«حكومة الشباب الموازية» آلية إبداعية مدنية للمراقبة والترافع عن قضايا الشباب

الرئيسية » إبداع وتنمية » «حكومة الشباب الموازية» آلية إبداعية مدنية للمراقبة والترافع عن قضايا الشباب

رغم أنها تبقى حكومة “افتراضية”، إن شئنا التوصيف، إلا أن “حكومة الشباب الموازية” التي أطلقها منتدى الشباب المغربي (جمعية مدنية شبابية)، في نهاية الأسبوع الماضي، والتي جاءت بعد مشاورات بين فعاليات مدنية شبابية من كل جهات المملكة، تعتبر سابقة من نوعها في المغرب، على مستوى تفعيل العمل الجمعوي ونقله من وظائفه التقليدية المعروفة، إلى وظيفة حديثة تساير تطورات وإكراهات تدبير الشأن العمومي، الذي يتطلب آليات مراقبة وتتبع تطفح بدماء شابة جديدة، بعيدة عن البيروقراطية

حكومة الشباب الموازية

الشباب المغربي يبدع

في مبادرة غير مسبوقة على مستوى العمل الجمعوي ببلادنا أنشأ مجموعة من الشباب المغربي المنخرط في نسيج المجتمع المدني “حكومة الشباب الموازية”، وهي بادرة تتوخى إشراك الشباب في الدينامية التي يعرفها المغرب، على كافة الأصعدة، وكذا هي مبادرة من أجل الترافع بشأن القضايا الشبابية، وجعل فئة الشباب المغربي قوة ضغط ورقابة على تسيير الشأن العام ببلادنا عموما، والشأن الشبابي على الخصوص.

وفي ديباجة ما يمكن تسميتها بالأرضية التي انطلق على أساسها “منتدى الشباب المغرب”، وهو صاحب فكرة تأسيس “حكومة الشباب الموازية”، لإخراج هذه “الحكومة” الموازية إلى حيز الوجود، انطلق أصحاب المبادرة من كون أن المغرب يتوفر على قاعدة هرمية من الشباب، تمثل مؤهلا ثمينا بالنسبة للبلاد وفرصته نحو المستقبل، حيث إن نسبة البالغين ما بين 15و34 سنة تبلغ 37 بالمائة أي ما يعادل 11.7 مليون نسمة. وهي الفرصة الديموغرافية كما اعتبرها تقرير الخمسينية، تعد بمثابة مرجع ضروري في السياسات العمومية، إذ يمكن الحكومة وصناع القرار بصفة عامة من تحديد الحاجيات الأساسية في مجالات كالتعليم والصحة والتشغيل.

وتعتبر هذه الفئة الشبابية أكثير حساسية على المستوى الاجتماعي، تضيف الورقة التقديمية لحكومة “الشباب الموازية”، نظرا لأنها الأكثر عرضة للأزمات والتحديات والتهميش التي تشمل مجالات متعددة اقتصادية واجتماعية وتعليمية وثقافية إلى غير ذلك. ومن أهم التحديات التي تواجهها هذه الشريحة، بالإضافة إلى معضلة التعليم والتكوين، هناك ارتفاع نسبة البطالة في صفوفها، وهو ما يشكل ضغطا وعبئا على الحكومة.

وتضيف الورقة/ الأرضية أنه مما لا شك فيه أن الشباب المغربي أبان عن نضج سياسي وازن يجعله يتحمل المسؤولية الكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية، وهذا ما أكده الحراك الاجتماعي الأخير من خلال التفاعل مع المعطيات الخارجية التي انطلقت في بعض البلدان العربية. بيد أن هذه الدينامية التي عرفها الشباب المغربي ليست وليدة اللحظة أو جديدة، بل هي تراكم نضالي كان يبحث عن تعاقد سياسي جديد من داخل الفعل السياسي؛ فشباب اليوم يحتاج إلى بناء آليات جديدة بأدوار مختلفة، يكون مركزها الشباب من اجل وضع ورسم سياسة مندمجة قادرة على ضبط التوازنات الاجتماعية ذات الصلة بالشباب.

آلية لمراقبة السياسات العمومية..

تشير أوراق الحكومة الموازية للشباب إلى أن برنامج الحكومة الحالية عبر عن التزام الأخيرة ببلورة استراتيجية وطنية مندمجة للشباب وفتح حوار وطني ونقاش عمومي حول قضايا الشباب والمجتمع المدنين وكذلك تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي وهو هيئة دستورية استشارية يعتبر من أهم المطالب التي تقدمت بها مجموعة من المنظمات المدنية والشبابية إلى لجنة مراجعة الدستور الحالي.

وفيما يعتبر جوابا عن سؤال ماهية أسباب إخراج هذه “الحكومة الموازية” للشباب، إلى حيز الوجود، تشير أوراق “منتدى الشباب المغربي”، التي يتوفر عليها موقع “مسارات”، إلى أننا “نحتاج اليوم إلى آلية مدنية لتتبع السياسات العمومية في مجال الشباب، آلية شبابية قادرة على تحمل المسؤولية في المواكبة والترافع والاقتراح”؛ مضيفة أن “حكومة الشباب الموازية ستعمل على إطلاق دينامية مدنية شبابية جديدة لمواكبة التطورات السياسية، ولمراقبة الأداء الحكومي، والعمل على إطلاع الرأي العام عن تقييم عمل الحكومة، وعن المشاريع البديلة التي كان يمكن أن تلجأ إليها في كل القرارات التي تتخذها”.

ولرفع اللبس أكثر على طبيعة “حكومتهم الشابة” الموازية، وتوضيح كونها عمل جمعوي ليس إلا، فإن هؤلاء الشباب “المبدع” لهذه المبادرة يؤكدون بأنها “مبادرة مدنية غير حكومية أطلقها بالمغرب منتدى الشباب المغربي، وهو جمعية وطنية تعنى بقضايا الشباب والشأن العام، وتستمد مرجعيتها من الدستور المغربي الذي منح للمجتمع المدني دورا متقدما، فيما يخص إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها وتقديم بدائل عملية قابلة للتحقيق”.

ويضيف هؤلاء بأنه “قد يوحي اسم المبادرة لدى البعض أن لها طابعا رسميا لكنه رمزي أكثر، إذ يخلص إئتلاف عمل مجموعة من المبادرين الشباب لمراقبة العمل والأداء الحكومي، وفق منهجية ومعايير معينة”.  كما يقر أصحاب المبادرة بأن المبادرة “لا تدعي تمثيل الشباب المغربي كافة”، لكنها “مبادرة شبابية هدفها الأسمى ليس اللقب الرمزي لوزير شاب، وإنما تمكين جيل صاعد من الشباب الذي سيصبح يوما صانع قرار من الآليات الضرورية لاكتساب تجارب ومهارات لفهم السياسات العامة، وكيفية متابعتها وتقييمها، والترافع على مجموعة من القضايا التي تتعلق بالشباب”، وانتزاعا لحقنا الدستوري والوطني في صناعة مستقبل مغرب واعد، من خلال المشاركة الفعالة في بلورة وتقييم السياسات العمومية في إطار تشاركي مع كافة مكونات المجتمع المدني والسلطات العمومية والهيئات التشاورية والمساهمة بفعالية في مناقشة ومتابعة ونقد عمل المؤسسات الوطنية على أسس علمية من خلال طرح رؤى نابعة من وعي وتطلعات الشباب، وصولا إلى حلول تتسم بالنزاهة والشفافية، وتسلك الطرق والوسائل الديمقراطية”.

“الحكومة الشبابية”..لها أيضا معارضة

وقد وضع المشرفون على تأسيس هذه الحكومة الشبابية الموازية معايير خاصة ينبغي توفرها في المرشح لعضويتها، وهي أن يكون عمر المتقدم يتراوح ما بين 18 و35 سنة، وأن على دراية بقضايا واهتمامات الشباب المغربين خاصة والقضايا الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، وأن يكون فاعلا في المجتمع المدني، وأن يكون مهتما بالإعلام وبوسائط الاتصال الاجتماعي.

إلا أن هذه المبادرة ما خرجت إلى النور حتى قوبلت برفض من عدد من الجمعيات التي اتهمت أصحابها بـ”الإقصاء”، وبأن هذه “الحكومة الافتراضية” لا تمثل كافة جهات المملكة.

وذكر بيان احتجاجي صادر عن فعاليات جمعوية بجهات وأقاليم شمال المغرب بأن مبادرة تشكيل “حكومة الشباب الموازية” تمت “وفق مقاربة مبنيّة على الإقصاء والعنصرية”، مؤكدا أن إعدادها (المبادرة) قد تم  بـ”انتقائية مغيبة للمعايير الموضوعية”.

واتهم المحتجون رئيس جمعية منتدى الشباب المغربي، إسماعيل الحمراوي، بانتهاج “الإقصاء والعنصرية”، في إعداد حكومة افتراضيّة شبابيّة “تمثّل جهة الرباط سلا زمور زعير”، فقط بحسب المحتجين.

إلا أن رئيس منتدى الشباب المغربي، إسماعيل الحمراوي، نفى أن يكون مارس هو أو المنتدى الذي يتشرف برئاسته، أي “إقصاء أو إبعاد”، مؤكدا في تصريح لـ”مساربوك” أن المنتدى أطلق منذ الأيام الأولى التي اعقبت التصويت على الدستور الجديد، نقاشا موضوعيا وشفافا بين العديد من الفعاليات الشبابية من كل جهات المملكة، سواء على صعيد المواقع الاجتماعية، وخاصة الفيسبوك، او في شكل لقاءات مباشرة، تم من خلاله تبادل الأفكار ووجهات النظر حول “مشروع حكومة الشباب الموازية”.

وبالموازاة مع بدء المفاوضات من اجل تشكيل الحكومة الجديدة، يقول الحمراوي، شرعنا في نشر إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الشبكة العنكبوتية عموما، وعبر مختلف وسائل الإعلام، نخبر فيها كل المهتمين الشباب بفتج المجال للترشح لعضوية هذه “الحكومة الموازية”، وبعد أسابيع عدة تلقينا العديد من الترشيحات، والتي خضعت لمعايير صارمة في الانتقاء قبل أن تخرج التشكيلة الحالية (الحكومة الشبابية الموازية) إلى حيز الوجود، وبعدما تم طبعا مناقشة ودراسة كل طلبات الترشح.

ويشير المشرفون على البمادرة إلى أنه كان على كل مرشح أن يرسل “باك الترشيح Pack de candidature”، والمتكون من سيرة ذاتية وورقة العمل في القطاع الذي يرغب في تتبعه، بالإضافة إلى ملإ استمارة تضم أكثر من 5 صفحات. وبعد ذلك قامت اللجنة بعملية ترميز أسماء المرشحين لكي تتعامل اللجنة المكلفة بالانتقاء مع الوثائق بكل موضوعية، وبعدها قامت اللجنة بعملية ترميز أسماء المرشحين لكي تتعامل اللجنة المكلفة بالانتقاء مع الوثائق والملفات بكل موضوعية.

ويرى أصحاب هذه المبادرة الشبابية الطموحة أن “حكومة الشباب الموازية” ستساهم في تمكين العديد من الشباب المغربي من بلورة وتقييم السياسات العمومية، وتمكينه عبر آليات التكوين، وفرصة الخبرة الميدانية، من خلال مشروع حكومة الشباب الموازية من المساهمة إلى جانب الهيئات الاستشارية والتشريعية والمنتخبة والسلطات في خلق سياسة شبابية مندمجة تنتقل من الاهتمام على مستوى الخطابات السياسية إلى الواقع. هذا بالإضافة إلى المساهمة في جعل الشباب قوة اقتراحية فاعلا في التغيير الإيجابي للبلاد.

نورالدين اليزيد

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *