مباشرة على كل السكان يتمثّل في المناخ، فهو السبب الرئيسي للاختلاف بين بني البشر من حيث الشكل والحجم واللون، والحالة النفسية والصفات الشخصية، ولكن ليس من الواضح كيف تؤثر الطبيعة على النشاط البشري.

بينما يشير د. محمد غانم، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، إلى أن الإنسان جزء من الطبيعة، ومن ثم فهو يتأثّر بها كما يؤثّر فيها. وهو ما يتضح في اختلاف الحالة النفسية والصحية والمزاجية من إنسان إلى آخر بحسب البيئة التي يتعامل معها.

وأكد على أن الإنسان بطبيعته يتأثّر بما حوله من محيط بيئي ونفسي واجتماعي، وبالتالي ينعكس التأثير على أفكاره وحالته النفسية. ولفت إلى أنه من بين هذه المؤثرات الألوان. فالتعامل مع اللون الأخضر يبعث على التفاؤل ويعطي إيعازا بالراحة والهدوء، وهو ما أكدته العديد من الدراسات والأبحاث.

وتابع: التعامل المباشر مع الطبيعة يسمح للعناصر المريحة من ألوان ومناظر لأن تمر إلى نفسية ودماغ المرء، فتعزّز الطاقة الإيجابية لديه وتمدّه بالمزيد منها.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *