أبحاث لتمكين الأجهزة من قراءة مشاعر البشر والتصرف إزاءها

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » أبحاث لتمكين الأجهزة من قراءة مشاعر البشر والتصرف إزاءها

بالنظر إلى الوقت الطويل الذي يقضيه كثيرون بصحبة الحواسب والهواتف الذكية ونحو ذلك من الأجهزة، والمساحة المتزايدة التي تحظى بها في الحياة اليومية، ليس غريباً أن يشعر أحد بالغضب تجاه أجهزته، بسبب مشكلات عدة كنفاد البطارية في وقت حرج، أو تعطل نظام التشغيل، أو الحاجة المتكررة إلى تحديث البرمجيات.

وأحياناً يدفع هذا الغضب أن يعنف المستخدم جهازه كما لو كان يتشاجر مع شخص حقيقي! أو حتى يرغب في لكم حاسبه، أو صفع هاتفه أو تحطيمه، لكن تبقى تلك مشاعر لا تعيها ولا تتأثر بها الآلات الجامدة.

وإذا ما أمكن للحواسب أو الهواتف مثلاً إدراك مشاعر البشر كتغير ملامح وجوههم، وتصاعد شعورهم بالغضب أو أي مشاعر من نوعٍ آخر، والاستجابة لها، فإن ذلك يُشير إلى العديد من الاحتمالات.

وبالفعل تتجه أبحاث وشركات عاملة بالتكنولوجيا لهذا المجال، فتحاول دمج المستشعرات في الأجهزة المختلفة بما يُتيح قراءة مشاعر البشر والتصرف حسب تغيرها، وفق ما تناول مقال كتبه نيك بيلتون في صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

وفي حين لاتزال هذه التقنيات في مهدها، يمكن تخيل بعض تطبيقاتها المحتملة مستقبلاً، فعلى سبيل المثال، يُمكن للحاسب الشخصي استشعار شعور المستخدم بالإحباط جراء تكرر عطل أحد البرامج، فيقترح عليه بلطف المشي لبعض الوقت بينما يتصل بالدعم الفني.

وأيضاً ربما يستشعر الهاتف الذكي نوعاً أو آخر من مشاعر المستخدم، ويعمل بسرعة أكبر استجابةً لها، ويُوقف استقبال الرسائل والتنبيهات، وحتى السيارات يُمكن تزويدها بالقدرة على الاستشعار المبكر لغضب السائقين الآخرين بسبب ظروف القيادة والمرور، فيُخفف النظام من الإضاءة ويُحكم توجيه السيارة.

وعلى امتداد سنوات، حاول باحثون التعرف إلى المشاعر البشرية من خلال رصد وتحليل تعبيرات الوجوه.

وحالياً يستخدم باحثون مجموعة جديدة من المستشعرات يُمكنها الحكم على المشاعر بأساليب، منها متابعة تنفس الأشخاص وحالة بشرتهم.

ومن بين المحاولات الأخيرة، تجربة أجراها أخيراً مهندسون في جامعة «ستانفورد» الأميركية، تضمنت تزويد وحدة التحكم في منصة الألعاب «إكس بوكس 360» بأدوات استشعار صغيرة تقيس معدل ضربات القلب وتدفق الدم ومعدل التنفس ومدى عمق التنفس، بهدف التعرف إلى مشاعر اللاعبين، وتغيير اللعبة تبعاً لها.

وقال طالب الدكتوراه في جامعة «ستانفورد» والمشرف على التجربة، كوري ماكول، إن «وحدة التحكم المعدلة تتواصل مع الجهاز العصبي اللاإرادي أو الذاتي، وهو أحد أجزاء الدماغ ويعمل إلى حدٍ كبير من دون وعي منا للتحكم في وظائف حيوية، من بينها ضربات القلب والتنفس واللعاب، ويوفر قياس هذه العلامات سبيلاً لمعرفة ما يجري في الدماغ».

ومن خلال مراقبة هذا النظام يمكن للمستشعرات التعرف إلى ما إذا كان الأشخاص يشعرون بالسعادة أم الحزن، وبالحماسة أم الملل. وأضاف أنه «بهدف محاولة تحديد المشاعر، تقيس المستشعرات الوقت الذي يستغرقه تيار كهربائي خفيف ليسري من ذراع إلى أخرى»، موضحاً أنه «عند شعور الشخص بالتوتر يصعب مرور التيار، بعكس الحال عند شعوره بالاسترخاء والهدوء».

وفي ما مضى لزم استخدام «تخطيط أمواج الدماغ» لتسجيل النشاط الكهربائي للدماغ كطريقة وحيدة للوصول لمثل هذه القراءات، وكان من الضروري وصل أقطاب الجهاز برأس الشخص، ووضع نوع خاص من الهلام أو الجِل، وأحياناً ما تطلب حلاقة شعر الرأس، بينما في تجربة ماكول لا يحتاج الأمر سوى مستشعرات صغيرة لا تغير في شكل الجهاز.

ومثلت وحدة التحكم المعدلة جانباً من أبحاث مختبر أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة «ستانفورد»، جريجوري كوفاكس، التي تجرى بالتعاون مع شركة «تكساس إنسترومنتس» الأميركية، التي تنتج أشباه الموصلات ومعالجات الهواتف الذكية، وإضافة إلى الألعاب تشمل تجارب المختبر تزويد السيارات بمستشعرات ترصد المشاعر ودرجة اليقظة.

كما تختبر بعض شركات التكنولوجيا أفكاراً مختلفة في الإطار ذاته، وكانت شركة «ريسيرش إن موشن»، «بلاكبيري» حالياً، حصلت على براءة اختراع في عام 2005 لمستشعرات للهواتف الذكية تنقل مشاعر المستخدمين عند كتابتهم للرسائل النصية.

كما جربت «سوني إريكسون» متابعة وجوه الأشخاص على كاميرات الهواتف الذكية، وزُود هاتف «سامسونغ غلاكسي إس 5» الجديد بمستشعر لضربات القلب، ما يتيح استخدامه لتحديد الحالة الصحية أو الذهنية، وطورت «أفكتيفا» الأميركية برنامج «أفدكس» الذي يقرأ تعبيرات الوجوه ويربطها بالإعلان والعلامات التجارية والإعلام.

وقدم «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» مشروع «أوتو إيموتيف» البحثي الذي يعمل على تطوير سيارة يمكنها رصد شعور سائقها، وتحذير سائقي السيارات الأخرى إذا كان غاضباً من خلال تغيير لونها الخارجي باستخدام طلاء موصل.

وفي مختبر «وسائط الإعلام» أو «ميديا لاب» في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» يرجع الفضل إلى روزاليند بيكارد في بدء ما يُعرف بالحوسبة الوجدانية، التي تعني تطوير أنظمة وأجهزة يمكنها معرفة وتفسير ومعالجة ومحاكاة التأثيرات البشرية.

وأجرت بيكارد تجارب اعتمدت على مجموعة متنوعة من أدوات الاستشعار موزعة على مختلف أجزاء جسم الإنسان، وأحياناً ما وضعت مجموعتها المستشعرات في الجوارب والأحذية وقريباً من المعصمين والمرفقين، كما استعانت بها في حالات أخرى لمتابعة إفراز العرق.

وتشمل التطبيقات المحتملة لهذه التقنية في المستقبل استثمارها في مساعدة الأطفال على التعلم، فيمكنها رصد شعورهم بالملل والضجر، ومن ثم حث المعلم على تغيير طريقة الدرس أو الواجبات.

وتعتقد بيكارد أنه يلزم لعمل هذه التقنيات بشكلٍ موثوق به أن تعلم المستشعرات والبرمجيات بمكان الشخص وما يقوم به.

لكن إمكانية تعرف الحواسيب والهواتف والسيارات على حقيقة مشاعرنا تبدو مخيفة للبعض.

واعتبر الدكتور كوفاكس أن ذلك قد يكون الثمن الذي يتعين علينا دفعه؛ ليس فقط لتحسين التكنولوجيا، وإنما لحماية الناس أيضاً. وأضاف أنه «بينما قد يعتبرها البعض خرقاً للخصوصية، يعتقد أنه ينبغي على المسؤولين عن تلك المعدات منح بعض الخصوصية مقابل الثقة التي تولى إليهم»، وأضاف أنه «في حالات كثيرة يمكن إيقاف تشغيل هذه المستشعرات على أي حال».

الإمارات اليوم

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *