بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيسه، أصدر اتحاد كتاب المغرب مؤخرا ضمن منشوراته، عشرة كتب نقدية لكل من مصطفى يعلى، وخالد أقلعي، وهاشم الريسوني، وأحمد زنيبر، وعبد الرحمن تمارة، وعبد الدين حمروش، ومحمد بوعزة، ومحمد الدوهو، وكتاب تكريمي للدكتور كمال عبد اللطيف، إلى جانب كتاب آخر عبارة عن شهادات معظم أعضاء الاتحاد بنفس المناسبة.
وكتاب “نحو تأصيل الدراسة الأدبية الشعبية بالمغرب: نماذج نظرية وتطبيقية على طريق التأصيل”، للدكتور مصطفى يعلى، يتكون من العناوين التالية:”قبل، نحو تأصيل الدراسة الأدبية الشعبية بالمغرب، الأدب الشعبي موضوعا للدراسة الأدبية”. و”وظائف المرأة في الحكاية المغربية المرحة، قراءة في حكاية مغربية عجيبة”. و”تلقي القصص الشعبي، التكرار باعتباره مكونا بنائيا في الحكاية”، و”الحكاية العجيبة بين الشفاهية والكتابية: ائتلاف في الثوابت واختلاف في التفاصيل”. و”وبعد ،المحتويات”.
ولتقريب القارئ من القضايا المتعلقة بالأدب الشعبي التي ناقشها الكتاب، نورد فيما يلي، الكلمة المثبتة على ظهر الغلاف الأخير من الكتاب.
وتتركز مقصدية الأبحاث المدرجة بين دفتي هذا الكتاب، على محاولة استطلاع بعض القضايا المرتبطة بالأدب الشعبي، واستنطاق عدد مهم من نصوصه السردية، بهدف الإجابة تطبيقيا عن طائفة من الأسئلة الملحة في حقل الدراسة الأدبية الشعبية بالمغرب، من مثل؛
- كيف نظرت النخب المثقفة في المغرب إلى هذا الأدب المغبون؟
- وكيف ولماذا ومتى شرعت هذه النظرة في التحول من الضد إلى الضد؟
- ومن هم الجنود المجهولون الذين كانوا يعنون به في مرحلة التأسيس الصعبة، عاملين في دأب وإخلاص ونكران ذات، من أجل تأصيل وإرساء الدراسة الأدبية الشعبية في المغرب، بهدف إعادة الاعتبار إلى أدب همّش تحت طائلة فهم ووعي مغلوطين طال أمدهما؟
- ثم، هل هذا الأدب يستحق الجهود المبذولة من أجل جمعه ودراسته؟
- فأية ثيمات وأية جماليات وأية وظائف وأهداف، وما إلى ذلك من مواصفات وإشكالات هذا الأدب، تغري ببذل هذه الجهود وتبررها؟
- بل، هل هذا الأدب موجود أصلا؟ وإذا كان موجودا، فما هو حجم التراكم المتحقق لمتونه؟ وقبلا، أيملك فعلا خصوصيات تربطه بالتربة المحلية والوطنية والقومية، مع العلم أنه ينتمي في الأصل إلى حقل أوسع هو الحقل العالمي؟
- وأخيرا، هل يمكن أن يكون المنجز الأدبي الشعبي مصدر إلهام وإغناء لمختلف أجناس وأنواع الأدب الرسمي ذاته، فيخصبها بالأساطير المثرية والرموز العميقة وأشكال التعبير المدهشة، فاتحا أمام مبدعيها آفاقا شاسعة في مجال الخلق والتجريب والامتياح، تساعدهم تعبيريا في إنجاز عملية تحديث أساليبهم وتنويع !
وبرأي بعض النقاد فقد عُرف الباحث مصطفى يعلى باستغراقه في الدراسة الأدبية المهتمة بالقصة القصيرة والرواية في المغرب، وبتخصصه العميق في القصص الشعبي بالمغرب والعالم العربي، وبما أنجزه على المستوى البيبليوغرافي مبكرا، حول الرواية والقصة القصيرة بالمغرب، باعتبار هذا الحقل العلمي الدقيق بمثابة البنية التحتية للبحث الأكاديمي، الأمر الذي مكنه من أن يحقق تراكما مهما في الإبداع القصصي وفي الدراسة الأدبية والشعبية والبيبليوغرافية.
وفي شهادة سابقة في حق مصطفى يعلى، ومعنونة بـ”أديب وليس أيقونة”، ذكر الكاتب محمد أنقار أن فحوى العنوان أن “يعلى ليس من صنف أولئك المثقفين، الذين تكاثروا في زمننا كالفقاعات وغدا الناس يمتدحونهم كما لو كانوا أيقونات تعبد. أولئك الذين يلهثون وراء الشهرة والمصالح المادية والبريق الكاذب”، مؤكدا أن ما شده إلى يعلى هو ولعه بكتابة القصة القصيرة ونشرها وقراءة الرواية، مثل ولعه هو نفسه.
ويضيف أنقار: “عرفت يعلى كاتباً للقصة القصيرة بامتياز مثلما عرفته رجلاً يرفض الشهرة والظهور المجاني بمناسبة أو من دون مناسبة. ولعل هذه واحدة من أبرز سماته في ممارساته الثقافية والإبداعية. هو رجل يعشق الجلسة الفريدة من أجل القراءة والتأمل. يزور عن التجمعات والتظاهرات الكثيفة، ولا يجد ذاته في المديح الزائف والإطراء الكاذب. كأنه وطد نفسه منذ البدء على أداء الرسالة في صمت بعيداً عن الأضواء. وكم ناجيت نفسي قائلاً إن مصطفى يعلى ليس أيقونة تعبد في حقل الثقافة المغربية المعاصرة. بل هو رجل الصراحة والمثابرة والعمل في الظل”، يختم الناقد والكاتب أنقار شهادته.
نورالدين اليزيد