طبيعة علاقة الإنسان بتقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبلاً

الرئيسية » إعلام ورقميات » طبيعة علاقة الإنسان بتقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبلاً

ربما لا يكون الحديث عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته أمراً يخص المستقبل البعيد، ففي حياتنا اليومية نستعين بالعديد من صوره مثل تصفية خدمات البريد الإلكتروني من الرسائل المزعجة «سبام»، والمساعدة في إتمام المعاملات على الإنترنت، وقيادة الطائرات، وفي حال نجحت المحاولات الحثيثة لشركة «غوغل» الأميركية وغيرها، فقد تنتشر قريباً السيارات «ذاتية القيادة» في الطرق.

وهو ما عبر عنه رئيس جامعة «سينجولاريتي» في ولاية كاليفورنيا الأميركية، نيل جاكوبستين، بقوله إن «الذكاء الاصطناعي متغلغل في نسيج حياتنا اليومية»، مشيراً إلى استخدامه في الطب والقانون وصناعة السيارات.

ويشير التطور المستمر في الخوارزميات، وتحسن قدرتها على اتخاذ القرارات، إلى الاقتراب من تحقيق الحلم بآلات تتمتع بدرجة الذكاء البشري نفسها، ويتوقع جاكوبستين أن يفوق الذكاء الاصطناعي نظيره البشري في منتصف العقد الثاني من القرن الـ 21، وهو ما يُثير التساؤلات حول شكل مجتمع يتحكم فيه ذكاء الآلات، ودور البشر حينها.

وربما من بوادر ذلك، ما أعلنت عنه قبل فترة شركة «هون هاي» أو «فوكسفون» الصينية، التي تُعد أكبر مصنع للمكونات الإلكترونية في العالم، عن عزمها بناء مصنع يعتمد على الـ «روبوتات» ليحل بدلاً من 500 ألف عامل خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يُعتبر تغييراً جذرياً في عالم اعتاد العمل لكسب تكاليف المعيشة، وعدم العمل يعني بالتبعية الافتقار إلى دخل.

وتجاه ذلك، يميل جاكوبستين لرؤية متفائلة لعمل الآلات والبشر جنباً إلى جنب في انسجامٍ تام، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتسبب في نسبة ملحوظة من البطالة، دون أن يتساوى ذلك مع الفقر.

وأضاف أنه «علينا تغيير العقد الاجتماعي بين الناس حول كيفية توزيع الثروات».

وفي الرأي المقابل، يقف المؤلف وصانع الأفلام الوثائقية، جيمس بارات، الذي عبر عن قلقه إزاء هجمات الذكاء الاصطناعي على البشر إذا ما تضمنت الميل المنطقي للحفاظ على الذات وحمايتها، وذلك في كتاب له بعنوان «ابتكارنا الأخير: الذكاء الاصطناعي ونهاية العصر البشري»، الذي بحث في ما إذا كان صعود الذكاء الاصطناعي يعني نهاية العصر البشري.

ويرى بارات، بحسب ما ذكر في تقرير نشره موقع «بي بي سي»، الذكاء الاصطناعي المتقدم، تقنية ذات استعمال مزدوج مثل الانشطار النووي الذي يمكن استخدامه لإضاءة المدن أو لإحراقها. وبحسب رأيه، سيكون الذكاء الاصطناعي أكثر تقلباً وخطورة من الانشطار، وهو ما تبين من استخدامه في الأسلحة مثل الطائرات دون طيار، والـ «روبوتات» المقاتلة.

وأشار بارات إلى اختلاف الذكاء الاصطناعي عن أي علمٍ آخر، إذا يُجبرنا عن سبر أغوار أنفسنا بالبحث عن معاني الأشياء التي نطلق عليها الذكاء والوعي والعاطفة. وأضاف أنه بالنظر في داخلنا، فإننا ندرك ميلنا للعنف غير العقلاني والاستهتار التكنولوجي، وأن ابتكارنا دائماً ما يسبق بفارق كبير إدارتنا.

والواقع أن الحديث عن ثورة الـ «روبوتات» قد يكون سابقاً لأوانه، فبحسب ما أظهرت بعض مقاطع الفيديو المنشورة من المنافسة التي نظمتها «داربا» أو «وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة» التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، لاتزال الـ «روبوتات» أبطأ كثيراً من البشر، ويعجز بعضها عن الوقوف على أقدامها، كما يُخفق بعضها في إنجاز مهامه.

لكن هذا لا ينفي تزايد الضجة حول الـ «روبوتات» باعتبارها حاضراً أساسياً في المستقبل، وهو ما ظهر في شراء شركة «غوغل» لثماني شركات تختص بتطوير الروبوتات، إضافة إلى امتلاك «فيس بوك» مختبر الذكاء الاصطناعي الخاص بها.

وتنتشر تكهنات حول ما يمكن أن تقدمه «غوغل» باستحواذها على شركات تطوير الـ «روبوتات»، إذ قال بارات إن روبوتات «غوغل» يمكن أن تكون قوية جداً، معتبراً أن تقديم مساعد شخصي يتمتع بجودة عالية لن يقتصر على تقديمه ضمن الهاتف الذكي، بل سيتخذ هيئة بشرية ليتمكن من قيادة السيارة، واستخدام أدوات البشر، وهز الطفل، وحتى القيام بدور الحارس الشخصي إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

لكن إذا كان تقدم الـ «روبوتات» أمراً لا مفر منه، حتى لو حدث بعد سنوات، فقد يتبعه كخطوة منطقية، أن يتخلى البشر عن سلطة اتخاذ القرار والتحكم في الآلات كما هو الحاصل حالياً، ما يعني أن تتحكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في بعض تطبيقاته الأخرى.

واعتبر جاكوبستين أن هذا هو ما يجري بالفعل في أجهزة الكمبيوتر، فالبرمجيات المضادة للبرمجيات الخبيثة إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي تُستخدم لاكتشاف ومكافحة تقنيات أخرى للذكاء الاصطناعي نُسميها الفيروسات وديدان الكمبيوتر.

ومع ذلك، يُقر بالحاجة إلى تضمين ضوابط في نظم الذكاء الاصطناعي المستقبلية لضمان ألا تُستبدل عبارة «فشل روبوت» بأخرى هي «فشل الإنسان»، ولفت إلى الحاجة لتأسيس نظام التحكم الطبقي نفسه الذي نحتاج إليه في الحياة اليومية مع البشر، وإقامة الضوابط التي تُوقف السلوك الشاذ.

ومع حفاظ جاكوبستين على تفاؤله بشأن صعود وسيطرة الـ «روبوتات»، فإنه لا يغفل عن العديد من الأشخاص الذين يرون الأمر نوعاً من الكوابيس، وقال: «بعض الناس يسألون: كيف تنام ليلاً مع العلم بآفاق الذكاء الاصطناعي؟ لكن ليس الذكاء الاصطناعي هو ما يبقيني مستيقظاً ليلاً، بل الغباء البشري». ويعتقد جاكوبستين أن الطريقة الوحيدة التي تُبقي البشر في المستوى ذاته مع الـ «روبوتات» تكمن في أن يكونوا أكثر شبهاً بهم، وقال: «لم تتلق أدمغتنا ترقية رئيسة لـ 50 ألف عام، وإذا لم يحصل جهازك المحمول أو هاتفك الذكي على تحسين في خمس سنوات قد تقلق بشأنه».

وحالياً يستخدم البشر في هواتفهم الذكية العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل المساعد الشخصي «سيري» في نظام «آي أو إس»، و«غوغل ناو» في نظام «أندرويد»، كما يتصلون من خلال الهواتف بالإنترنت لفترات أطول، وقد يبرر هذا التطور توقعات مختلفة وغريبة للمستقبل مثل دمج رقاقات من السيليكون في أدمغة البشر، باعتباره حلاً للتوافق مع الـ «روبوتات».

المصدر: دبي ـ الإمارات اليوم

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *