4 أسباب لقلق الأطبّاء من التثقيف الصحّي الإلكتروني

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » 4 أسباب لقلق الأطبّاء من التثقيف الصحّي الإلكتروني

لا بدّ من أنّ الأطبّاء مع مرور الزمن سيعتادون بل وسيقدّرون فرصة التعامل مع مرضى مثقّفين وعلى اطّلاعٍ كبير بالمعلومات الطبّية. فالتكنولوجيا الجديدة تبشر بإعادة تعريف وتطوير العلاقة ما بين المريض والطبيب، والنتيجة ستكون ابتكار تجربة أعمق وأكثر إفادةً لكليهما.

إنني محظوظ بما فيه الكفاية لقضاء قسط كبير من الوقت مع الأطباء ورواد مشاريع الأعمال والمستثمرين في عصر أصبح من الممكن فيه الحصول على المعلومات الطبية عبر شبكة الإنترنت.

من الطبيعي والمتوقع ألا يرحب مجتمع الأطباء فورا بفكرة التثقيف الصحي والطبي عبر شبكة الانترنت، وقد ارتأيت أن من المفيد أن أحضر محاضرة تعقد على هامش مؤتمر طبي وتعنى بمناقشة التثقيف الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كان معظم الحضور من الأطباء ممن بدوا حريصين جدا على العناية بالمريض ومهتمين بتعلم المزيد عن وسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن معظم هؤلاء الأطباء لم يكونوا جاهزين تماما لتفهم هذا الموضوع برمته.

بدا لي أن أسباب قلق الأطباء بشأن المعلومات الطبية المقدمة على مواقع التواصل الاجتماعي تقع في 4 فئات رئيسية، اثنتان منها تتعلق بالمرضى واثنتان بالأطباء أنفسهم:

1. إيصال معلومة خاطئة للمريض

تحدث الكثير من الأطباء عن صعوبة التعامل مع المرضى ومناقشتهم حين يكونون قد حصلوا على معلومات خاطئة من الانترنت، وتبين لي أن هذه مشكلة شائعة للغاية، حيث قال الأطباء إنهم يقضون وقتا طويلا لإقناع المريض بخطأ معلوماته وشرح المعلومة الصحيحة له. تم إلقاء الضوء على هذه القضية بعد أن لوحظ أن 25% من نتائج البحث عن كلمة “صداع” في محرك البحث (غوغل – Google ) تشير إلى الإصابة بورم دماغي على الرغم من أن هذا التشخيص نادر جدا. والفكرة هنا أن الأطباء لديهم خبرة كبيرة في التشخيص على عكس المرضى الذين غالبا ما يركزون على تشخيصات مستبعدة جدا بدلا من التركيز على التشخيص الوارد. بدا لي أن الدكتور (غوغل) أغضب الكثير من الأطباء ليس فقط لأنه يعقد جلساتهم مع المرض، بل ولأنه يغير من طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض بحيث يقوض سلطة ورأي الطبيب بشكل أو بآخر.

2. نقل معلومات خاطئة عبر المرضى

عبر العديد من الأطباء أثناء المحاضرة عن استيائهم من أن المرضى ينقلون معلومات خاطئة في كثير من الأحيان سواء بخصوص الطب أو بشأن الأطباء أنفسهم. فمثلا جراء القراءة الزائدة على الانترنت، يقلق الكثير من المرضى بشأن التلقيح ضد الأمراض ويشنون حملات ضده مع أن هذا القلق لا أساس له من الصحة. كما أعرب الأطباء عن امتعاضهم من كون المرضى يشوهون سمعتهم أحيانا، حيث اشتكى أحد الأطباء من أنه حين بحث عن اسمه في (غوغل) وجد آراء سلبية ومهينة من بعض المرضى.

3. حصول الأطباء على معلومات خاطئة عبر الانترنت

أبدى الكثير من الأطباء قلقهم إزاء طلبة الطب والأطباء الأصغر سنا الذين باتوا يحصلون على معلوماتهم من تغريدات موقع (تويتر – Twitter) القصيرة بدلا من قراءة مقالات مستفيضة ومفصلة، وفي الواقع فإن أكبر مصدر قلق يبدو أنه يشغل الأطباء بهذا الشأن هو أثر ثقافة الانترنت على مهنة الطب. أوضح أحد الحاضرين أن على طلبة الطب فهم القيم التقليدية التي ما زالت على قدر كبير من الأهمية في هذه المهنة، مشيرا إلى أن هؤلاء الطلبة أصبحوا أقل تركيزا.

4. نقل معلومات خاطئة عبر الأطباء

إن القدرة على نقل المعلومات بسرعة وعلى نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت واحدة أخرى من مصادر القلق لدى الأطباء، حيث أوضح بعض الأطباء المتمرسين أن الأطباء الأصغر سنا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي على نحو خاطئ وغير حرفي حيث يكشفون عن معلومات لا ينبغي أن تكشف أو يقولون ما لا ينبغي أن يقال وقد يعرضون أنفسهم أو مؤسساتهم للخطر.

5. التغلب على مصادر قلق الأطباء

كعادته، يحاول عالم الطب مجاراة التغيير الحاصل عن طريق إصدار الأبحاث التي تناقش هذا الموضوع بشكل مستفيض، وقد يجد الأطباء أن من المريح والمناسب لهم اتباع ممارسات مألوفة للتأقلم مع ما هو جديد، إلا أنه من الصعب إغفال حقيقة أن الطب يحول قضية وسائل التواصل الاجتماعية إلى أمر ممل للغاية، وقد تجد أن من الصعب استنتاج أية أفكار واضحة عند قراءة الوثائق الطبية التي تناقش هذه المسألة.

لا شك أن معظم الطروحات التي تقدم بها كبار الأطباء حول الموضوع من خلال خبرتهم كانت منطقية وصحيحة، وقد كانوا على حق عندما أشاروا إلى مخاطر تشخيص الأمراض عبر الانترنت، كما أن من حقهم أن يقلقوا حيال الأذى الذي قد يحدث جراء تهويل التشخيص الذي يقدمه الانترنت. وهؤلاء الأطباء محقون تماما في سعيهم لنصح الأطباء حديثي الخبرة ليكونوا أكثر حرفية في هذا المجال.

 إلا أنني وفي نفس الوقت أعتقد أن هؤلاء الأطباء يجدون أن من الصعب جدا بالنسبة لهم تصور عالم يدار بطريقة وأسلوب مغايرين لما اعتادوا عليه وألفوه. كما أنني أرفض الرأي الذي يقول أن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تعمل على تقويض الثقافة الطبية، أو أنها تتسبب بتغيير هذه الثقافة الى الأسوأ. أنا أعتقد أنه قد أصبح من الضروري تقديم نماذج حديثة لمهنة الطب وذلك لتطويرها وتحسين أساليبها في التفاعل مع المرضى والبيانات.

لا بد من أن الأطباء مع مرور الزمن سيعتادون بل وسيقدرون فرصة التعامل مع مرضى مثقفين وعلى اطلاع كبير بالمعلومات الطبية. فبدلا من أن تعزل الطبيب أو تهمشه، تبشر التكنولوجيا الجديدة بإعادة تعريف وتطوير العلاقة ما بين المريض والطبيب، والنتيجة ستكون ابتكار تجربة أعمق وأكثر إفادة لكليهما.

Forbes | ديفيد شايويتز

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *