دراسة: وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون سببا للعزلة الإجتماعية

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » دراسة: وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون سببا للعزلة الإجتماعية

دراسة: وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون سببا للعزلة الإجتماعية

ترى ما الذي يدفعنا إلى الاستمرار في استخدام هذه الوسائل، وما التداعيات النفسية الناتجة عن ذلك؟ لقد وجدت دراسة حديثة نشرت في المجلة الأميركية للطب الوقائي، أن المستخدمين الذين يقضون أوقاتاً طويلة في مواقع التواصل الاجتماعي، يعبرون عن شعور متزايد بالعزلة الإجتماعية.

وهذا لا يفاجئ الكثيرين منا، فدراسات عديدة سابقة توصلت إلى النتيجة نفسها، ووجدت أن قضاء المزيد من الوقت في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الاكتئاب على نحو ما، وتزايد الشعور بالغيرة، وانخفاض تقدير الذات، والشعور بالنقص والدونية. لكن من يأتي أولاً على مقياس العلة والسبب: المشكلات النفسية أم مواقع التواصل الاجتماعي؟

وفي سياق البحث، طلب فريق جامعة بيتسبرغ من أشخاص تتراوح أعمارهم من 19 إلى 32 عاماً، تقدير الأوقات التي قضوها في استخدام مجموعة من مواقع التواصل الاجتماعي. كما طلبوا منهم تعبئة نظام معلومات لقياس نتائج المرضى، يتطلب ذكر مدى التواصل مع المجتمع أو الانعزال عنه. وعلى نحو غير مستغرب، ظهر أن المستخدمين الذين أمضوا أوقاتاً أطول في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لساعتين أو أكثر في اليوم، يشعرون بالانعزال على نحو مضاعف، قياساً إلى الذين قضوا في استخدامها أوقاتاً تقل عن نصف ساعة في اليوم. أما عن عدد مرات زيارة المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي، فقد ازداد الشعور بالانعزال 3 أضعاف لدى من زارها 58 مرة أو أكثر في الأسبوع، مقارنة بمن زارها 9 مرات أو أقل. في حين يشير الفريق إلى القليل من الآليات المتباينة لهذه العلاقة الغريبة. تؤكد إحداها على أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لقضاء الوقت فحسب، لكنها تستنفد الوقت الذي يمكن قضاؤه في التواصل المباشر بين شخص وآخر. كذلك ما يتعلق منها بالمقارنات التي نعقدها بين أنفسنا والآخرين انطلاقاً مما ينشرونه؛ فرؤية صور لأشخاص يستمتعون بأوقاتهم مثلاً، كفيلة بإثارة مشاعر الإقصاء والوحدة، أو تأجيج الشعور بالغيرة.

يقول المؤلفون: “بدلاً من تصوير الواقع الحقيقي بدقة، ينتقي الناس ما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي بعناية. وبالتالي فإن تلقي منشورات مثالية عن طرق عيش نظرائنا، قد تذكي مشاعر الحسد وتغذي الاعتقاد المغلوط بأنهم يحيون حياة أسعد وأكثر نجاحاً، مما قد يزيد من إحساسنا بالعزلة الاجتماعية”.

وقد ذكرت بحوث أخرى سابقة الظاهرة نفسها بلا شك، ففي العام الماضي وجد أحدها أن عددًا أكبر من الأصدقاء في تلك المواقع لا يعني شيئاً على الإطلاق، إذ يبدو أن هناك حدًا أعلى لعدد الأصدقاء الحقيقيين الذين نحظى بهم، بصرف النظر عما قد تشي به حساباتنا الشخصية.

وحول هذا يرى الباحثون أن علاقات الصداقة الحقيقية تحتاج إلى تواصل فعلي للمحافظة عليها، فالتواصل الافتراضي لا يصنع علاقات حقيقية.

كما لم تشر دراسات أخرى إلى فشل مواقع التواصل في حثنا على التقارب فحسب، بل بينت بعض العوامل المسببة لذلك. فدراسة أجريت قبل أعوام قليلة، أوضحت مقدار ارتباط المستخدمين بمنشورات الآخرين المعروضة في (Facebook) مثلاً. ولم تقتصر على المقارنات مع شخص آخر تبدو حياته أفضل من حياتك، بل تطرقت أيضاً إلى المقارنات مع من هم أقل منك شأناً بما يشعرك بالتفوق. وحتى المقارنات مع النظراء ربطت بشعور الاكتئاب، مما يشير إلى أن أسلوب المقارنات الخاطف والسطحي في مواقع التواصل الاجتماعي، جزء من المشكلة، إن لم يكن المسبب الرئيس لكثير من المشكلات النفسية.

بينما تشير الباحثة اليزابيث ميلر، إلى عدم وضوح المنحى الذي تؤول إليه العلاقة بين السبب والنتيجة بقولها: “لا نعرف بعد أيهما جاء أولاً: استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أم إدراكنا للعزلة الاجتماعية. فمن المحتمل أن يكون الشباب أحسوا بالعزلة الاجتماعية، فتوجهوا إلى تلك المواقع. أو ربما كان شعورهم المتزايد بالعزلة عن العالم الحقيقي، سببه كثرة استخدامها. ويحتمل أن اتجاه العلاقات الاجتماعية محكوم بمزيج من الافتراضين. لكن، حتى لو كانت العزلة الاجتماعية قد ظهرت أولاً، لم يبدُ أنها تلاشت باستخدام شبكة الإنترنت، أو بتعبير آخر (التواصل الاجتماعي)”.

وتكمن المشكلة في أن السبب الأساسي لتكرار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو: استمرارنا في الاعتقاد بأنها ستمنحنا دفعاً معنوياً وتحسن من مشاعرنا. لكنها في الواقع تشوه مشاعرنا، وتبقينا في الحلقة المفرغة ذاتها.

لكن ليس واضحاً تماماً، إذا كان الحل هو التوقف نهائياً وبصورة مفاجئة عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من علمنا أن الإقلاع عنه قد يشعر الناس بحال أفضل. ربما ليس ضرورياً التخلي عن استخدامها كلياً، بل التقليل من استخدامها، أو ضبط طرق التعامل معها.

فوربس

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *