الفيزياء السرية

الرئيسية » تربية وتكوين » الفيزياء السرية

الفيزياء السرية

يشعر علماء الفيزياء بالفخر المستحق بالطرق العديدة التي أفادت بها إنجازاتهم البشرية. ولكن اختراع مصباح أو هاتف لا يعني فهم المبادئ الأساسية للفيزياء (من المؤكد أن توماس أديسون، وألكسندر بل، لم يفهما المبادئ الأساسية للفيزياء). ولكن من المؤسف أن العديد من زملائي ـ وخاصة هؤلاء الذين يدونون الكتب الدراسية ـ يقدمون الفيزياء وكأنها بناية شاهقة، متجاهلين بذلك الفجوات القائمة بين مجموعة مشوشة من النماذج المنحرفة.

في أيامنا هذه، نستطيع الاستعانة بأجهزة الكمبيوتر أن نقرب المسار بقدر ما نريد. ولكن تلك هي المسألة: ذلك أن أغلب علماء الفيزياء وطلابها فقدوا بصيرتهم فيما يتصل بالتمييز بين التقريبي والدقيق. وبوسعنا بكل تأكيد أن نتعلم شيئاً عن الأنظمة الفوضوية من دون التوصل إلى حل للمعادلات في واقع الأمر، ولكن إذا طالب أحد علماء الرياضيات التقليدية من طالب أن يتوقع إلى أين تتجه تلك الكرة، فإن الطالب لن يتمكن من إجابته حتما. وحتى قانون نيوتن الأساسي للجاذبية قائم على التقريب في نهاية المطاف. إن مدوني الكتب المدرسية يعملون بإخلاص على تسجيل ذلك القانون الشهير من دون أن يلاحظوا أنه يسفر عن قوى غير محدودة عندما يحدث تقارب لا نهائي بين جسمين. حسنا، إن الجسيمات على وجه التحديد هي التي ينحرف عندها نيوتن عن جادة الصواب ـ وليس فقط في الفصل الدراسي الأول لمادة الفيزياء. إن المعادلة الأساسية للكهرباء هي «قانون كولومب»، الذي يحكم الجذب الكهربائي أو التنافر بين الجسيمات المشحونة، والذي يبدو مثل قانون نيوتن للجاذبية تماما. ونحن نطلب من تلامذتنا دوماً أن يتخيلوا الإلكترونات باعتبارها جسيمات نقطية، وفي هذه الحالة، يصبح عليهم حقاً أن ينزعجوا إزاء بعض القوى اللانهائية.

هكذا، وعلى الرغم من التطورات الجاذبة لعناوين الصحف، مثل نظرية الخيوط، فإن الأمر مستمر حتى يومنا هذا. ومن الصعب أن يتحدى المرء النجاح التنبؤي الذي حققته الفيزياء الحديثة، ولكن يتعين علينا أن نتذكر أننا نصف الطبيعة، ولكننا لا نفهمها دوما.

توني روثمان, “محاضر في الفيزياء بجامعة برينستون” – نقلا عن البيان

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *