دعت خبيرة ألمانية إلى تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة في الهواء الطلق لمدة ساعة واحدة يومياً على الأقل، بدلاً من الجلوس أمام وسائل ال”ميديا”، موضحة أن ممارسة الأطفال للأنشطة الحركية في الهواء الطلق تقوي جهازهم المناعي.
حذرت الخبيرة الألمانية فيبكه كوتنكامب من أن وسائل ال”ميديا” الحديثة تشكل عائقاً كبيراً أمام ممارسة الأطفال للرياضة، وهو ما يتطلب تدخل الآباء لتحديد مدة معينة لاستخدام ال”ميديا”، مشددة على سبيل المثال على أنه لا يجوز أن يجلس الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات أمام التلفزيون والكمبيوتر لمدة تزيد على 30 دقيقة أو 45 دقيقة بالنسبة إلى الفئة العمرية التي تتراوح بين سبع وعشر سنوات.
وأشارت كوتنكامب إلى أهمية أن يشجع الآباء الأطفال على ممارسة الرياضة من دون إجبار، ومن دون مساومتهم على ممارستها مقابل الحصول على مكافأة، إذ يعطي ذلك للأطفال رسالة سلبية مفادها أن ممارسة الرياضة أمر سخيف وممل، سيتم تعويضه لاحقاً بأمر مشوق وجذاب.
وقالت: إن من المثالي أن يكون الآباء مثلاً يحتذى به، من خلال تشجيع الأطفال بشكل غير مباشر. ولهذا الغرض، يمكن للآباء مثلاً تخصيص ساعة يومياً تمارس خلالها الأسرة الأنشطة الحركية سوياً، كالخروج في نزهة تجول مساءً بعد العودة من العمل والمدرسة تارة، والذهاب إلى الحدائق والمتنزهات في يوم العطلة الأسبوعية تارة أخرى، وهكذا.
وكانت دراسة طويلة قام بها باحثون فنلنديون قد توصلت إلى أن ممارسة الكثير من التمارين الرياضية والنشاط البدني له تأثير إيجابي في درجات التفوق في المدرسة بالنسبة إلى الأطفال.
وشددت الدراسة على أن دور الوالدين في تحسين وإيجاد مناخ صحي مناسب لأطفالهم مهم جداً وله تأثير كبير في مستقبل الأطفال.
كما أشارت الدراسة إلى أن تشجيع الآباء لأطفالهم على ممارسة الرياضة والنشاط البدني يؤثر إيجابياً ليس في وزن الطفل والتنسيق الحركي والجهاز المناعي للطفل فحسب، بل يؤدي إلى زيادة الذكاء عن طريق حصولهم على درجات تفوق أكثر في المدرسة.
وفي بداية الدراسة عندما كان الأطفال بعمر الثماني سنوات تم إجراء مقابلات مع الآباء والأمهات، وعندما وصل الأطفال للعمر 16 سنة قام الأطفال بأنفسهم بالإجابة عن الأسئلة نفسها.
وقد لاحظ الفريق العلمي أن الأطفال الذين لا يتم تشجيعهم على الحركة والرياضة في مرحلة الطفولة يتحركون بشكل أقل عند كبرهم، وبالتالي هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة. كما يؤثر ذلك في كفاءة وعمل نظام القلب والأوعية الدموية في المستقبل، إضافة إلى ذلك تؤثر قلة الحركة والبدانة سلبياً في الأداء المدرسي.
وشملت الدراسة التي قام بها باحثون من المركز القومي للبحوث الفنلندية في علوم الرياضة والصحة، تحليل بيانات 8061 شخصاً ولدوا في السنوات 1985 و1986. وقد اعتبر الباحثون حركات الأطفال ضعيفة عند تكرار سقوطهم أو وجود بعض الصعوبات في تلقي أو إمساك أشياء أو عدم قدرتهم على الكتابة بيد واحدة أو عدم قدرة الطفل على ربط حبال أو الحذاء بشكل جيد.
كما أظهرت الدراسة أيضاً أن هناك اختلافات بين الفتيان والفتيات، حيث أظهرت النتائج أن الفتيات البالغات من العمر ثماني سنوات كانت لديهن مهارات حركية أفضل من أقرانهن الذكور.
وفي دراسة لاحقة وجد الباحثون أن الصبيان البالغين سن 16 من العمر كانوا يعانون السمنة المفرطة أكثر من البنات، إضافة إلى حصولهم على درجات متوسطة في المدرسة.
وتؤكد نتائج الدراسة الفنلندية ما توصلت إليه دراسات سابقة أن ممارسة الرياضة والحركة أمر ضروري لتطوير المهارات العقلية والحركية، وبالتالي لاحقاً لأداء الأطفال في المدرسة.
ويقدر الخبراء أن من بين كل ثلاثة أطفال عالمياً يقوم طفل واحد فقط بالحركة بما فيه الكفاية، لذلك يحذر العلماء الآن أن انعدام النشاط الحركي في بداية الطفولة أو مرحلة المدرسة قد يكون له أثر سلبي في الطفل ومستقبله . يذكر أنه إذا قام الأهالي بتشجيع أطفالهم على الرياضة والحركة، وأيضاً بشكل جماعي مع الأهل، فإن ذلك يساعد جميع أفراد الأسرة الواحدة ويمتّن ويقوي الروابط الأسرية بشكل أكثر وتصبح الرياضة أكثر متعة.
وفي السياق نفسه وجدت دراسة حديثة نشرت في مجلة جمعية الغدد الصماء والأيض أن الأطفال الذين لا يمارسون أي نوع من النشاطات الرياضية هم الأكثر عرضة للإصابة بالإجهاد من أقرانهم الأكثر نشاطاً.
ويعتقد الباحثون أنه عندما يتعرض الأطفال لضغوط الحياة اليومية، فإن الأطفال الأقل حركة يتعرضون أكثر لموجات من الكورتيزول – وهو هرمون يرتبط بالإجهاد. بينما يتعرض الأطفال الأكثر نشاطا لزيادة ضئيلة أو شبه معدومة من مستويات الكورتيزول في حالات مماثلة.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة سيليا مارتيكاينن، طبيبة، من جامعة هلسنكي، فنلندا، “تشير النتائج إلى أن النشاط البدني يلعب دوراً في الصحة النفسية للأطفال عن طريق تخطي آثار الضغوط اليومية، مثل التحدث أمام الجمهور”.
ورصدت دراسة مستعرضة النشاط البدني ومستويات الكورتيزول لدى عينة من الأطفال في الثامنة من أعمارهم . وارتدى المشاركون ال 252 أجهزة تسارع على معاصمهم لقياس النشاط البدني . وقد أخذت عينات من اللعاب لقياس مستويات الكورتيزول. ولقياس ردود الفعل على الإجهاد، تم إعطاء الأطفال مهامّ في الحساب ورواية القصص. وتعد الدراسة الأولى التي تجد صلة بين النشاط البدني والاستجابة لهرمون التوتر عند الأطفال.
وقد تم تقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات – الأكثر نشاطاً والمتوسطة والأقل نشاطاً. وكانت مستويات الكورتيزول لدى الأطفال الأكثر نشاطاً الأقل في رد الفعل على المواقف العصيبة. بينما مارس الأطفال الأكثر نشاطاً بقوة أكبر ولفترات أطول من الوقت من نظرائهم.
وقالت مارتيكاينن: “من الواضح أن هناك صلة بين الصحة العقلية والجسدية، ولكن لم يتم فهم طبيعة الاتصال جيداً”.
وتشير هذه النتائج إلى أن ممارسة الرياضة تعزز الصحة العقلية من خلال تنظيم استجابة هرمون التوتر إلى الضغوط.
جريدة الخليج