أظهرت دراسة أسترالية جديدة أن العسل يملك خصائص يستطيع من خلالها مقاومة الجراثيم، كما أظهر فاعلية ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، والتي طورت أجهزتها المناعية لمقاومة المضادات، ما جعل مقاومتها بالأدوية العادية أمراً صعباً.

لطالما كان العسل في القديم والحديث يستخدم علاجاً طبياً للكثير من الأمراض، في مختلف البلدان والحضارات القديمة، لكن الدراسة الجديدة قد تكون نقطة تحول جديدة في الاستخدامات الطبية للعسل.

وقالت الدكتورة دي كارتر الأستاذة المشاركة في كلية العلوم البيولوجية والميكروبية الجرثومية في جامعة سيدني، التي أشرفت على الدراسة: “تبيَّن لنا من البحث الذي أجريناه، أن العسل يمكن أن يحل محل الكثير من المضادات الحيوية المستخدمة في معالجة الجروح كالمراهم والكريمات المختلفة، كما أن استخدام العسل كوسيلة مساعدة للعلاج سيزيد من عمر المضادات الحيوية”.

وأوضحت أن أكثر أنواع البكتيريا التي تسبب الالتهابات في المستشفيات باتت قادرة على مقاومة نوع واحد على الأقل من المضادات الحيوية، وهذا يتطلب إنتاج أنواع جديدة من هذه المضادات لتكون قادرة على القضاء على البكتيريا المسببة للأمراض.

يشار إلى أن العسل يعتبر من أكثر المواد تعقيداً في تركيبته، إذ يحتوي على ما يقارب ال 800 مركب، وهذا التعقيد يجعل من الصعب على العلماء أن يدركوا تماماً الآلية التي يقوم من خلالها بمقاومة البكتيريا وقتلها.

ويحتوي العسل على 35% بروتين (انزيمات)، ويتكون من أحماض أمينية وكربوهيدرات او سكريات نحو 25% جلوكوز أو سكر العنب 30-40% فركتوز أو سكر الفواكه ونحو 6% سكروز أو سكر القصب ومالتوز نحو 4% . كما يحتوي على ماء 18% ويحتوي 3% فيتامينات ومعادن مفيدة.

والعسل ذو الوان مختلفة وطعم مختلف وهذا يرجع إلى مصدر الزهور والرحيق ويوجد نوع من العسل يحوي نسبة عالية من الفركتوز وقليل من الجلوكوز ولا يحتوي سكروز او مالتوز وهذا النوع من العسل ينفع الذين لديهم ارتفاع سكر الدم.

وتقول الدكتورة دي كارتر: “حتى الآن لم نتعرف إلى الطريقة التي استطاع العسل من خلالها مقاومة البكتيريا، لكن على الأغلب أن مركباً داخل العسل اسمه “methylglyoxal” يتفاعل مع مركبات أخرى لم نعلمها حتى الآن، ليكون قادراً على تعطيل قدرة البكتيريا من إنتاج سلالات جديدة قادرة على مقاومة المضادات الحيوية” . يذكر أن الدكتورة روز كوبر من كلية العلوم الصحية في جامعة ويلز، قامت بإجراء بحث عن نشاط العسل المضاد للبكتيريا، وألفت كتاباً بعنوان “العسل في مواجهة الجروح” . وتقول إن هناك العديد من المكونات التي تساهم في إعطاء العسل الميزات العلاجية، ارتفاع السكر، وقلة نسبة المياه، والحموضة المنخفضة كلها عوامل مساعدة.

وكانت دراسة هولندية نشرت في طبعة يوليو/تموز 2010 من مجلة الجمعيات الأمريكية للبيولوجيا التجريبية (FASEB) قد فسرت لأول مرة كيف يقوم العسل بقتل الجراثيم على وجه التحديد.

وأظهرت الدراسة أن النحل يضيف بروتيناً إلى العسل يدعى “defensin-1” عند تحويلة من رحيق لعسل.

وبينت الدراسة بشكل واضح الأساس الجزيئي للنشاط المضاد للجراثيم للعسل والذي يسهم في تطبيق العسل في الطب.

وقال باحث شارك في البحث من وزارة علم الأحياء الدقيقة الطبية في المركز الطبي الأكاديمي في أمستردام: “قد يستخدم العسل أو بعض مكوناته المعزولة او المشتقة من العسل وتكون ذات قيمة كبيرة للوقاية والعلاج من الأمراض التي تسببها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية”.

وقد بدأت البحث بدراسة النشاط المضاد للبكتيريا من العسل في أنابيب اختبار ضد مجموعة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، المسببة للأمراض . في نهاية المطاف، ووجد الباحثون ان بروتين “defensin – 1” وهو جزء من نظام المناعة لنحل العسل، ويضاف إلى العسل بواسطة النحل، استنتج العلماء أن الأغلبية العظمى من خصائص العسل المضادة للبكتيريا التي تأتي من هذا البروتين.

واعتبر خبراء في حينه هذه المعلومات بأنها تسلط الضوء على نظام نحل العسل المناعي، ما قد يساعد في يوم ما على استخدام العسل بشكل فعلي فى علاج الأمراض . وقال جيرالد وايزمان، العضو المنتدب، رئيس تحرير لمجلة الجمعيات الأمريكية للبيولوجيا التجريبية، “الآن بعد أن قمنا باستخراج عناصر قوية مضادة للجراثيم من العسل، يمكننا أن نؤكد أن العسل يخفف الالتهابات البكتيرية”.

الخليج