يتضح أن أدمغة الإنسان تشكل موجات دماغية متشابهة بشكل مخيف في الإدراك المكاني عند التنقل، واكتشف علماء هذا بفضل ابتكار طريقة لفحص أدمغتنا أثناء الحركات الحرة، بدلا من الاستلقاء.
وأوضح جراح الأعصاب نانثيا سوثانا، من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس: “نتائجنا تشير إلى أن أدمغتنا تخلق توقيعا عالميا لوضع أنفسنا في مكان شخص آخر”. وكشفت دراسات سابقة أجريت على الفئران أن موجات دماغية منخفضة التردد تساعد القوارض على تتبع مواقعها عند استكشاف مكان جديد – من خلال تحديد حدود المكان. كما تم تحديد موجات مماثلة لتحديد الحدود عند البشر، ولكن فقط عندما يتنقلون في بيئة افتراضية بينما يجرون عمليات مسح الدماغ.
وقال عالم الأعصاب ماتياس ستانغل، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: “أردنا التحقق في هذه الفكرة لدى الأشخاص – واختبار ما إذا كان بإمكانهم أيضا مراقبة الآخرين بالقرب منهم – لكن التكنولوجيا الحالية أعاقتهم”. لذلك ابتكر ستانغل وزملاؤه ماسحا متنقلا للدماغ، يتكون من حقيبة ظهر مزودة بجهاز كمبيوتر يتصل لاسلكيا بأقطاب كهربائية مزروعة في الدماغ (نظام يسمى تخطيط كهربية الدماغ داخل الجمجمة)، لمساعدتهم في دراسة كيفية تشكل أدمغتنا واسترجاع الذكريات المكانية.
وكان موضوعهم خمسة مرضى مصابين بالصرع، وزُرعت بالفعل أقطاب كهربائية في أدمغتهم للمساعدة في السيطرة على نوباتهم. وتكمن هذه الغرسات في الفص الصدغي الإنسي – يُعتقد أن أجزاء الدماغ لدينا تشفر الذكريات المتعمدة طويلة المدى والإدراك المكاني. وشارك المشاركون في مهمة ملاحة مدتها 15 دقيقة، حيث طُلب منهم العثور على مواقع الأهداف المخفية داخل الغرفة ومعرفة هذه المواقع. وتبع ذلك مهمة مراقبة مدتها 15 دقيقة حيث كان على المشاركين تتبع شخص آخر يتنقل في الغرفة، والضغط على زر عندما عبر الشخص الآخر المواقع المستهدفة غير المحددة.
ورأى الباحثون أنه مع اقتراب المشاركين من الحدود المادية – مثل جدار الغرفة – ازداد تدفق التذبذبات منخفضة التردد في أدمغتهم بقوة. وحدث الشيء نفسه عندما شاهدوا شخصا آخر يقترب من الجدران. وكتبوا في ورقتهم البحثية: “وجدنا أن التغييرات التذبذبية المتعلقة بالحدود كانت متشابهة بشكل مذهل بين المهام التي تتطلب التنقل الذاتي مقابل مراقبة شخص آخر”.
ووجدت الدراسات الحديثة التي أجريت على الفئران والخفافيش أيضا، المجموعة نفسها من الخلايا العصبية في قرن آمون لكل من موقع الحيوان وموقع الآخرين من جنسها. وزادت قوة تمثيلات الموجات الدماغية هذه، أيضا عندما جرى التركيز على العثور على الموقع المستهدف. ولم تكن إشارات التذبذب مستمرة، ولم تغير مقدار حدوثها، فقط قوتها.
وقال ستانغل: “تدعم نتائجنا فكرة أنه في ظل حالات عقلية معينة، قد يساعدنا هذا النمط من موجات الدماغ في التعرف على الحدود. وفي هذه الحالة، كان ذلك عندما يركز الناس على هدف ويبحثون عن شيء ما”. ويتم قياس النشاط الكهربائي المتذبذب ضمن نطاق تردد يشار إليه باسم موجات ثيتا. ونحن ننتج هذه الموجات البطيئة والواضحة بشكل عام أثناء التنقل، لذلك ليس من المستغرب أن تكون واضحة في مثل هذه المهمة.
ومن المثير للاهتمام، أن موجات غاما الأكثر صخبا إلى حد ما، ظهرت أيضا في أنماط متشابهة، مع اختلاف أكبر قليلا بين الظروف المختلفة. وهذه هي الموجات التي ننتجها عندما نستخدم المزيد من أدمغتنا للتفكير، ونرسم الخبرات في ذاكرتنا العاملة. ويعتقد الفريق أن الموجات الدماغية التي لاحظوها تتولد عن مجموعات متعددة من الخلايا العصبية التي قد تتضمن خلايا ترميز على وجه التحديد للحدود والأشياء. وقد يساعدنا الفهم الأفضل لهذه اللغة العصبية في كشف اضطرابات الدماغ.
وفي تطور مثير، جعلوا تصميم حقائب الظهر الخاصة بهم متاحا للباحثين الآخرين. وقريبا، يمكننا أن نتوقع معرفة المزيد عن أنماط الموجات الدماغية لدينا في المواقف الاجتماعية المعقدة.
سبوتنك