جرت العادة طوال السنوات الماضية أن يشتمل حاسوب المرء المكتبي على نظام التشغيل ويندوز وبرنامج الأوفيس واللذين تتقاضى عنهما شركة مايكروسوفت حصة مالية مع كل حاسوب يشتريه المستهلك تقريبا.
ولا تزال حصة مايكروسوفت محفوظة حتى الآن مع جميع أجهزة الحاسوب المحمول والمكتبي التي تباع في الأسواق. كما تطمح الشركة أيضا في أن تكون لها مشاركة واسعة في مجال الهواتف الذكية والألواح الرقمية، ورغم أنها تبلو بلاء حسنا في هذا الصدد إلا أن منافستها القديمة، شركة أبل، لا تزال تحتل مكانة راسخة بفضل نظام تشغيلها (أي أو أس- iOS) (كما يكتسب نظام التشغيل OSX انتشارا واسعا مع مرور الوقت)، إلى جانب غوغل التي تهيمن على الأسواق بنظام الأندرويد.
وتعمل أبل وفقا لمبدأ مشابه لمايكروسوفت، حيث تأخذ حصة من أرباح البيع، لكنها تجمع بين مكونات الحاسوب المادية والبرامج معا، بينما تركز مايكروسوفت على جانب البرمجيات. غير أن غوغل، التي تقدم برنامجا مجانيا، تلعب لعبة مختلفة تماما. فالمهم بالنسبة لها هو الإيرادات المتواصلة التي تأتيها من المستخدمين من خلال الإعلانات. فكلما زاد عدد المستخدمين في عالم غوغل، ازداد حجم الأرباح التي تجنيها الشركة. لكن ماذا عساها تكون الطريقة الأفضل لتوسيع انتشارها أكثر من الانتقال من مجرد متصفح للويب إلى تشغيل سطح المكتب بأكمله؟
تملك غوغل حاليا (نظام التشغيل كروم- Chrome OS) الذي يقوم عدد من الهاكرز ومطوري البرامج والمصنعين بالعمل على تطويره والاستفادة منه- وخير مثال على ذلك، حاسوب (كروم بوك- Chromebook) من سامسونغ. ولكنه نظام تشغيل منفصل عن الأندرويد. فهل تحتاج غوغل فعلا إلى نظامين للتشغيل؟
إليكم الآن المشكلة الجوهرية التي تؤرق ستيف بولمر وشركة مايكروسوفت بصورة عامة. إذا تخطت غوغل في مساعيها الخاصة بأنظمة التشغيل مرحلة ما بعد الأندرويد، وعملت على تعزيز انتشار الأندرويد على نطاق الحواسيب المكتبية، فكم شركة مصنعة ستكون راغبة في الحصول على بديل ثان لنظام التشغيل الوحيد المتوافر لديها؟ وكم قسما من أقسام تقنية المعلومات سيكون على استعداد لدعم هذا النظام؟ وكم مستخدما سيشعر بالارتياح تجاه أن يتوافر لديه نظام تشغيل حاسوبي هو ذاته الذي يستخدمه لهاتفه النقال؟ أليست هذه هي نفس الإستراتيجية المشتركة بين الحواسيب المكتبية والهواتف النقالة التي تحاول مايكروسوفت تنفيذها من خلال الجمع بين ويندوز فون 8 وويندوز 8؟
لكن غالبية المستخدمين لن يسارعوا إلى تبني الخيار الجديد إلا إذا أيقنوا بأنه يتمتع بالكفاءة وبأن حاسوب الأندرويد سيلبي جميع احتياجاتهم وبأنه ليس خيارا حماسيا عابرا… فالناس يحتاجون عموما إلى أن يروا غيرهم وهم يستخدمون نظام التشغيل الجديد كي يشعروا بالثقة تجاه الانتقال إلى البديل. وسينبغي على الشركة المصنعة أن تتحلى بالجرأة وتحسم أمرها للالتزام بصناعة حاسوب أندرويد مكتبي، على افتراض أن غوغل ستمضي قدما في هذا المشروع وتمنحه الدعم الملائم على مستوى الشركة.
إن مايكروسوفت بدأت تشعر فعليا بوطأة الضغوط التي تسببها غوغل نظرا لانخفاض الطلب على برنامج الأوفيس، ولا تزال هذه الضغوط في تصاعد مستمر. وإذا قررت غوغل أن تستهدف سوق الحواسيب المكتبية والمحمولة بنفس الحماس الذي مارسته تجاه سوق الهواتف الذكية وإعلانات الأجهزة المحمولة… فإن هذا الأمر سيؤدي إلى انخفاض كبير في إيرادات شركة مايكروسوفت، وسيلفت المزيد من الأنظار نحو غوغل.
لم يتضح بعد ما إذا كان سيصدر عن نظام التشغيل (أندرويد) نسخة مكتبية رسمية، لكن هذا الأمر ينطبق على مايكروسوفت أيضا. ولا شك أن احتمالية حدوث ذلك ستؤثر بشكل كبير على حصة مايكروسوفت من سوق أنظمة التشغيل، لذا فإن انتقال المستهلكين من استخدام ويندوز إلى أندرويد هو حتما أسوأ الكوابيس التي يمكن أن تواجهها الشركة.
إيوان سبنس / ترجمة: محمد البلواني