تقول نتيجة أحد الاستطلاعات الأخيرة أن ملايين الأطفال حول العالم أصبحوا يقرأون الكتب الالكترونية، ولكن معظمهم ما زالوا يفضلون الكتب المطبوعة.
ويقول مسح مدرسي آخر أجرته مؤسسة “الناشرون التربويون” ومقرها في مدينة نيويورك وتم عبر الانترنت في الخريف الماضي لطلاب تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 سنة إن شعبية الكتاب الالكتروني تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، حيث ذكر 46% من جملة 1074 طالباً أنهم قد قرءوا كتاباً اليكترونياً واحداً على الأقل مقارنة بـ 25% فقط في العام 2010م
وتختلف أعداد قراء الكتب الالكترونية قليلاً حسب الجنس أو الفئات العمرية، إذ يقول الطلاب الذكور أنهم ومنذ أن بدءوا قراءة الكتب الالكترونية فإنهم أصبحوا يقرأون أكثر من ذي قبل. بينما يقول حوالي 50% من الشباب إنهم أصبحوا يقرءون كتباً أكثر لمجرد التسلية والمتعة متى ما أتيحت لهم فرصة الحصول على كتاب الكتروني. ومن الواضح أن أولئك الذين شملهم الاستطلاع ينالون نصيب الأسد في قراءة الكتب الالكترونية في منازلهم أكثر مما يفعلون في المدرسة. وقد أجاب ثلاثة أرباع هؤلاء الطلاب بأن أغلب قراءتهم للكتب الالكترونية تكون في منازلهم، بينما أجاب الربع بأن قراءتهم لها كانت في المدرسة. وقد ذكر هؤلاء الطلاب للباحثين إن الكتب الالكترونية تكون مفيدة جداً خاصة في السفر أو في الطريق أو عندما لا يريدون أن يعرف الآخرون ما الذي يقرءونه.
وعند السؤال عن مزايا الكتب الالكترونية ذكر معظم الطلاب البالغين وآباؤهم الراحة والسهولة في حمل الكتب أينما ذهبوا، وسهولة الوصول إليها أينما كانوا. إضافة إلى أنها سهلة القراءة لأن أغلب الأجهزة بها خاصية تكبير وتصغير النصوص، كما أنها صديقة للبيئة لعدم الحاجة إلى قطع الأشجار من أجل الحصول على الورق أو حبر الطباعة. وقالوا كذلك إن الكتابة على هامش الكتب الالكترونية أمر سهل ويمكن الرجوع إلى ما كتبوه بسرعة ويسر كما يمكن إزالتها بسهولة كذلك. وذكر آخرون أن الكتب الالكترونية لا تحتاج إلى مصدر للضوء بل يمكن قراءتها في أي زمان ومكان. أما الكتب التي يفضلونها أكثر من غيرها فهي القواميس وتطبيقات تدوين الملاحظات والمذكرات وكتب بناء المهارات.
إلا أن الدراسة نفسها قد أظهرت أنه ما زال للكتاب المطبوع تأثيره ومكانته في حياة الأطفال. ففي إجابات الأطفال وجد أن 80% من الكتب التي قرءوها للتسلية والمتعة كانت كتباً مطبوعة، وأنهم يفضلون الكتب المطبوعة على الكتب الالكترونية عند القراءة على الفراش وقبل الخلود إلى النوم. وقال 58% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم يفضلون دائماً قراءة الكتب المطبوعة على الورق حتى لو كانت النسخة الالكترونية متوفرة لديهم ..
وقد حصلت الكتب المطبوعة على درجات أفضل من الأطفال وآبائهم لعدم حاجتها إلى بطاريات لتعمل بها، ولسهولة رؤية مقدار الجزء الذي تمت قراءته. إن الأطفال على وجه الخصوص يحبذون حمل الكتب المطبوعة في أيديهم أكثر من الأجهزة الالكترونية، أما الآباء فقد قالوا إن الكتب الورقية تروق لهم كثيراً لأنها “تبعدهم عن التكنولوجيا” ولا تسبب في العادة إجهاداً للعين، كما أنها لا تتطلب جلوساً طويلاً أمام الكمبيوتر، وأنها رخيصة الثمن، ويمكن الحصول عليها من أي مكتبة. بينما يقول معارضون لهذا الرأي أن للكتب الورقية عيوباً عدة تتمثل في ثقل وزنها وأن حمل ثلاثة أو أربعة كتب يسبب عبئاً مزعجاً، كما أنها تحتاج دائماً إلى مصدر للضوء، وأن القارئ لها يحتاج دائماً إلى حمل قلم للكتابة على هوامش الكتاب.
وقد ذكر موقع أمازون الشهير أن مبيعاته من الكتب الالكترونية قد أصبحت في الآونة الأخيرة تتفوق كثيراً على مبيعاته من الكتب الورقية، وأنه مقابل كل مائة كتاب مطبوع يتم تنزيل مائة وأربعة عشر عنواناً في أجهزتها الالكترونية المعروفة بـ “كيندل”. إن هذا الموقع الانجليزي العملاق والذي بدأ بيع الكتب في العام 1998 قد وصل في بريطانيا إلى نقطة تحول أسرع مما فعل في السوق الأمريكي الذي استغرقت فيه الكتب الالكترونية حوالي أربع سنوات لتتفوق على الكتب المطبوعة. وفي حين أن هذه الأخبار لا تعني سوى أن الكتب الالكترونية تباع أكثر من الكتب الورقية في بريطانيا إلا أنها تمثل نقطة تحول بالنسبة للكلمة المطبوعة، وأن المكتبات التي تبيع الكتب الورقية قد أصبحت تصارع الآن للبقاء وسط هيمنة أجهزة القراءة الالكترونية الأمريكية العملاقة مثل أبل وكيندل.
وكثيراً ما اتهمت شركة أمازون في بريطانيا بأنها تحط من قيمة الأدب، وتعرض مستقبل الناشرين للخطر، من خلال طرح أسعار الكتب الالكترونية بأسعار منخفضة، إذ أن كثيراً من مبيعات أمازون من الكتب الالكترونية ليست سوى جزء يسير من مبيعات الكتب المطبوعة، بينما توزع المؤلفات الكلاسيكية لجين أوستن وتشارلز ديكينز بالمجان.
كذلك تقوم أمازون بنشر بعض العناوين بالاتفاق مباشرة مع المؤلفين، الذين أصبح الآن في إمكانهم النشر مباشرة دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من دور النشر التقليدية، وهذا يساهم في خفض التكلفة وسرعة النشر.
على أية حال، فإن الوقت ما زال مبكراً لمعرفة إن كانت الكتب الإلكترونية ستصبح بديلاً قابلاً للتطبيق والاستمرار، وحتى هذه اللحظة، فإن الأمر برمته لا يزال في مهده وأن المشهد النهائي لم يظهر بعد.
كاثرين جورتز/ ترجمة، عمر خليفة – مكتب التربية العربي لدول الخليج