منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يدعو إلى تجديد الخطاب الديني

الرئيسية » تربية وتكوين » منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يدعو إلى تجديد الخطاب الديني

منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يدعو إلى تجديد الخطاب الديني

شهد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية صباح أمس، افتتاح فعاليات الدورة الثانية لـ «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة 2015» بحضور 350 عالماً ومفكراً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم.

ويبحث المنتدى الذي يستضيفه فندق «سانت ريجيس» الكورنيش بأبوظبي ـ لمدة ثلاثة أيام المخاطر التي تعصف بالأمة الإسلامية وإمكانية وضع حد للنزيف الذي يهدد مستقبلها وإيجاد المخرجات السلمية لدرء المخاطر المحدقة بالمنطقة وانعكاسات هذه المخاطر على مناطق مختلفة من العالم إلى جانب السعي لخلق تيار سلام قوي في المجتمعات المسلمة يناهض تيار العنف والغلو والتطرف.

فقه السلم

كما يبحث نشر ثقافة السلم وإحياء «فقه السلم» في المجتمعات الإسلامية في ظل ما تشهده بعض المجتمعات العربية من أحداث جسيمة وانقسامات وأفكار متطرفة وعنف وحروب أهلية ووضع مبادئ وقيم السلم في موقع الأولوية في مناحٍ معينة من الفقه الإسلامي وتحديد المفاهيم الملتبسة التي تسببت في إحداث الفوضى والصراعات في العالم العربي والإسلامي.

وأكد رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، على أهمية تجديد الخطاب الديني والتركيز على قيم السلم والتسامح والمحبة والحوار التي جاء بها الدين الإسلامي والعمل على نشرها في العالم، مشيراً إلى أهمية أن ينزل علماء الدين إلى الميدان وأرض الواقع لبيان الأدلة الصحيحة لهذا الدين ونقض كل التأويلات المغلوطة والتفسيرات الملتوية والمحرفة والتي يتخذها المتطرفون والإرهابيون مبرراً للقتل وسفك الدماء.

برمجة أولويات

وأشار بن بيه إلى أن الدورة الثانية للمنتدى تهدف إلى إعادة برمجة الأولويات في المجتمعات المسلمة بتأهيل العقول والنفوس لإدراك محورية السلم في الدين الإسلامي وشريعته الغراء، من خلال اعتماد المنهجية الصحيحة في قراءة نصوص الوحي والسنة الشريفة، لأن ما يجري اليوم في المنطقة ليس مما يأباه الإسلام وتجرمه الشريعة فحسب بل هو خارج عن نطاق العقل والإنسانية.

وعبر العلامة عن تفاؤله بأن ينجح المنتدى في تحقيق أهدافه الأساسية في نشر الاعتدال ومفاهيم السلم والحوار، خاصة وأنه يعقد في رحاب دار زايد الخير وبرعاية قيادتها الرشيدة التي جعلت من دولة الإمارات واحة للاعتدال والوسطية والتسامح ما بين جميع الناس من مختلف الجنسيات والأعراق والأديان، فعكست بذلك صورة الإسلام الحقيقية الحضارية.

وحذر بن بيه من التشويش على صفات الإسلام خاصة في زمن انتشرت به الحروب والصراعات وأعمال الإرهاب، رافضاً تحميل المسؤولية بما آلت إليه أحوال المسلمين والصور المشوهة التي تكونت في ذهن الكثيرين عن الإسلام إلى نظرية المؤامرة فقط، بل لابد من الاعتراف بالتقصير من قبلنا والعمل على استدراك الأخطاء وتصويب الأخطاء.وقال إن المنتدى يتطرق إلى مجموعة من المفاهيم مثل التكفير والجهاد، التي يتخذها البعض ستاراً لتبرير أعمالهم الإرهابية ويلبسها لبوساً إسلامياً والإسلام براء منها، موضحاً ان الجهاد له شروطه وأسبابه ودوافعه وهو جاء في سياق تاريخي معين فرض وجوده لغاية محددة.

سطحية

وفي كلمته أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن الحملات التي تشنها وسائل الإعلام على الخطاب الديني باعتباره المسؤول الأول والأخير عن ظهور «داعش» وأخواتها هي حملات تتصف بالسطحية في تبسيط الأمور، وهي إذ تختزل أسباب ظهور هذه الجماعات في سبب واحد هو الخطاب الديني فإنها تتغافل عن عوامل أخرى دفينة دفعت بهؤلاء الشباب إلى انتهاج العنف المسلح كحل أخير يائس لتغيير مجتمعاتهم.

وقال إن «الإخفاقات المتتالية وثقافة التهميش التي عاشها هذا الجيل على أكثر من مستوى أسهمت إسهاماً واضحاً في شعور الكثيرين بالإحباط واليأس، وبخاصة الإخفاقات السياسية والاقتصادية والنفسية، مشيراً إلى أن الخطاب الديني وحده ليس هو الحل، بل هو جزء من حل المشكلة، فهناك خطابات عدة سياسية واقتصادية وتعليمية وثقافية وإعلامية وفنية كانت كلها معاول هدم وتحطيم لآمال الناس وأحلامهم وتحتاج الآن إلى إصلاح لا يقل شأناً ولا خطراً عن إصلاح الخطاب الديني.

تصحيح المفاهيم

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن العالم الإسلامي اليوم أصبح في أشد الحاجة إلى مراجعة أمينة وقراءة نقدية لهذه المفاهيم في تراثنا الإسلامي، وبيانها للناشئة من التلاميذ ولطلاب الجامعات في مقررات دراسية جادة تسهم في تحصين شباب العرب والمسلمين من الوقوع في براثن هذه الجماعات المسلحة، داعياً المشاركين في المنتدى إلى أهمية الاتفاق على رؤية استراتيجية واضحة المعالم بينة الأهداف والغايات لانتشال شبابنا من حالة الاضطراب والتذبذب العقدي والفكري في إدراك أُصول الدين وأُمهات قضايا العقيدة والأخلاق، إلى حالة الهدوء النفسـي والاستقرار الإيماني والفهم الصحيح لدين أسهم في صنع حضارة عالمية، وتأسيس أخوة بشـرية، وزمالة عالمية لم ينسج على منوالها دين حتى الآن.

وتقدم الدكتور أحمد الطيب في كلمته بخالص الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومة راشدة، وشعباً نبيلاً، لرعاية هذا المنتدى وحرصها المشكور على انعقاده كل عام، بحضور دعاة السلام ومحبي الإنسانية من كل أصقاع الدنيا.

وأكد فضيلة شيخ الأزهر الشريف أن هذه الفوضى الدموية – التي تتخذ من مقولة التكفير حجة وسنداً – تحتاج إلى استنفار علمائي يتصدى لهذه الفتنة في كل عواصم العالم العربي، بل في كل مدينة فيه، ولا يتحقق ذلك إلا بالنزول إلى حقول التعليم وبخاصة التعليم قبل الجامعي.

ثقافة السلم

وشدد على أن هذا الأمر أصبح الآن ضرورة من الضرورات القصوى، ذلكم أن التركيز على التعليم أو الخطاب التعليمي أهم وأجدى من التركيز على خطاب الجمهور، لأن القاعدة العريضة من الجماهير لا تزال محصنة ضد ثقافة التكفير، بخلاف الجيل الجديد الذي يعول في اكتساب المعرفة على وسائل الاتصال الإلكترونية، وهي مخترقة اختراقاً كاملاً من قبل هذه الجماعات، وتستهدف أول ما تستهدف شباب الطلاب من المرحلة الثانوية والجامعية.

فقه السلام

وأضاف فضيلته، إن مهمة إحياء فقه السلام في دين الإسلام أصولاً وتراثاً أمر لم يعد ترفاً أو خياراً ممكناً، بل هو أشبه بطوق النجاة الآن، داعياً المشاركين في المنتدى إلى جمع الكتب والمجلات التي تصدرها الجماعات الإرهابية المسلحة، وبخاصة عبر وسائل النشـر الإلكترونية، وتظهر بأكثر من لغة غير اللغة العربية، والتي تحمل خطراً داهماً على الشباب، هذه الكتب والمقالات لابد من جمعها وتصنيفها ونقضها جملة وتفصيلاً، وثمة عمل ثالث لابد منه لمحاصرة القواعد العقدية التي تنطلق منها جماعات القتل المسلحة، وبخاصة قاعدة التكفير، أو مبدأ التكفير الذي أصلوه في أبياتهم وأضلوا به قطاعاً عريضاً من الشباب المسلم في الشـرق والغرب.

فتاوى ابن تيمية

ونوه إلى أن بعض الفتاوى أو الأحكام التي يصدرها هذا الفقيه أو ذاك في العصور الخوالي إنما صدرت لمواجهة ظروف استثنائية لا يمكن القياس عليها الآن، وقضية التكفير أصدق مثال على دعوانا هذه، حيث نرى جماعات الإرهاب المسلح اليوم تستند إلى أحكام ينقلونها عن ابن تيمية وابن كثير رحمهما الله، تنص على أن النطق بالشهادتين لا يكفي للحكم بإسلام الشخص، بل لابد من اقتران العمل بهما والخضوع الكامل لأحكام الإسلام، والالتزام «بالدفاع عن الجماعة والدولة الإسلامية والشّـريعة»، فإذا خرج المسلم، أو المسلمون عن هذه الشـروط فهم كفار يجب قتالهم.

وقال إن جلية القول في هذا الفهم المغلوط إن ابن تيمية، رحمه الله، إنما قال ذلك الكلام في القرن السابع والقرن الثامن الهجريين، وكان مشغولاً بمواجهة المعارك العنيفة الدامية بين المسلمين وغارات التتار الذين أسقطوا بغداد واستولوا على الشام ووصلوا إلى مصـر التي هزمتهم في عين جالوت، وكان التتار في ذلكم الوقت يظهرون إسلامهم ويبطنون كفرهم، وكان كحامي الدويلات المسلمة لا يجدون حرجاً من الاستعانة بهم في السيطرة على ما تبقى في أيديهم من البلاد، وفي هذه الظروف تحديداً قال ابن تيمية ما قال من انه لابد من اقتران العم بالشهادتين حتى يمتاز المسلم عن غيره من المتظاهرين بالإسلام الذين يكيدون للمسلمين ويقتلونهم.

النهج الوسطي المعتدل

من جانبه أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية أحمد التوفيق على أهمية السلم الذي هو أساس العبادة، وبالتالي فإن علماء الإسلام يجب إن يكونوا من أحرص الناس على نشر السلم تعاليمه من أجل ضمان البيئة السليمة والصحيحة للعبادة.

التكفير جريمة وذريعة للفكر الخارجي والقتل

 ناقشت الجلسة العامة الأولى للمنتدى المحور الأول جغرافية الأزمات وتجارب السلم والمصالحة في المجتمعات الإسلامية، تحدث فيها الدكتور سمير التقي من سوريا مدير مركز الشرق للبحوث بدبي والدكتور حميد أول الدين وتحدث عن تجربة السلم والمصالحة في إقليم «آتشيه» في إندونيسيا.

فيما استعرضت الجلسة الثانية محور «تصحيح وترشيد المفاهيم المرتبطة بتعزيز السلم»، التي ترأسها الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وتحدث فيها العلامة عبد الله بن بيه رئيس المنتدى بكلمة تناول فيها قضية التكفير، كما تحدث الدكتور أحمد الحداد حول مفهوم التكفير وموجباته، فيما تحدث الدكتور أحمد هليل قاضي قضاة الأردن حول التكفير وأثاره والجهة المخول لها الحكم به، وتحدث الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية حول الجهاد، وتحدث الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة في جامعة الإسكندرية حول الجهاد والسلم في القانون الدولي والإسلامي. ومن المقرر أن يناقش المنتدى في يومه الثاني قضية تأصيل السلم في الإسلام إلى جانب مجموعة من ورش العمل تتناول مصطلحات الجهاد والقتال والتكفير وتأصيل السلم.

شدد العلماء في الحلقة الثالثة للمنتدى على التوقف عن التكفير بين الناس، وأن التكفير متروك بيد أهل العلم وفق شروط، ولكن الأمة ابتليت ببعض من يكفرون ويستبيحون الدماء، وناقش العلماء سبل وقف حملات التكفير والقتل بين الناس، في الندوة التي تناولت محور تصحيح وترشيد المفاهيم المرتبطة بتعزيز السلم، وناقشت التكفير ومفهومه وواجباته، للدكتور أحمد الحداد، والتكفير وآثاره والجهة المخولة له، واستدل الدكتور أحمد هليل أمام الحضرة الهاشمية وقاضي قضاة الأردن، بما قام به التكفيريون ومستبيحو الدماء تجاه الشهيد الطيار معاذ، وقال إن التكفير يجعل المغرضين يستغلونه ذريعة لقتل الناس. وشدد الشيخ أحمد الحداد كبير المفتين بدائرة الإفتاء في دبي، على وجود ضوابط ونصوص حتى يقع الإنسان في هذا الأمر، وليس كل من شاء تكفير أحد يقوم بتكفيره، وتناول فضيلته المفاهيم والموجبات الخاصة بالتكفير.

وأشار إلى أن التكفير يعد حجر الزاوية للفكر الخارجي، والمقصود به الخوارج ومن يسيرون على دربهم. ولفت إلى أن الذنوب والمعاصي والتي يكفرون من يفعلها ليست من العقيدة الإسلامية، وهو جهل بالإسلام، ومعانيه، والتكفير يرتبط ويتحدد من خلال قاض مختص ويصدر من خلال هيئة من العلماء والمختصين. وقال العلامة بن بيه بالنسبة للتكفير هناك عناصر حاكمة، والتوسع في التكفير أوصلنا لهذا الذي نعايشه، الأمر الآخر فإن التكفير نوع من القتل المعنوي، والأمر الآخر هو من يحكم بالكفر وهي تتعلق بالفتوى ودرجات القضايا التي يفتي فيها الناس، والفتوى يجب ان ترتب في مراتب بالضروريات من الدين، دون الإضرار بشخص.

مواقع التواصل الاجتماعي تهتم بقضايا المنتدى

استحوذ منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة المنعقد حاليا في أبو ظبي على اهتمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لما يناقشه المنتدى من موضوعات وقضايا مهمة تطرح نفسها على الساحة والممزوجة بالاضطرابات والصراعات التي تعج بها الدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط بغية الوصول إلى موقف موحد لاحتوائها والعمل على تصحيح الصورة الحقيقة للإسلام أمام أنظار العالم.

ونقل محمد الكعبي قول الشيخ عبدالله بن بيه في المنتدى أنه ظل ما تشهده المجتمعات العربية من أحداث جسيمة وانقسامات وأفكار متطرفة وعنف وحروب أهلية يجب أن توضع مبادئ وقيم السلم في موقع الأولوية في مناح معينة من الفقه الإسلامي وتحديد المفاهيم الملتبسة التي تسببت في إحداث الفوضى والصراعات. وغرد بو خالد من أن هذا المنتدى الذي يجمع 250 عالما ومفكرا إسلاميا يعزز قيم السلم والتعاليم الإسلامية الغراء، وينبذ الفكر المتطرف والإرهاب وقال أسأل الله تعالى أن يوفق القائمين عليه ويسدد على يد الخير خطاهم وأن يديم على دولة الإمارات الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.

وغرد أحمد الحداد كبير المفتين بدائرة الإفتاء في دبي عن بدء الجلسة الثانية للمنتدى تعزيز السلم تبتدئ برئاسة محمد مطر الكعبي وأن بحثه يتناول قضية التكفير من حيث مفهومه وموجباته وأهلية الحكم به.

تعزيز ثقافة السلم والأمن

أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور محمد مطر الكعبي أن انعقاد منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في دورته الثانية في دولة الإمارات يؤكد على حرص دولة الإمارات على إحياء ثقافة السلم والأمن والاستقرار في ربوع العالم، خاصة أن مجتمع الإمارات ينظر إليه على أنه نموذج حي في التعايش السلمي والأمن والاستقرار إذ يعيش على تراب هذا الوطن ما يزيد على 220 جنسية في منظومة وئام وسلام على الرغم من التفاوت الكبير في الثقافات والتقاليد والعقائد.

وقال الدكتور الكعبي إن قيادة الدولة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو حكام الإمارات ـ أعطت أهمية قصوى لترسيخ هذا المبدأ الإسلامي الأصيل في التعايش السلمي والتسامح ونشر المحبة بين الناس.

وقال إن الغلو والتطرف من أخطر مهددات الاستقرار والتعايش وله أسباب عدة، منها الفهم السقيم لمسائل الدين وتعلم الأمور الشرعية من غير أهلها المعتبرين والانخداع بالتنظيمات الإرهابية، وتصفح المواقع الإلكترونية المشبوهة، وتغليب العواطف المفرطة على مقتضى الشرع والعقل.أبو ظبي ـ البيان

السلم في الشريعة مبدأ أصيل والحرب استثناء

اكد مفتي جمهورية مصر العربية شوقي علام أن الشريعة الإسلامية راعت أصلاً ثابتاً في الإسلام على نحو دقيق لم يسبق من قبل وتناولته النصوص القرآنية والسنة المطهرة بشمولية وكمال وهو مبدأ «السلم» وأن الحرب استثناء ولا يمكن أن تكون أصلاً.

واستشهد علام بقوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء‏…) للدلالة على أن حقيقة أن الإسلام يدرك طبيعة الاختلاف والتعددية بين الناس وأنهم جميعاً جاؤوا من مصدر واحد وهو آدم عليه السلام، مشيراً إلى أن هذه الآية نزلت في المدينة المنورة ولم يكن المسلمون ضعفاء في هذا الوقت كما أكد الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ هذه الحقيقة في حجة الوداع حين قال «كلكم لآدم وآدم من تراب».

وأكد المفتي الذي سرد آيات عديدة من القرآن الكريم تقر بالتعدد والاختلاف بين الناس ولا يمكن أن تسيّر الأمر إلى صراع، وأن ما يسمى بصراع الحضارات إنما هو وهم واختلاق لأن الله جل وعلا خلق الناس ليعمروا الكون واستخفهم في هذه الأرض لهذه العمارة.

مضيفاً: ولذلك جاء الإسلام بمبدأ البناء والتعمير والتشارك حتى مع أهل الكتاب، «فنحن لسنا مطالبين بأن نحاسب الناس على عقائدهم ولا على أفكارهم إلا ما ضر منها أو ما برز في الظاهر فنوضحه فكرياً وتربوياً، وأما ما كان في القلب فإن الله تعالى مطلع عليه وهو وحده من يحاسب عليه يوم القيامة».

أبو ظبي – البيان

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *