لننقذ أدمغتنا

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » لننقذ أدمغتنا

أمراض الدماغ؟ لقد أصبحت هذه الأمراض تصيب قرابة 40 بالمائة من الأوروبيين. ويتضاعف عدد المصابين بمرض الزهايمر كل 20 سنة ليقترب من المليون مصاب في فرنسا، إضافة إلى مرض الباركنسون والتصلب الُّلويْحي اللذان يزحفان بسرعة.. ما العمل إذن ؟

لننقذ أدمغتنابادئ الأمر، نكمل الصورة ونقول بأن الوباء بفرنسا يصيب كذلك الأطفال، كون أن إصابة التوحد تضاعفت بمعدل 17 خلال العقود الخمسة الأخيرة، لتصل اليوم إلى 600 ألف حالة بفرنسا. وارتفعت إصابة الأطفال بالأورام الدماغية 20 بالمائة خلال عشر سنوات. أما كثرة الحركة لديهم مع الضعف في الانتباه/التركيز فإنها تحطم الرقم القياسي.

يكشف بحثنا أن تعقيدات العديد من المكونات الكيميائية وسط هذه الموجة العارمة، تم تسجيلها على المستوى العلمي. ومن بين المواد الأكثر إزعاجا المعادن وشبه المعادن (الزئبق، الرصاص، كادميوم، الاليمنيوم الزرنيخي، المنغنيز..) الفليور، المبيدات والعديد من المواد الأخرى كالمنتجات الصحية، وخاصة تلك المتعلقة بالتلقيح(الزئبق والأليمينيوم) والخلطات السِّنية(الزئبق) والعديد من الأدوية.

هشاشة الجنين

أطلق بعض العلماء إنذارا عالميا، سنة 2008، حول اتساع رقعة الوباء العصبي الذي يصيب الأطفال، مشيرين إلى حساسية ومدى سهولة تعرض دماغ الجنين لهذا النوع من السمية العصبية، وأن هذا التعرض المبكر ليست له آثارا قصيرة المدى، بل يساهم في تطوير أمراض الخرف مستقبلا.

جهلا منها بالواقع الحقيقي للمعارف/الإدراك، ترغب السلطات في زرع الطمأنينة، من خلال جعلها لتطور هذه الأمراض بمثابة الفدية الواجب أداؤها من أجل تطويل أملنا في الحياة. إلا أن هذه الأمراض تصيب الأطفال واليافعين، حتى أن مرض الزهايمر الذي يصيب عادة الأشخاص المسنين، أصبح يمس أكثر فأكثر الشباب(ما بين 15 و60 سنة)، أي ما بين 30 ألف و50 ألف بفرنسا، وهو الارتفاع الذي تمت ملاحظته بجميع الدول المصنعة.

ونبين أنه رغم الضرورة الصحية، وتراكم العديد من الدراسات المنشورة بالمجلات الدولية ذات الصلة بالمجتمعات العلمية، فإن كلا من مخطط التوحد 2008-2011 ومخطط الزهايمر 2008-2012 لم يعيرا اهتماما للوقاية.

وكل ما في الأمر، هو إفساح المجال لهذه الأوبئة المخيفة حتى تتسع رقعتها الجغرافية أكثر مما نستوعب.

وبسبب خضوعه للشراكات العمومية والخصوصية، يضطر البحث العمومي للاشتغال بتصور العلاجات الجديدة، ويعد الشركات بمكاسب جد ضخمة، وهي الفرصة المالية التي تتسابق من أجلها كذلك شركات دور العجزة التطبيبية وشركات التأمين الخاصة.

إن نظامنا التضامني للحماية الاجتماعية، معرض للخطر بسبب الكلفة الباهظة لاجتياح هذه الأوبئة، غير أن لأصحاب التأمين موضعا داخل هذه السوق، ويرغبون في الحصول على المزيد.

الوقاية ؟ ليست بالربحية

نستطيع أيضا الحديث عن ” تسليع الوباء”،  كون أن المستثمرين لا يخفون اعتمادهم على التنمية الشبه صاروخية لهذه السوق في العقود الأربعة المقبلة. ويبقى ضمان عودة الاستثمار في هذا المجال، بدون بديل في عالم اقتصادي عرضي أكثر فأكثر.

وعند سؤالنا لبعض الفاعلين الخاصين، أسروا لنا بأنهم لا يربحون سنتيما واحدا عند استثمارهم في الوقاية، بل قد يخسرون الكثير. في حين أن الدولة والتي يفترض فيها حماية السكان، لا تقوم بواجبها هذا، بل تضع تدبير الملف بين يدي الخواص. ولهذا اضطر/لجأ المواطنون، في الحالات المستعجلة، لحماية أنفسهم بأنفسهم. وهكذا يمكننا تقليص عروضنا/توضيحاتنا، بالاشتغال على التغذية، محل الإقامة، جودة التهوية الداخلية، اختيار الأدوية، وعلاجات الأسنان.. وهنا يمكننا تلخيص مبدأ الاحتياطات الواجب اتخاذها، بالقول إنها يجب أن تصبح منهجية/متناسقة كما الحال بالنسبة للحركات الصحية الأساسية،  وبشكل أكثر تعقيدا، بما أنهم يفرضون معرفة مكونات المواد التي يجب تفاديها بسبب المواد المضرة الموجودة بها.

ومن ناحية أخرى، يبقى من الضروري الانتظام، لأنه بدون حركات جماعية، التشريع ومعايير الحماية، يصبحون ثمار اللوبي الصناعي.

يجب النضال وبالأخص، لكي تكون الدعاوى (اللجوء القضائي الجماعي) مصرح/مسموح بها، بغية إعادة التوازن إلى علاقة القوة بين المواطنين والمُسَمِّمين. ومن المهم أيضا الالتحاق بالجمعيات التي تشتغل من أجل بيئة سليمة.

لقد قدنا الثورة الباستورية، ويتبقى لنا إدارة الثورة المتعلقة بالسموم. فاختيار “العلاج- الكلي” ليس مثمرا ومفيدا إلا لشركات الأدوية. وبالتالي لا يمكننا إيقاف وباء هذه الأمراض دون تحديد صارم وجاد لتفسيراتنا.

ترجمة فاطمة الزهراء الحاتمي

عن مجلة الإيكولوجيست لشهري يناير ومارس 2012

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *