جائزة نوبل تكرّم الطب الصيني القديم

الرئيسية » إبداع وتنمية » جائزة نوبل تكرّم الطب الصيني القديم

جائزة نوبل تكرّم الطب الصيني القديم

في جائزتها عن الطب للعام 2015، بدت «نوبل» كأنها أمسكت بالكرة الأرضيّة وأدخلتها في ممر زمني يقودها إلى الماضي، بل إلى ماضٍ قديم كثيراً ما يكون موضع خلاف حاد وجدال مرير. عادت «نوبل» بالعلم المعاصر إلى مساهمة الطب الصيني القديم في مجابهة الأوبئة، وذكّرت بجهود من تلمسوا طُرُق مكافحتها حتى في التراب… حرفيّاً.

وببساطة أكّدت «نوبل» أن الأوبئة ليست جزءاً من الماضي، وأن البشر ما زالوا أسرى وباء «إيبولا» الذي يفتك بلا هوادة في أفريقيا، والـ»إيدز» ما زال من دون علاج شافٍ، وتكرر أوبئة فيروس «كورونا» بأصنافه، بل أن الملاريا تضرب مئات ملايين الأجساد على امتداد الكرة الأرضيّة. الأرجح أن «نوبل» عادت إلى الأوبئة القديمة، لتذكّر بأن العلم استطاع هزيمة كثير منها، ما يبعث على التفاؤل بدحر الأوبئة المعاصرة.

ويبدو التذكير بالطب الصيني متوافقاً مع صعود العملاق الصيني عالميّاً. فقد سجّل ذلك الطب القديم عودته المنتصرة على يد امرأة حازت وحدها نصف «نوبل» للطب، فيما تقاسم ياباني وأميركي النصف الآخر! إذ ذهب نصف جائزة «نوبل» في الطب إلى الصينيّة يويو تو (مولودة عام 1930)، وهي اختصاصيّة في الأدوية من «أكاديميّة الصين للطب الصيني التقليدي» في «بكين»، تكريماً لاكتشافها مادة الـ»آرتِميسينين» Artemisinin التي أثبتت كفاءة عالية في علاج حالات الملاريا الحادة. وبتعمّقها في الطب الصيني القديم، لاحظت يويو أن وصفات أطباء الصين القدامى لعلاج الملاريا، يتكرّر فيها استعمال نوع معين من دود الخشب.

وفي دراستها ذلك النوع من دود الخشب، عادت إلى وصفة كُتبت قبل 1700 سنة، تضمّ طريقة لاستخلاص المُكوّن الفعّال في علاج الملاريا. وبعد عمل شاق في المختبر، اكتشفت يويو مادة الـ»آرتِميسينين» التي تعطي ذلك المُكوّن القدرة على علاج الملاريا، لأنها تضرب الطفيلي المُسبّب للملاريا في مرحلة مبكّرة من تكاثره.

وتضرب الملاريا قرابة 200 مليون شخص سنويّاً. ويقدّر أن الـ»آرتِميسينين» ينقذ حياة مئة ألف شخص سنويّاً في أفريقيا، إضافة إلى أنه يخفض وفيّات الملاريا نحو 20 في المئة عند الكبار، و30 في المئة عند الأطفال. وتعتبر الملاريا الوباء الأقدم في تاريخ البشر.

اما النصف الثاني من جائزة «نوبل 2015» للطب والفيزيولوجيا فقد ذهب إلى الياباني ساتوشي أومارا (مواليد 1935) والأميركي وليام كامبل (مواليد 1930)، وهما اكتشفا عقار الـ»آفرمِستين» Avermectin الذي نجح في مكافحة وباءي «عمى النهر» والـ»فيلاريا اللمفاويّة»، إضافة إلى فعاليّته حيال مجموعة من الأوبئة المشابهة الأخرى. وتتسبب طفيليّات دوديّة بتلك الأوبئة، بل يقدّر أن ثلث سكان العالم يعانون منها، خصوصاً سكّان جنوب آسيا، وأميركا الجنوبيّة والوسطى، ومنطقة جنوب الصحراء الأفريقيّة الكبرى.

الحياة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *