الطاقة والنفايات والبيئة

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الطاقة والنفايات والبيئة

الطاقة والنفايات والبيئة

أصبح حديث العالم اليوم منصباً على العديد من القضايا البيئية، ومن بينها إنتاج واستهلاك الطاقة، لسبب رئيسي هو كمية الطاقة التي يحتاجها سكان الكوكب الذين تجاوز عددهم السبعة مليارات نسمة، وطبيعة الأنشطة التي يقوم بها الإنسان حتى في البلدان الأقل نمواً، ولكن يظل الإنسان يحتاج إلى طاقة لأغراض الطهو، والتدفئة، والتبريد، والتنقل، والإنارة، وغيرها، أما في البلدان النامية والمتطورة، فتدخل أنشطة أخرى، تحتاج إلى طاقة أكثر، مثل: الصناعة الخفيفة والثقيلة، والزراعة، والإنشاءات، والنقل، والاتصالات، والتعليم، والصحة، والمؤسسات، وهكذا.

وقد استخدم لتوليد الطاقة العديد من المواد والمنتجات، من بينها: الفحم والأخشاب، وأخيراً البترول ومشتقاته، والغاز الطبيعي، وقد بنيت كل المكائن والمعدات ووسائط النقل والإنشاءات، على أساس استخدام هذه الوسائل، وفي مقدمتها البترول والغاز الطبيعي، ومن ثم الفحم.

ومع تزايد الحاجة للوقود الأحفوري «الذي يكون البترول والغاز الطبيعي من أهم مكوناته»، وارتفاع أسعاره، وتأثير استخدام هذا النوع من الطاقة بكثرة في البيئة عموماً، والمناخ بشكل خاص، من خلال غازات الاحتباس الحراري، والمطر الحامضي، وتسبب التغير المناخي بتوصل العلماء إلى تقنيات توليد الطاقة من النفايات، كأحد الحلول المساهمة في تخفيف حدة تزايد استخدام الوقود الأحفوري على الغلاف الجوي، إلا أن ذلك لم يكف، وبخاصة بعد تزايد عدد السكان على الكوكب، والرفاهية التي حصل عليها العديد من سكان البلدان النامية والمتطورة، ما تولد عنه، زيادة في كمية النفايات التي ينتجها الفرد يومياً، والذي يتراوح معدلها ما بين 500 – 4 آلاف غرام للفرد في اليوم الواحد، وفي إحصاءات نشرت مع نهاية العام 2012، أظهرت أن المتحصل عليها عن كمية النفايات التي أنتجت في العام 2012، نحو أربعة مليارات طن من النفايات، على أقل تقدير، وهذه الأرقام لا تشمل النفايات المتولدة عن أعمال البناء والهدم والتعدين والصناعات الزراعية، أي أن كل فرد ينتج سنوياً منها في حدود «571.429 كغم»، وقد نشرت هذه الإحصائية «فاينانشيال تايمز» البريطانية في 15/11/2012.

وفي إحصائية أخرى نشرت في صحيفة الوسط في 12/10/2012، أشارت إلى أن مجموع النفايات المنزلية المولدة في البلدان العربية أكثر من 80 مليون طن سنوياً، ولهذا رأت الدول أن الاستثمار في تحويل النفايات العضوية إلى طاقة، أو حرارة، من خلال طرق وتقنيات عديدة، له فائدتان، أولاهما: تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وثانيهما اختصار كمية قد تصل إلى 50% من النفايات التي ترمى يومياً في مكبات النفايات التي تأخذ مساحات واسعة، ولا يمكن زيادة أعدادها، بعد امتلاء أي منها.

وقد استمر حرق النفايات، كتقنية سهلة وغير مكلفة كثيراً، فوصل عدد المحارق في العالم، إذ نحو 450 محرقة تعمل باستمرار في الوقت الحاضر، في مختلف أنحاء العالم، أما في سويسرا واليابان، فإن 8% من النفايات الصلبة تعامل بهذه الطريقة، ولكن مع تطور العلم والتكنولوجيا، برزت تقنيات أخرى، ومن بينها المستخدمة حالياً في العالم، سواء على إنتاجية كبيرة أو صغيرة للطاقة؛ التقنيات التالية، كما وردت في الويكيبيديا: «الترميد»، وهو حرق المواد العضوية، كالنفايات مع استرجاع الطاقة، ويعتبر التطبيق الأكثر شيوعاً لتوليد الطاقة من النفايات، ويجب أن تطابق معايير انبعاثات صارمة، تتضمن المعايير المطبقة على أوكسيد النيتروجين «NO»، وثاني أوكسيد الكبريت «SO2»، والمعادن الثقيلة والديوكسين.

وقد جابهت الصناعةُ هذه المُشكلة عبر استعمال مجاريف كلسية، ومراسب إلكتروستاتية على المداخن، هذا الحجر المعدني الكلسي المُستخدم في هذه المجاريف، تتراوح قيمةُ الأس الهيدروجيني له حول العدد 8، ما يعني أنه قاعدي، عبر تمرير الدخان من خلال المجاريف الكلسية، ويتعادل أي حمضٍ، ربما يكونُ موجوداً في الدخان، وهو الأمر الذي يحول دون وصول هذا الحمض إلى الهواء وتلويث البيئة.

التقنيات الحرارية: «التغويز»: وهي طريقة لإنتاج غاز قابل للاحتراق، وهيدروجين، ووقود اصطناعي، وإزالة البلمرة حرارياً: وهي عملية إنتاج نفط خام اصطناعياً، يُمكن تكريره لاحقًا، والانحلال الحراري: وهي عملية إنتاج نفط حيوي أو فيه قار، إلى جانب إنتاج الفحم، ثم التغويز باستخدام قوس البلازما، أو ما يُطلق عليها عملية التغويز باستعمال تقنيات البلازما المعروفة اختصارًا ب «PGP»: وهي عملية لإنتاج الغاز الاصطناعي السميك، الذي يشتمل على الهيدروجين وأول أوكسيد الكربون، والذي يُمكن استعماله في خلايا الطاقة، أو توليد الكهرباء اللازمة لتشغيل قوس البلازما، ويُستخدم لها السليكات المُزججة وسبائك المعدن والملح والكبريت.

التقنيات غير الحرارية: هضم لاهوائي: «غاز عضوي غني بالميثان»، والتخمير: مثل: الإيثانول، وحمض اللاكتيك، والهيدروجين، والمعالجة الميكانيكية الحيوية «MBT»، للوقود المشتق من القمامة.
وبالرغم من التطور الحاصل في التقنيات، إلا أن «أصدقاء البيئة»، دائماً يعترضون على ما تبثه هذه التقنيات من غازات، تتسبب بالاحتباس الحراري وتغير المناخ، وتطالب بفصل النفايات القابلة لإعادة التدوير قبل الحرق، واستخدام الكتل الحيوية من المواد العضوية، سواء النفايات المدنية، أو الزراعية، لهذا الغرض، كي يقل تأثير غازات الاحتباس الحراري، وكميات «الديوكسين» والمعادن الثقيلة.

د.داود حسن كاظم:  خبير بيئي وزراعي- جريدة “الخليج”

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *