العالم يشهد ثورة تقنية في استخدام الموارد وتوظيفها

الرئيسية » إعلام ورقميات » العالم يشهد ثورة تقنية في استخدام الموارد وتوظيفها

العالم يشهد ثورة تقنية في استخدام الموارد وتوظيفها

يعمل العلماء على تطوير مواد موجودة في العالم من حولنا، كالخشب والزجاج والموصلات، لتوسيع استخدامها في مجالات الحياة المختلفة، في خطوة ثورية من شأنها توسيع أفق التطوير العلمي، وتوظيف هذه المواد بطرق لم يسبق لها مثيل.

وذكرت مجلة «نيو ساينتست» العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها، أن العلماء يشتغلون على تطوير مواد آمنة لتخزين البيانات على المدى الطويل. ووجد باحثو الفيزياء في جامعة هارفرد عام 1996، أن ذلك ممكن باستخدام مادة الزجاج. وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو مستحيلاً، نسبة لكونها مادة شفافة، إلا أنهم وجدوا أن إمكانية تخزينها للبيانات تصل إلى ثمانية أضعاف قدرة مواد معدنية أخرى على ذلك.

فالزجاج مقاوم للحرارة وللكيماويات وللإجهاد الميكانيكي، فضلاً عن أن من الممكن جعله مقاوماً للرصاص. ويمكن كتابة البيانات عليه عبر تركز أشعة ليزر مكثف لحفر الكتابة على الزجاج. ويمكن قراءة البيانات المطبوعة على الزجاج عبر تعريضه للضوء. واستغرق تحقيق هذه الرؤية وقتاً طويلاً، لأنه اقتضى توافر أشعة ليزر مركزة، وهي تقنية تعد حديثة نسبياً.

زجاج لتخزين البيانات

وانطلاقاً من هذه المعطيات، يخطط علماء يعملون في شركة «هيتاشي» لتطوير مبدأ تخزين البيانات على الزجاج، وذلك باستخدام مواد مصنوعة من الكوارتز المُنصهر، وهو نوع من الزجاج. ويأمل خبراء آخرون انطلاقاً من هذه الخطوة، المضي قدماً في تخزين البيانات على الكريستال متعدد الأبعاد.

ووجدوا بالتجربة أن تخزين البيانات على هذه المادة يفوق النتائج التي توصلت إليها شركة «هيتاشي» لدى تجربتها ذلك على الزجاج بثماني مرات. ووجدت مجموعة كازنسكي أن عملية حفظ البيانات على الكريستال تتم لدى تسخينها عند درجة حرارة 1000 درجة. ويمكنها تحمل درجة حرارة عالية جداً، تصل حد التفجير النووي، فضلاً عن أنها قد تحتفظ بالبيانات لنحو 10 مليارات سنة.

ويطور الخبراء، على صعيد آخر، الهواتف الذكية، لجعلها تعمل بطريقة تفوق قدراتها الحالية. فالإلكترونات التي تنقل المعلومات من خلال رقائق معالجة البيانات المخزنة في أجهزة الهواتف المحمولة، تتحرك عبر مواد صلبة، وتصطدم بكثير من الشوائب خلال حركتها، وهذا يقلل من سرعتها في معالجة الأوامر الإلكترونية.

ويقول شو تشنغ تشانغ، الباحث في مجال الفيزياء من جامعة ستانفورد الأميركية: «تتحرك الإلكترونات في المواد الصلبة كما يتحرك المرء في سوق تجاري مزدحم، وهذه هي الشوائب».

وفي حال كان الهاتف المحمول يُغلق بعد وقت قصير من شحنه، أو ترتفع درجة حرارته كثيراً، فهذا بسبب تصادم الإلكترونات مع بعضها البعض أثناء تحركها في شريحة معالجة البيانات الصلبة. وارتفاع درجة حرارتها بشكل لا يمكن التغلب عليه، هو ما يعيق نقل الإلكترونات، وبالتالي، يقلل من إمكانية تطوير رقائق الهواتف المحمولة.

وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة في هذا المجال، إلا أنها أفضت إلى تطوير موصل جيد للكهرباء فقط. ويقول شو تشنغ تشانغ، إنه طور مع فريق عمله رقاقات طوبولوجية خاصة عام 2007، وهي مواد عازلة في المجمل، ما عدا سطحها، الأمر الذي يسمح للإلكترونات بالحركة بحرية عبره.

وتتحرك هذه الأخيرة على السطح في دوائر شبه منتظمة، بحيث تقل نسبة تصادمها ببعضها لبعض. وفي هذا الشأن، يقول شو تشنغ تشانغ: «تتحرك هذه الإلكترونات بسرعة فائقة جداً». ويتوقع أن تكون هذه رقاقات جاهزة تماماً وقابلة للاستخدام خلال خمس إلى عشر سنوات.

ناطحات سحاب خشبية

ومن ناحية أخرى، فإن من المسلم به، أن عدد سكان العالم يزداد باطراد لافت، ونتيجة لذلك، بات الناس يتكيفون بشكل أكبر مع نمط المباني العالية وناطحات السحاب، التي تستهلك مساحات عرضية من الأرض قليلة نسبياً، مقارنة بالبيوت، بينما ترتفع إلى أعلى لمسافات طويلة جداً، موفرة مساحات سكنية تستوعب عدداً كبيراً من السكان.

وعلى الرغم من هذه الميزة الإيجابية، إلا أنها تستهلك كميات كبيرة من مواد البناء التقليدية، مثل الأسمنت والمعادن. ولتفادي استنزاف هذه المواد، يعمل العلماء على تطوير مواد بناء مميزة مصنوعة من الأسطح الخشبية الرقيقة الملتصقة مع بعضها البعض، بطريقة تكفي لجعلها مواد بناء صلبة جداً وخفيفة في الوقت ذاته.

وشيدت شركة «سكيدمور أونغز أند ميرل» في العام الماضي، ناطحة سحاب كاملة من الخشب بطول 125 متراً. واستخدمت الحديد لربط مفاصل المباني فقط، وذلك بنسبة 25 % إلى 40 % فقط.

وأعلنت وزارة الزراعة الأميركية، بالتعاون مع مجلس الخشب اللين والمكتب الكندي الأميركي للزراعة، إطلاق مسابقة لبناء ناطحات سحاب خشبية صديقة للبيئة بقيمة 2 مليون دولار أميركي، للدفع بهذه التقنيات وتطويرها. ويطمح العلماء إلى دعم استخدام الخشب ومشتقاته، بالإضافة إلى الوقود الحيوي، وجعلها تحل مستقبلاً محل السيليكون في مجال الإلكترونيات أيضاً.

أخف مادة صلبة

اخترع الكيميائي الأميركي صموئيل كيستلر في ثلاثينيات القرن العشرين، أخف مادة صلبة في العالم، وذلك عندما أزال السائل بلطف من هلام السيليكا، وترك هيكل المادة الخارجي مليئاً بثقوب النانو، بشكل جعل نسبة الهواء تصل فيه إلى 99 %. وأصبح شكلها يشبه شكل الدخان المجمد في الهواء. وسميت هذه المادة باسم «إيروغيل».

واستخدمت هذه المادة لعقود خلت في مجالات محدودة، غير أن استخدامها بات يزداد يوماً بعد يوم. وطور العلماء المادة بدمج الألياف الزجاجية المُشربة بسلاسل البوليمر الرقيقة، لجعلها أكثر مرونة، وتوسيع استخداماتها.

لانا عفانه – البيان

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *