هل سمعت بقبو سفالبارد العالمي بالنرويج؟.. فقلة قليلة من الناس سمعت بهذا المكان المذهل على سطح البسيطة.. إنه منجم عملاق تحت الأرض بني فيه أول بنك من نوعه لتخزين أكثر من 800 ألف نوع من بذور النباتات من جميع أنحاء العالم لحمايتها من الانقراض.
ويتميز القبو المذهل والمنقطع النظير، بتصميمه الفريد للغاية، فهو مؤهل لمقاومة هزات الزلازل والتغيرات المناخية الحادة والحروب النووية وحتى احتمال اصطدام مذنب بالأرض.
معلومات ومواصفات ترفع من منسوب الفضول والذهول إزاء هذا المكان الذي عهد إليه مهمة حفظ آلاف الجينات النباتية من الانقراض لمئات السنين.
موقع متميز
يقع قبو سفالبارد في جزيرة سبيتسبيرجين النرويجية على تخوم بلدة ونغيرباين في أرخبيل على بعد 1300 كيلومتر من القطب الشمالي.
وفي هذا المكان يتموضع بنك البذور العالمي المذهل على مسافة 120 مترا داخل جبل من الحجر الرملي معتمدا على نظام أمني في منتهى القوة والدقة.
واعتبر موقع هذا المخزن العملاق مثاليا للغاية نظرا لعدم وجود نشاط بناء في المنطقة وتميزه بالجليد على مدار السنة، ما يساعد تلقائيا في عملية تخزين عينات البذور هناك.
فتموضع هذا المكان على مسافة 130 مترا فوق سطح البحر يجعله جافا حتى ولو ذابت قمم الجبال الجليدية التي تحفه، كما أن كميات الفحم الحجري المحلي تزود وحدات التجميد بالطاقة لضخ المزيد من البرودة للبذور المخزنة حيث تبلغ الحرارة في هذا الوسط 18 درجة تحت الصفر.
وقد افتتح قبو سفالبارد رسميا في 26 فبراير 2008، ويعتقد أن فيه حوالي 1.5 مليون عينة بذور منفصلة من المحاصيل الزراعية. ويتم تعليب البذور في هذا البنك في حزم رباعية الثني، بعد أن تمتص الحرارة منها حفاظا عليها من الرطوبة.
وتحفظ البذور في رفوف معدنية داخل القبو، بعد أن توضع في مغلفات تطوى من أربع جهات، ثم توضع داخل حاويات أكياس بلاستيكية، لتبقى في درجة حرارة دون 18 تحت الصفر، فالحرارة المتدنية ومحدودة الأوكسجين تحافظ على نضارة البذور وجدواها.
البدايات
بدأ بنك الجينات الشمالي عملية تخزين البذور منذ 1984، عبر تجميد البذور في منجم فحمي مهجور في سفالبارد، وقد وفق على في سنين عدة في تخزين أكثر من 10 آلاف عينة من البذور التابعة لأكثر من ألفي غرسة تعود لأصل ثلاثة آلاف نوع مختلف من النباتات.
استمر هذا البنك في المثابرة لعدة سنوات، ومن ثمة سلم باكورة عمله في هذا الإطار إلى مجلس التنمية الإفريقي الجنوبي، ولاحقا انتقل كل من البنك الشمالي والمجموعات الإفريقية إلى مجمع القبو الجديد في سفالبارد عند افتتاحه.
وقد مولت الحكومة النرويجية بالكامل تقريبا إنشاء هذا القبو بمبلع 9 ملايين دولار وخزنت داخله البذور مجانا، بينما تدفع الحكومة النرويجية واتحاد تنوع المحاصيل العالمي تكاليف التشغيل.
فلا يوجد في القبو كادر وظيفي دائم، بل يفتح أبوابه لاستقبال إيداعات البذور أو الزوار الذين متى حلوا بالمكان يلاحظون أن البوابة الخارجية هي الشيء الوحيد الظاهر من القبو، وأن ولوج بابه يرافقه المسير في نفق بطول 100 متر للوصول لرفوف البذور المخزنة هناك.
ويشار إلى أن إنشاء هذا القبو جاء بناء عل دراسة جدوى توصلت إلى أن هذا المكان يمكن أن يحافظ لمئات السنين على بذور محاصيل زراعية عبر العالم منها تلك العائدة للحبوب المهمة.
فمهمة هذا القبو تقتضي توفير شبكة حماية ضد الضياع للتنوع الجيني لهذه العينات من النبات العالمية، فهذا المكان، وفي ظل الكوارث المحلية والعالمية، هو الآمن للحيلولة دون فقدان البنوك الجينية للعينات النباتية.
البعد الفني
وصمم القبو ليكون بمثابة العمل الفني المتميز، فطول سقفه وواجهته ومدخله المضائين بشكل رائع يبرهنان على ذلك.
فالحكومة النرويجية اشترطت توفر مواصفات جمالية في هذا العمل، ونفذتها وكالة “كورو” التابعة للحكومة والمتخصصة في تنفيذ الأعمال الفنية في الأماكن العامة.
وقد وضع الفنان “ديفك سان”، نظام إنارة يحتفي بالضوء القطبي في شهور الصيف، بينما يعمل 200 سلك من الألياف البصرية في فصل الشتاء على منح القبو إطلالته الساكنة المشبعة باللون الأخضر المائل لـ”التركواز” المتعانق مع الضوء الأبيض.
مواصفات وظيفية وجمالية تجعل من هذا القبو معلما عالميا يدل على قدرة العقل البشري على المضي قدما في رسالة إعمار الأرض إذا كان رهانه الإعمار.
سكاي نيوز عربية