"المؤثرون/ Influencers" المفهوم والوظيفة

الرئيسية » الأعمدة » أرصاد » “المؤثرون/ Influencers” المفهوم والوظيفة

جاء في في بلاغ للرابطة المحمدية للعلماء بمناسبة انعقاد الدورة 25 للمجلس الأكاديمي للمؤسسة “أن هذه الدورة سوف تخصص للحديث عن الحكامة البحثية في إطار هذه الأزمة، كيف يمكن أن نُكوّن المضامين وننتج المضامين التي تمس إليها الحاجة، وتتناول القضايا الحارقة، في إظهار للقوة الاقتراحية لهذا الدين، وإشاعة الرحمة المكتنزة في هذا الدين، ولكن أيضا إعداد الحمَلة؛ المؤثرات والمؤثرين الذين يَعُبرون بهذه القوة الاقتراحية وبهذه الرحمة وبهذا الهدى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي فيها هذا التنافس الشرس”
لقد فرضت التحولات الرقمية الجديدة، ضرورة التماشي مع منظومتها و فاعليها، نظرا لحجم التأثير وثقله الذي تحدثه على البنيات الاجتماعية و الأنظمة القيمية، وطبيعة التنوع والتغيير المستمر لمتلقي الخطاب وخصوصا الشباب منهم، ومن ثم برز مفهوم فاعل جديد في الفضاء العام الافتراضي، وهم “المؤثرون”؛ الذين تشكلت معالم وجودهم في المصفوفة الرقمية من خلال مراكز التسويق والشركات والمؤسسات الكبرى، وتمت تبيئته لدى العديد من الفاعلين في المجتمع.
• المفهوم ومجاله:
حسب قاموس “أكسفورد” فالمؤثر هو: “الشخص الذي لديه القدرة على التأثير في المستهلك، ودفعه إلى شراء منتج أوخدمة معينة، من خلال الترويج لها في مواقع التواصل الاجتماعي..”

a person or thing that influences somebody/something, especially a person with the ability to influence potential buyers of a product or service by recommending it on social media

ويمكن أن نسجل ملاحظة أولية على أن المجال الأصلي للمفهوم هو المجال الاقتصادي الترويجي، (إذ ظهر أول ماظهر وسط الوسطاء الاقتصاديين، ومروجي السلع الموضة…) إذ يستعان بأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، بالترويج لسلع ومنتوجات ومواد اعلانية اشهارية، وباختصار شديد:
«المؤثر» هو الشخص الذي يملك عددا لابأس به من “المتابعين” Followers وهؤلاء المتابعين يشكلون توجهات “المادة المتنامية” إذ متابعتهم لا تصطبغ بالسلبية بل بالايجابية عبر خاصيات التفاعل التي يتيحها الفضاء الرقمي، وقد حدد عدد المتابعين كشرط لاطلاق صفة المؤثر 10 آلاف متابع كحد ادنى، ولذلك تشترط العديد من الشركات أو الفنادق لترويج موادها على المؤثرين في النت بلوغ هذا العدد، وهي أيضا شرط الثقة لترويج خدماتهم مقابل هدايا ودعم لهم، وهي آلية جديدة مختلفة عن مجال الاعلان المباشر أو الاشهار التقليدي كما هو معروف. إذ يلعب “المؤثر” دورا محوريا في الترويج والدعاية، وغالبا ما ينحدر هذا “المؤثر” من الوسط الفني(الموسيقى، الموضة..) أو الوسط الرياضي.
بالاضافة إلى ما سبق يستعين “المؤثرون” في هذه الحدود على خاصيتي (الميول والتوجهات)الترند trend و(الطوندونسtendance؛ والترند هو: “اتجاه معين لتحرك الأسعار، ويتم تقييم سلوك الترند أو الاتجاه عند إجراء التحليل الفني. الاتجاهات قد تكون مؤشراتها في الهبوط (وتعرف أيضا باتجاهات الدببة)، وقد تكون صاعدة ..وكقاعدة عامة، عندما يكون الاتجاه هابطا، فمن المستحسن فتح مراكز البيع، وعندما يكون الاتجاه صاعدا، فإنه من المستحسن فتح مراكز شراء، وعندما لا يكون هناك اتجاه محدد، فمن الأفضل عدم القيام بأي عمليات”.
هذه لمحة عامة ومختصرة جدا، لتعريف هذا المفهوم ومجاله، وقد تفتح أفقا لبحث اكاديمي متفرد، نظرا لغزارة المعجم الذي يزخر به المجال والمرتبط بالزمن الرقمي المعاصر مثل (الترند، الطوندونس، المتابعين، الجيم، البارتاج..) وغيرها من المفاهيم والمصطلحات الوظيفية، وقد شكلت لغة رقمية تستوجب معالجة لسانية واجتماعية واقتصادية وتربوية. وحسبنا في هذه المقالة أن نمهد لتجليات هذه اللغة ومصطلحاتها وحضورها في المجال التربوي والقيمي.
• المؤثر: فاعل اجتماعي وتربوي
تلقفت العديد من الحقول مفهوم “المؤثر” واستعانت به من خلال ترحيله من المجال الاقتصادي التسليعي (أي من الوظيفة الترويجية )، إلى الوظيفة الترافعية؛ سواء في الحقل السياسي الاجتماعي أوالحقل الديني أو الثقافي والتربوي، و بحكم سابق اشتغالي على مفهوم “الجماعات الافتراضية” وطبيعة تشكلها ومميزاتها ومكوناتها ،فإن الوقوف عند مفهوم “المؤثرين” متقدم بالنسبة للحقل الثقافي والتربوي والديني.
يمكن القول هنا أن “المؤثر” أصبح مفهوما وظيفيا، وبحكم اشتغال مؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء على ورش “الفاعلين” أو المتدخلين في السلوك الديني والقيمي، وحيث قامت بتأهيل فاعلين كثر تستعين بهم في التحسيس والتوعية والتثقيف كالمثقفين النظراء، والأطفال الرواد، والعلماء الوسطاء، والباحثين الجامعيين، وانخراط المؤسسة المبكر في مقاربات التمنيع والمواكبة التي أسست لها عمليا ونظريا عبر تراكم نظري وخبراتي في المجالات ذات الصلة والتي يعتبر مكافحة التطرف العنيف إحدى وجوهها الأساسية، حيث فتحت الرابطة المحمدية للعلماء ورشا جديدا لبناء القدرات عبر دراسة ميدانية في مختبراتها العلمية وتحت اشراف الدكتور أحمد عبادي، والذي يتناول تفكيك وتحليل وإعمال الفاعلية التأثيرية الرقمية، وصياغة كل ذلك على شكل دلائل تأطيرية تؤهل فاعلين مؤثرين ييظهرون رقميا بمضامين إيجابية وجذابة تناسب عقول ووجدانات الشباب.
وتنبني هذه الرؤية الجديدة والمجددة، حسب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء،أحمد عبادي على الانتباه لمفهوم “الانتباه” ومركزيته في راهننا الذي تطبعه السرعة والتنافس الشرس على هذه العملة الصعبة والناذرة، وهي الظفر بانتباه الجمهور وخصوصا منهم الشباب، حتى يتم التمكن من الااشتباك الحقيقي مع مختلف الموجات التسونامية الكاسحة االتي تضر بالمجتمعات وتفتك بأمنه واستقراره وتهدر طاقات مستقبله من أطفال ويافعين وشباب، وهو ما جعل العناية بالأجيال من الأولويات الكبرى للرابطة المحمدية للعلماء.وهذا نوع من االمواكبة المسؤولة لأجيال المملكة من أجل حفظ الدين والقيم، وبناء جهاز مناعاتي يؤمن بقيم الفكر النقدي والتساؤلي والإيجابية المبدعة؛ فقد حدد الأمين العام للرابطة أبرز معالم المشروع التأثيري وهي :
– الوضوح
– الجاذبية
– الابداع

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *