قال باحثون ان دراسة في مرحلة مبكرة اظهرت ان مصلا تجريبيا قد يكون قادرا على ترويض اجزاء من الجهاز المناعي تتصرف بفوضوية في المصابين بمرض السكري من النوع الاول ما يبعث الامل في اسلوب جديد لتأخير او منع المرض المرتبط بالمناعة الذاتية.
وعلى مدى اكثر من اربعة عقود يجرب العلماء طرقا مختلفة لعلاج الجهاز المناعي لمنع تدمير الخلايا المنتجة للانسولين والذي يتسبب في الاصابة بالسكري من النوع الاول. ويؤثر المرض على ما يصل الى ثلاثة ملايين اميركي.
وتسببت محاولات سابقة في قمع اجزاء مرغوبة من النظام المناعي ما ترك الافراد في وضع ضعيف امام الاصابة بالعدوى والسرطان. وتحاول فرق عدة الان تجربة اساليب اكثر تحديدا في اهدافها سعيا لتأخير السكري من النوع الاول او تحقيق الشفاء منه.
ويكون على المصابين بهذا النوع من السكري الان مراقبة مستوى السكر في الدم وتعاطي الانسولين مرات عدة في اليوم. ويحمل العلاج بالانسولين مخاطر، اذ يمكن ان يسبب غيبوبة او الموت في اي وقت ويمكن ان يؤدي الى مرض القلب وتلف الاعصاب والعمى والفشل الكلوي مع مرور الوقت.
وقال ريتشارد اينسل كبير المسؤولين العلميين في مؤسسة بحوث السكري لدى صغار السن “ما يريد المرء عمله فعلا هو ترويض او تنظيم الجوانب المعينة من الجهاز المناعي التي تصاب بانحراف وعدم المساس بباقي الجهاز المناعي”.
وفي احدث جهد في هذا المجال نشر في مجلة ساينس للطب المتعدد اول من امس الاربعاء اختبر فريقان من المركز الطبي بجامعة ليدن في هولندا ومن جامعة ستانفورد في كاليفورنيا مصلا انتج بالهندسة الوراثية لاغلاق خلايا الجهاز المناعي التي تسبب الضرر فقط في حين يترك باقي الجهاز المناعي سليما.
وقال لورانس ستينمان البروفسور في جامعة ستانفورد وهو أحد كبار واضعي الدراسة والمشارك في تأسيس شركة تولريون حديثا بغرض تسويق المصل “الفكرة هنا هي اغلاق الخلايا المناعية المارقة فقط التي تهاجم البنكرياس وتقتل خلايا بيتا التي تفرز الانسولين”.
وشملت الدراسة 80 فردا شخّصت حالاتهم كمصابين بالسكري من النوع الاول ويحصلون على جرعات من الانسولين. وصممت الدراسة لاختبار مدى سلامة المصل المعروف باسم تي.او.ال-3021. ويتألف المصل المعروف باسم مصل الحمض النووي الديوكسي من قطعة دائرية صغيرة من الحمض النووي تسمى البلازميد انتجت بالهندسة الوراثية لاضعاف رد الفعل المناعي على الانسولين والحفاظ على خلايا بيتا المنتجة للانسولين.
ويستهدف المصل بروتينا في الدم يسبق ظهور الانسولين ويسمى بروانسولين. وقال ستينمان “انها سلسلة معقدة من عمليات القص والقطع في الحمض النووي تسلب القدرة على حفز الجهاز المناعي”. واضاف “يتسبب هذا فعليا في اغلاق”.
وبعد 12 اسبوعا من تناول جرعات تعطى مرة كل اسبوع اظهر المرضى الذين حصلوا على المصل اشارات على ان الجرعات ساعدت في الحفاظ على بعض خلايا بيتا المتبقية في البنكرياس من دون التسبب في اعراض جانبية خطيرة.
وساعد المصل ايضا في خفض عدد الخلايا المناعية القاتلة المعروفة باسم الخلايا تي. وكانت لدى المرضى الذين حصلوا على المصل مستويات اعلى من ببتيدات-سي وهي اثر لانتاج الانسولين في الدم يشير الى وجود المزيد من خلايا بيتا العاملة.
وسلم ستينمان بأن المصل ما زال بعيدا عن الاستخدام التجاري لكن الدراسة مبشرة بما يكفي لاجراء دراسة اكبر.
ورخصت جامعة ستانفورد بحقوق المصل لشركة تولريون ومقرها كاليفورنيا والتي تصمم دراسة اطول تشمل ما يصل الى 200 مريض لاختبار ما اذا كان المصل يمكنه ابطاء او وقف تقدم المرض في المرضى الصغار قبل ان يلحق بهم ضرر اكبر يتجاوز امكانية التعامل معه.
وقال اينسل ان العمل واحد من جهود عدة تهدف الى تطوير مصل للسكري من النوع الاول. ويمكن لمثل هذا المصل ان يساعد المرضى على الحفاظ على ما تبقى لديهم من خلايا بيتا ومنحهم سيطرة افضل على مرضهم وربما منحهم المقدرة على الاستغناء عن الانسولين.
والامل ان يمكن في نهاية الامر تطوير مصل فعال يعطى للافراد ذوي الاستعداد الوراثي لظهور المرض.
وتقول منظمة الصحة العالمية ان حوالى عشرة في المئة من 350 مليون مريض بالسكري في العالم مصابون بالنوع الاول. واغلب المرضى مصابون بالنوع الثاني المرتبط بالسمنة وقلة اداء التمارين الرياضية.
رويترز