طبّ المستقبل يراهن على أدوية من الماضي

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » طبّ المستقبل يراهن على أدوية من الماضي

ربما هي عودة غير مألوفة، لكنها حاصلة فعلياً. هناك 3 مواد طبية هي قيد الاستخدام فعلياً منذ مدة طويلة، لكن العلماء جددوا الاهتمام بها بقوة في الفترة الأخيرة. ويرجح خبراء في الطب أن هذه المواد الثلاث، ربما كان من شأنها وضع الجسد البشري على طريق مقاومة أمراض مزمِنَة تجعل شيخوخته مضنية ومخيفة، خصوصاً تلك «الثلاثية» المكونة من أمراض «ألزهايمر» Alzheimer الذي يحدِث تآكلاً في الدماغ والإدراك والمعرفة، وتصلب الشرايين Atherosclerosis الذي يهدد بانسداد الأوعية الدموية بأثر من الجلطات كما يهدد القلب بالتوقف عن الخفقان، وأخيراً، البدانة وتراكم الدهون بأثر من انخفاض القدرة على حرق السعرات الحرارية، ما ينقل الجسد إلى حال البدانة وما يرافقها من اعتلالات.

لا يشكل التصدي لهذه «الثلاثية» مسألة سهلة أبداً، خصوصاً أن إحصاءات «منظمة الصحة العالمية» تشير الى أن الأمراض غير المعدية باتت أكثر انتشاراً من الأوبئة، بل تستحوذ على 60 في المئة من الوفيات المتصلة بالأمراض، منها 30 في المئة تأتي من الأوارم السرطانية. على من ينعقد الرهان في إنقاذ البشر من هذه الأمراض التي تتصل بالتقدم في العمر، بطريقة أو اخرى؟ ثمة مفارقة مذهلة. لا ينعقد الرهان على ابتكار أدوية أو طرق علاج، بل تتمحور الآمال على «ثلاثية» مضادة تؤلفها أدوية معروفة، بعضها يمثل أحد أقدم الأدوية التي اكتشفها الأطباء. إذ تتكون هذه الثلاثية من الـ «أسبرين» Aspirin، والـ «مِتفورمين» Metformin، وهو ركن ثابت في علاج السكري منذ عقد الستينات في القرن العشرين، وعقاقير الـ «ستاتين» Statin التي باتت منذ سنوات جزءاً أساسياً من علاج الدهون المتراكمة في الدم. ربما هي مفاجأة أن يراهن المستقبل على أشياء تأتي من الماضي، وهذا وصف تردد في عدد من المجلات العلمية أخيراً، بداية من «سيانس إيه في» Science et Vie الفرنسية، ووصولاً الى «ساينس» الأميركية!

شباب متجدد

ماذا حدث كي تتحول أدوية الماضي وعداً بديمومة شباب جسد المستقبل؟ ببساطة، ظهرت بحوث حديثة، تؤكد أن هذه «الثلاثية» الدوائية تمتلك قدرات تفوق ما استعمِلَت لأجله لحد الآن، خصوصاً في مجال منع تدهور القدرات المعرفية للإنسان مع التقدم في العمر، والوقاية من السرطانات. وإذا كان الأسبرين مستخدماً في وقاية القلب والأوعية الدموية من أمراضها، فإن هذا الاستعمال غير مألوف في حالي الـ «ألزهايمر» والسرطان. وكذلك فاجأ الأسبرين العِلم مجدداً بأن تبين (عبر بحوث واسعة) أنه يمتلك قدرات كبرى في الوقاية من «ألزهايمر»، كما يقي من مجموعة من الأورام الخبيثة. وعلى رغم أن أدوية الـ «ستاتين» مستعملة في علاج ارتفاع مستويات الدهون، وتبين أيضاً أنها تستطيع أيضاً أن تقي من بعض الأورام الخبيثة، لكنها لا تشارك «رفيقيها» في التأثير إيجابياً على «ألزهايمر». ولعل دواء الـ «مِتفورمين» هو المفاجأة الأكبر. إذ أغفى طويلاً في قائمة الأدوية المضادة للسكري. وفجأة، ظهرت أدلة تشير إلى أنه يستطيع التأثير في آلية حرق السكر واستخراج الطاقة منه، إلى حد أنه يصطنع حالاً في الجسم تشبه تلك التي يصل إليها إذا ما اتبع حمية قاسية! ماذا يكون مآل هذه «الثلاثية» الدوائية الواعِدة، التي لم يتفهم العلماء حتى الآن الآليات المتصلة بقدراتها الجديدة؟

الحياة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *