في الوقت الذي تتزايد فيها اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على أهالي القدس الشريف في إطار سياسة تهويدية تتوخى طمس معالم هذه المدينة التاريخية، حيث المسجد الأقصى الذي عرج منه المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى سدرة المنتهى، وفي هذه الأيام المتزامنة مع إطلاق حملة دولية لفك الحصار عن القدس الشريف، وهي الحملة التي يحضر فيها المغرب كعادته بقوة من أجل قضية العرب الأولى، يجدر بنا أن نعود فننبش في كتب التاريخ والمصنفات الأثرية عن اسم مكان يعتبر من أهم الأماكن الأثرية في بيت المقدس، لا بل تشير الكتب التاريخية إلى أن البراق الشريف نزل بهذا المكان قُبيل امتطائه من قبل الرسول الأكرم ليعرج إلى السماوات السبع، إنه حارة المغاربة، التي تؤرخ لتواجد أجدادنا هناك بهذه الأماكن الطاهرة للدفاع والجهاد في سبيل الله.
تعتبر من أهم الآثار بالقدس الشريف
تقع حارة المغاربة في القدس الشريف غرب المسجد الأقصى، وهدمتها سلطات الاحتلال عام 1970، وبلغ مجموع الأبنية الأثرية بها نحو 135 أثراً تعود للعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني؛ ومن جملة هذه الآثار المدرسة الأفضلية، ومزار الشيخ عبد، وزاوية المغاربة. وقد تحولت الحارة إلى ساحة للصلاة قرب حائط البراق (حائط المبكى الغربي) الذي تم الاستيلاء عليه كأثر إسلامي الذي هو مسرى الرسول صلى الله علريه وسلم.
وحارة المغاربة من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس الشريف، وترجع شهرتها في عصرنا الحالي إلى الفعل الشنيع الذي أقدمت عليه قوات الاحتلال، حين دمرت الحارة بكاملها وسَوَّتها بالأرض بُعيد احتلال القدس عام 1967م، وحولتها كاملة إلى ساحة سمتها (ساحة المبكى) لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق، وذلك على حساب التاريخ والحق الثابت الراسخ في هذه المنطقة.
وكانت هذه الحارة بالكامل وقفاً من الملك الأفضل بن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم، وعلى مر الزمان انتشرت فيها الأوقاف المتعددة من مدارس وأبنية ومصليات وزوايا وغيرها.
وتعد حارة المغاربة من المعالم الإسلامية التاريخية الواضحة في مدينة القدس والدالة على الهيمنة الإسرائيلية التهويدية منذ احتلالها لمدينة القدس، وكانت تقع في الجانب الجنوبي الغربي لمدينة القدس إلى الغرب من المسجد الاقصى المبارك منخفضة عن مستوى أرض ساحات المسجد الأقصى المبارك. ويحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية ويليها المسجد الأقصى المبارك، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، وكان يمكن الوصول إليها عبر زقاق يفصل بين زاوية المغاربة وتربة الأمير بركة خان المعروف كذلك بالمكتبة الخالدية، ويعد كتاب وقف المالك الأفضل لحارة المغاربة أن حدها الجنوبي هو سور القدس ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان وحدهما الشرقي هو حائط المسجد الأقصى المبارك المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، ومن الغرب دار الإمام شمس الدين قاضي القدس ودار الأمير عماد الدين بن موسكي ودار الأمير حسام الدين قايمباز.
وقد اختلفت أسماء المنشآت المحيطة بالحارة قبل هدمها؛ فقد حدها من الجنوب سور القدس وفيه باب المغاربة وآثار باقية من القصور الأموية ( دار الإمارة ) المكتشفة عام 1974م، ومن الشمال قوس ولون المعروف بأقواس ( تنكز ) الحاملة للمدرسة التنكزية، وعلى صفها أوقاف خاصة بعائلة الخالدي في القدس وتربة الأمير حسام الدين بركة خان، ومن الغرب حارة الشرف التي استملكتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشوهت معالمها الإسلامية التاريخية.
باب المغاربة في المسجد الأقصى
يقع باب المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك في الجانب الجنوبي للرواق الغربي للمسجد الأقصى بالقرب من بواّبة الزاوية الفخرية الكائنة داخل المسجد الأقصى المبارك. ويصل هذا الباب بين حارة المغاربة والمسجد الأقصى، ويرتفع الباب عن مستوى الحارة بشكلٍ ملحوظ، فالحارة تربض على أرضٍ تنخفض نسبياً عن مستوى سطح أرض المسجد الأقصى.
ويتألف الباب من قوس محدبة له مصراع خشبي تُسيطر على مفاتيحه سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وقد عُرف باسمه هذا كونه يؤدي إلى الحارة التي يقطن فيها المغاربة.
وتحدث شمس الدين السيوطي أنّه سُمّي بذلك “.. لمجاورته مقام المغاربة الذي تقام فيه الصلاة الأولى”، وقد استمر هذا الباب معبراً لكل من أراد الوصول إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك للصلاة، وأحيط بالعباّد والزهاّد من أتباع المذهب المالكي.
مساحة حارة المغاربة
شغلت حارة المغاربة مساحة تقدر بخمس وأربعين ألف متر مربع، وهي بذلك تشكل ما نسبته 5 بالمائة من مساحة القدس القديمة، وقد تباينت مساحة الحارة تبعاً لاختلاف حدودها بين الحين والآخر، فقد امتدت مساحات من حارة المغاربة قبل العهد العثماني إلى خارج السور فعرفت بحارة المغاربة البرانية.
وفيما يتعلق بحدود الحارة فقد انخفضت حارة المغاربة عن مستوى أرض ساحات المسجد الأقصى المبارك، ويحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية ويليها المسجد الأقصى، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، وكان يمكن الوصول إليها عبر زقاق يفصل بين زاوية المغاربة وتربة الأمير بركة خان المعروفة كذلك بالمكتبة الخالدية. ويفيد كتاب وقف الملك الأفضل لحارة المغاربة أنّ حدّها الجنوبي هو سور القدس ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان، وحدّها الشرقي هو حائط الحرم القدسي الشريف المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، ومن الغرب دار الإمام ابن شمس الدين قاضي القدس، ودار الأمير عماد الدين بن موسكي، ودار الأمير حسام الدين قايماز.
وقد اختلفت أسماء المنشآت المحيطة بالحارة قبل هدمها، فقد حدّها من الجنوب سور القدس وفيه باب المغاربة وآثار باقية من القصور الأموية (دار الإمارة)، ومن الشمال قوس ولسون المعروف بأقواس تنكز الحاملة للمدرسة التنكزية، وعلى صفّها أوقاف خاصة بعائلة الخالدي في القدس وتربة الأمير حسام الدين بركة خان، ومن الغرب حارة الشرف التي استملكتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشوّهت معالمها الإسلامية والتاريخية.
وضمت الحارة عشرات المباني التي يعود تاريخ بعضها إلى العصر الأيوبي، وكان أشهرها المدرسة الأفضلية؛ وقد بلغ عدد المباني الأثرية التي هدمتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي (135 بناءً أثرياً)، امتدت فوق الساحة التي أخذ اليهود يطلقون عليها فيما بعد ساحة المبكى. وتؤكد خارطة أفقية للقدس تعود إلى النصف الأول من القرن العشرين يظهر فيها تقسيمات مباني وطرق حارة المغاربة على الأرقام التي نشرت بعد العام 1967م، حول عدد المنشآت التي هدمتها جرافات الاحتلال في حارة المغاربة.
الشكل العام للحارة
تأخذ حارة المغاربة شكلاً مربعاً يتخلّله منشآت أثرية وتاريخية قديمة يعود بعضها إلى العصر الأيوبي، ويتخلل هذه المنشآت عقبات وأزقة معوجة وضيقة تصل أرجاء الحارة بعضها ببعض، ويتوزع على جانبي كل عقبة أو طريق أو زقاق في هذه الحارة عدد من المباني المتلاصقة التي يعلوها في بعض الأحيان قناطر وبوائك مع ظهور قليل للقباب، مما ميّز المدرسة الأفضلية التي كانت تعلوها قبة مرتفعة عن غيرها من المباني فعرفت بمدرسة القبة؛ وصفها العسلي قائلاً: وتتخذ الحارة شكلا مستطيلا تتخلله طرق مبلطة ضيقة، وجميع منازل الحي ملاصقة بعضها لبعض. وهي أبنية قديمة تشتهر بآبارها وغرفها الصغيرة وجدرانها السميكة، كما تشتهر بصغر مداخلها. ومن ضمن أبنيتها مبان تاريخية إسلامية يرجع بعضها إلى زمن المماليك.
وجاء دخول النبي محمد عليه الصلاة والسلام مدينة القدس من بابها اليماني، كما ورد في رواياتٍ تاريخية (أصبح موضعه يعرف بباب المغاربة)، تأكيداً منه على المكانة التي تميّز بها هذا الموضع القريب جداً من الحائط الذي ربط فيه براقه الشريف، وسيكون النبي العربي الكريم قد سلك في هذه الحالة طريقه تجاه المسجد الأقصى عبر الموضع الذي أخذ يُعرف بعد تحرير القدس سنة 583هـ/1187م، باسم حارة المغاربة التي بارك الله عز وجل موضعها الكائن حول المسجد الأقصى المبارك.
وكانت الحارة قبل أن تجرفها جرافات الاحتلال أقرب الحارات للمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق الشريف، وترجع أهميتها في التراث العربي الإسلامي إلى كونها الموقع الذي نزل فيه البراق الشريف الذي أسرى بالنبي العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج؛ وينقل العليمي رواية الإسراء بقوله: ثم انطلق بي جبريل حتى دخلت المدينة من بابها اليماني (الجنوبي) فأتى قبلة المسجد، فربط بها البراق ودخلت المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر. ويضيف قائلاً: قال مؤقتو بيت المقدس لا نعلم بابا بهذه الصفة إلا باب المغاربة.
وقد ارتبط تاريخ الحارة بوجود حائط البراق الشريف الذي كان هو الآخر من جملة الأوقاف التي شملها وقف الملك الأفضل، نور الدين علي بن الناصر صلاح الدين الأيوبي، كما أنّها كانت قبلةً لأهل المغرب العربي ممن رأى منهم أن يُجاور في المسجد الأقصى ويرابط في القدس ليختم حياته هناك، ومقصداً للصوفية من أتباع كل من أبي مدين الغوث الحفيد، والشيخ الزاهد عمر المصمودي وغيرهما، كما شهدت الحارة ملتقىً لأتباع المذهب المالكي بسبب تمركزهم فيها ووجود المدرسة الأفضلية التي أوقفها الملك الأفضل.
تأسيس حارة المغاربة
دأب المغاربة على زيارة بيت المقدس منذ ما قبل الاحتلال الفرنجي لمدينة القدس سنة 493هـ/1099م، فقد اعتادت جماعات من أهل المغرب العربي القدوم لبيت المقدس للتبرك بمسجدها والصلاة فيه، وتزايدت أعداد المغاربة والأندلسيين الذين فضّلوا الاستقرار في هذه الديار المقدسة خصوصاً بعد استرجاع القدس من الفرنجة سنة 583هـ/1187م. ومرةً أخرى بعد ضياع الأندلس سنة 898هـ/1492م؛ وقد ساهم المغاربة في حركة الجهاد الإسلامي ضد الفرنجة وكان لهم دورٌ بارزٌ في فتح بيت المقدس وكسر شوكة الفرنجة في فلسطين، ولذلك طلب الناصر صلاح الدين الأيوبي من سلطان المغرب، يعقوب المنصور، مد يد العون وتزويده بأساطيل بحرية كي تُنازل أساطيل الفرنجة، فجهّز سلطان المغرب أسطولا كبيراً لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي.
وقد أسكن الناصر صلاح الدين الأيوبي أعداداً من المغاربة في بيت المقدس بعد انتصار المسلمين في معركتي حطين وفتح بيت المقدس على الفرنجة، ثم أوقف الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين المساكن المحيطة بحائط البراق على مصالح الجالية المغربية المجاورة في القدس بُغيةَ التسهيل عليهم في إقامتهم، ومنذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان من مدينة القدس يُعرف باسم حارة المغاربة.
وقف حارة المغاربة
أوقف الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي، النجل الأكبر للناصر صلاح الدين الأيوبي، حارة المغاربة على مصالح طائفة المغاربة المقيمين في القدس إباّن سلطنته على دمشق (589هـ/1193م – 592هـ/1195م)، حين كانت القدس تابعةً له بُغيةَ تشجيع أهل المغرب العربي على القدوم إلى القدس والإقامة فيها ومساعدة سكاّنها المغاربة الذين فضّلوا الاستقرار والمجاورة بالقرب من مسجدها المبارك. ولذلك كتب مجير الدين: ووقف أيضاً حارة المغاربة على طائفة المغاربة على اختلاف أجناسهم ذكورهم وإناثهم، وكان الوقف حين سلطنته على دمشق وكان القدس من مضافاته.
وأوقف الشيخ الناسك عمر بن عبد الله المصمودي في ثالث شهر ربيع الثاني سنة 703هـ/1303م وقفياً كبيراً في هذه الحارة. كما يوجد وقف كبير ومشهور في حارة المغاربة يُعرف بوقف سيدي أبي مدين الغوث الحفيد مؤرخ في 28 شهر رمضان سنة 720هـ/1320م، فضلاً عن وقف سلطان المغرب أبو الحسين علي بن عثمان المريني المؤرخ في سنة 738هـ/1337م.
ومن الأوقاف دار القبو الروماني، وهي دار وقف فاطمة بنت محمد 747هـ/1346م؛ وأوقفت هذه الدار سيدة تدعى فاطمة بنت محمد بن علي المغربية المعروفة بأم سعود في 25 ربيع الأول سنة 747هـ/1346م، وقد عرفت هذه الدار قبل وقفها بالقبو الروماني. وهي دلالةً على وجود عمراني سبق العصر الأيوبي في حارة المغاربة، ثم جدّدت الواقفةُ بناءها فعرفت بها، وكانت زاوية المغاربة المعروفة بالشيخ عمر المصمودي تحد دار أم سعود المغربية من ناحية الشمال. بينما كان يحدها من الجنوب الدرب السالك، ومن الشرق دار الواقفة، ومن الغرب الدرب السالك، وقد أشرطت الواقفة أن يسكن في دارها هذه فقراء من عجائز المغاربة دون أن ينتفعوا بالقبو الروماني.
وهناك وقف الحاجة صافية بنت عبد الله الجزائرية 1058هـ/1648م؛ فقد أوقفت سيدة تدعى صافية بنت عبد الله الجزائرية المغربية مبلغاً من النقود قيمتها 350 قرشاً أسدياً في شهر رمضان سنة 1058هـ/1648م، وذلك للاستفادة من قيمة إجارتها في كل سنة لشراء خبز يُفرّق على فقراء المغاربة في شهر محرم. وإذا تعذّر ذلك فعلى عدد من فقراء المسلمين.
وهناك دار وقف الحاج قاسم الشيباني المراكشي 1137هـ/1724م؛ بحيث أوقف الحاج قاسم بن محمد بن عبد الله بن علي المغربي الشيباني المراكشي في 13 محرّم سنة 1137هـ/1724م داراً كانت مُهدّمة تقع في حارة المغاربة على فقراء السادة المغاربة في القدس. وقد أظهرت وقفية الدار حدودها الجنوبية بالدرب السالك، ومن الشرق والشمال دار وقف المغاربة، ومن الغرب الدرب السالك، وقد أضاف الواقف على وقفه هذا ضرورة شراء الخبز لتوزيعه على فقراء المغاربة المقيمين في القدس.
وهناك دار وقف الحاجة مريم بنت عبد القادر المغربية 1048هـ/1638م، بحيث أوقفت الحاجة مريم بنت عبد القادر المغربية داراً أنشأتها في حارة المغاربة في 12 ذي الحجة سنة 1048هـ/1638م، وأشرطت الواقفة تأجير الدار لشراء الخبز من إجارتها وتوزيعها على فقراء المغاربة في القدس. وقد اشتملت الدار الموقوفة على أربعة بيوت ومطبخ ومرتفق وصهريجين لجمع ماء المطر، وكذا منافع ومرافق وحقوق شرعية.
وهناك طاحونة وقف المغاربة قبل سنة 1057هـ/1647م؛ إذ وجد في حارة المغاربة عدد من الطواحين القديمة، وقد تحدثت حجة شرعية في 18 ربيع الثاني سنة 1057هـ/1647 عن وجود قبو طاحون قديم وصفته بأنّه “أخشاب الطاحون المذكورة من تقادم الزمان دثرت وفنيت وتعطل الانتفاع بها” مما استوجب ترميمها. وقد توجه لذلك جماعةٌ من أهل القدس للكشف على الطاحونة كان من بينهم أحمد بن محمد شيخ السادة المغاربة في القدس، والحاج شرف الدين شيخ الطحاّنين في القدس، والحاج يحيى بن شخاتير؛ وقدّرت الجماعة التي كشفت على حالة الطاحونة احتياجها من المال اللازم للترميم بأربعين قرشاً أسدياً، وقد تم ترميم الطاحونة بعد استبدال آلات الطحن القديمة بأخرى جديدة.
وهناك دار وقف كمال الحلواني قبل سنة 1173هـ/1759م، بحيث أوقف الحاج كمال الحلواني هذه الدار قبل سنة 1173هـ/1759م؛ ويستفاد من حجة شرعية مؤرخة في تاسع شهر ربيع الأول سنة 1189هـ/1775م، أنها تقع بالقرب من إسطبل وقف المغاربة ودار وقف القاضي شرف الدين الخالدي.
وحاكورة وقف المغاربة كانت موجودة سنة 1198هـ/1783م؛ وعُرفت بحاكورة الحاج إسماعيل بن محمد الغاني المغربي قبل أن يبيعها في 22 ربيع الأول سنة 1198هـ/1783م إلى الشيخ عبد الله المغربي شيخ المغاربة في القدس. وتألفت أرض الحاكورة من “غراس صبر والكردار والجدران…” بينما كان يحدها من الجنوب جورة ابن الصغيّر، ومن الشرق الدرب السالك، ومن الشمال دور وقف المغاربة، ومن الغرب حاكورة الصغيّر.
تاريخ حارة المغاربة
ترجع الأهمية التاريخية للموضع الذي أُقيمت عليه حارة المغاربة إلى العصر الأموي حين أنشأ الأمويون عدداً من القصور الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الناحيتين الجنوبية والجنوبية الغربية؛ ويرجع تاريخ تأسيس حارة المغاربة إلى العصر الأيوبي، وقد عُرفت حارة المغاربة باسمها بعد أن أوقفها الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي، وحافظت على عروبتها وإسلامها منذ أن تأسست بُعيد الفتح الصلاحي لمدينة القدس، وسكن المغاربة في حارتهم ولم يغادروها حتى داهمت جراّفات الاحتلال الإسرائيلي بيوتهم لتدمرها بتاريخ 11-12-13 حزيران سنة 1967م؛ وكان مما ميّز موقع الحارة وجود الزاوية الخُتنية القريبة منها، تلك الزاوية التي أوقفها صلاح الدين الأيوبي على الشيخ جلال الدين محمد بن أحمد ابن محمد الشاشي (نسبةً إلى شاش التي عُرفت لاحقاً بطشقند) في 18 ربيع الأول سنة 587هـ/1191م.
ولقد احتضنت الحارة عدداً من المؤسسات الدينية والوقفية التي لعبت دوراً بارزاً في الحركة العلمية والفكرية والدينية في القدس إبانّ العصر الأيوبي ثم العصرين المملوكي والعثماني؛ ذكرها مجير الدين: حارة المغاربة وهي بجوار المسجد من جهة الغرب ونسبتها إلى المغاربة لكونها موقوفة عليهم وسكنهم بها.
وتميزت الحارة بجملة من الأوقاف الكبيرة التي ضمنت استمرار وتدفّق المعونات والأموال والصدقات على مستحقيها من الأصول المغربية المقيمين فيها والواردين إلى القدس المقيمين في زوايا الصوفية فيها، كزاوية أبي مدين الغوث الحفيد وزاوية المصمودي، وقد ازدهرت أوقافها في العصر المملوكي حين ظهرت أوقاف أبي مدين والمصمودي وسلطان المغرب علي المريني، وراح سكاّنها ينخرطون في الحياة الدينية في القدس لاسيما إمامة السادة المالكية في القدس؛ وقد ظهر منهم علماء وفقهاء وشيوخ دين كان لهم دورٌ بارزٌ في تاريخ القدس الذي أخذت ملامحه تتكشف على نحوٍ تفصيليٍ بعد تزايد الاهتمام بالكشف عن وثائق سجلات المحكمة الشرعية في القدس ووثائق الأرشيف العثماني في إسطنبول.
لقد امتلأ الجانب الجنوبي الغربي لحارة المغاربة بالصباّر وتحوّلت أجزاء واسعة منها إلى حواكير جرداء، وأحاطت حواكير من الصباّر بابَها المعروف بسور القدس، وغطّى بعضها الآخر الجزء الجنوبي الشرقي للحارة حيث الآثار المكتشفة قبل العام 1974م والتي تعود إلى العصر الأموي في القدس، في حين تحوّل باب هذه الحارة منذ أواخر القرن الثاني عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي إلى طريقٍ تسلكه الفلاّحات اللواتي يعرضن مزروعاتهن في مدينة القدس، فضلاً عن كونه أقرب الطرق إلى عين سلوان حين يطلب السكاّن التزود بالماء للشرب والغسيل.
تدمير حارة المغاربة وتشريد أهلها
كانت أياّم 11و12و13حزيران (يونيو) من العام 1967م تواريخ شؤمٍ أخرى على مدينة القدس، فقد هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي حارة المغاربة بأكملها التي عرفت عبر التاريخ أنها من أقدم حارات القدس الأثرية، وكان مجموع المباني التي جُرفت آنذاك 135 بناءً أثريا.
وفي المرحلة النهائية من المعارك في القدس في غضون حرب يونيو 1967 احتل الجيش الإسرائيلي حي المغاربة مع باقي حارات القدس التي خضعت للسلطة الأردنية، وفي 10 يونيو 1967 أمرت السلطات الإسرائيلية بإخلاء سكان الحارة وتدميرها لتُسويه بالأرض ولتقيم مكانه ساحة عمومية قبالة حائط البراق لرؤية التهديدات من مسافة كافية. تم التدمير خلال ساعات قليلة وشمل 138 بناية من بينها جامع البراق وجامع المغاربة وكذلك المدرسة الأفضلية، الزاوية الفخرية ومقام الشيخ.
نورالدين اليزيد-مصادر مختلفة