الروبوتات الذكية.. تهديد محتمل للجنس البشري

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الروبوتات الذكية.. تهديد محتمل للجنس البشري

الروبوتات الذكية.. تهديد محتمل للجنس البشري

على الرغم من قدرتها الفائقة على القيام بعدد كبير من المهام كبديل للبشر، يرى عدد متزايد من العلماء أن خطر الروبوتات الذكية وذاتية التشغيل، يكمن في قدرتها على اتخاذ القرارات، وذكائها الصناعي المتنامي، وتحكّمها في تشغيل الآلات والمعدات، وحتى تشغيل الأسلحة وإطلاق الصواريخ، وقيادة المركبات والطائرات، بكفاءة تفوق البشر. وفي حين يرى البعض تلك المخاوف أوهاماً تولدت بتأثير أفلام الخيال العلمي، يؤكد الفريق الأول أن الروبوتات الذكية خطر حقيقي يهدد الجنس البشري في المستقبل، ولذا فقد يكون الحل هو تحديد طبيعة الأنشطة التي يمكن لكل روبوت إنجازها، أي منحه القدرة على القيام بعمل محدد، وعدم السماح له بتخطي ذلك، ما يحد من إمكان توجيهه قوته ضد البشر.

بدأ الأمر بتخوف البعض من الغزو التكنولوجي للروبوتات الذي يلاحقنا، فعلى سبيل المثال، قريباً سيكون الروبوت قادراً على قيادة السيارة الخاصة بك، وإيصالك إلى المكان الذي تريد، أو اصطحاب أطفالك في نزهة قصيرة بالسيارة، بينما أمهم تحضر الطعام في المنزل. ويؤكد المنتقدون خطورة دخول التكنولوجيا بيوتنا وحياتنا اليومية، بهذا الشكل.

بينما يعتقد بعضهم أن الروبوتات غير المتحكم بها ستبدأ بمهاجمتنا ومحاربتنا في وقت قريب، ويرى آخرون أن الذكاء الصناعي هو أكبر خطر على الجنس البشري. ورغم أن هناك من لا يوافق هذا الرأي ويصفه بأنه مبالغ به، فإنه ليس مخطئاً تماماً، إذ قد يؤدي تصنيع الروبوتات التي تتحكم في نفسها إلى شيء لا نعرف مدى قدرتنا على السيطرة عليه مستقبلاً.

تمهيد لنهاية البشرية

ولم يكن تحذير العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ، أقل حدة من غيره، عندما قال إن الذكاء الصناعي قد يشكل تهديداً للجنس البشري، وإن الإنترنت قد يصبح مركزاً لقيادة الإرهاب. وأشار إلى أن الآلات التي يمكن أن تفكر تشكل خطراً على جوهر وجودنا، وأن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري. وحذر هوكينغ من أن البشرية لا تأخذ الأمر بجدية كافية، قائلاً: يعتمد تأثير الذكاء الصناعي القصير الأمد على كيفية التحكم به، أما على المدى البعيد فيعتمد على ما إذا كان من الممكن التحكم به بشكل كامل.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الروبوت الذي يتمتع بذكاء اصطناعي، هو مثل أي طفل صغير ولد لتوّه، جاء إلى الحياة من دون أي خبرات أو تجارب، لكن مَنْ صَنَعَه يقوم بتعليمه أساسيات كل شيء. ومع تقدم الذكاء الصناعي، وما بات يعرف بالمعلومات المفتوحة المصدر، من الممكن أن يشكل هذا النوع من التكنولوجيا خطراً متنامياً على حياتنا البشرية؛ فالروبوتات ستبدأ ذاتياً بتعلم كل شيء من البيئة المحيطة بها، أو مما يرسل لها من معلومات من طريق الإنترنت. فما الذي يمنع أن يتعلم الرجل الآلي السرقة والكذب والقتل، وغير ذلك من البشر المحيطين به؟

لكنَّ العاملين في هذه الصناعة، التي بدأت تتطور بشكل لافت، يؤكدون أن الهدف الأول من الروبوتات هو أن تتحمل الأخطار بدلاً من البشر، لا أن تزيد على البشر أخطاراً إضافية. مع ملاحظة أنه رغم أن هذه الفئة من الروبوتات ستكون لها القدرة على التأثير في حياتنا بشكل إيجابي، من خلال الوصول إلى أماكن لا يمكن للبشر أن يصلوا إليها في حال حدوث الكوارث، أو حتى عبر تدخلها بعلاجنا من العديد من الأمراض، كالسرطان وغيره، فإنها ستحرم الكثيرين من الموظفين غير المهرة وظائفهم؛ إذ سيكون من الأوفر استبدالهم بأيد عاملة أكثر مهارة وأقل كلفة.

وترى دراسة لجامعة «ييل» الأمريكية أننا نولد مع مجموعة من الأحاسيس الأخلاقية، وستكون روبوتات المستقبل مشابهة لنا في ذلك، وتشير الدراسة إلى أنها ستوجه القرارات التي تتخذها، بمزيج مما هو مبرمج فيها، وما هي قادرة على اكتسابه عن طريق الملاحظة؛ لذا من الوارد تعليم الروبوتات الآداب العامة، بمثل الطريقة التي من خلالها نعلم أطفالنا الأخلاق العامة، أي بالتوجيه الصريح، كأن يقول الأب لابنه «السرقة خطأ»، أو عن طريق الملاحظة التي يبديها الأهل لأبنائهم.

جوانب أخرى

وتشمل المشكلات، التي يمكن أن يحدثها الذكاء الاصطناعي، جوانب كثيرة من الحياة. وقد طرح العالم الفرنسي جان كلود هودان في كتابه «القوانين الثلاثة للروبوتية.. هل يجب الخوف من الروبوتات؟»، سؤالاً يراه الكثيرون جوهرياً حول مكانة الذكاء الاصطناعي في المجتمع، ويلقي الضوء على ضرورة تحديد طبيعة الأنشطة التي يمكن إنجازها بواسطه الآلات الذكية، التي أسندت إليها وظيفة المساعد للبشر، وليس البديل عنه.

والقوانين الثلاثة المشار إليها في الكتاب، هي مجموعة ضوابط لكيفية برمجة وصنع الروبوتات، وضعها كاتب الخيال العلمي الشهير الأمريكي الروسي الأصل إسحاق عظيموف في الخمسينات من القرن الماضي، وهو كذلك صاحب مصطلح «الروبوتية». لذا قد يكون الحل في منح كل روبوت القدرة على القيام بعمل محدد، من دون السماح له بتخطي هذه القدرات، ما يحد من إمكان توجيهه لقوته ضد البشر.

الأسلحة ذاتية التشغيل فكرة مدمرة

يؤكد علماء عدة أن بدء سباق التسلح باستخدام الذكاء الاصطناعي فكرة سيئة، ويجب منعه بفرض حظر على إنتاج الأسلحة الهجومية ذاتية التشغيل، وهي الأسلحة القادرة على اختيار الأهداف المعادية ومهاجمتها بشكل مستقل. ويؤكد هؤلاء أن صنع أسلحة ذاتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي بات في المتناول، لأنه ليس أكثر تعقيداً من منظومات الكبح الآلي للسيارات، التي طورتها بعض الشركات المصنعة، وهو ما يؤيد الرأي القائل إن هذه التقنيات وصلت إلى مرحلة بات انتشارها ممكناً، ليس في العقود المقبلة، وإنما في السنوات القليلة المقبلة.

وهذه الأسلحة ذاتية التشغيل موجودة فعلاً، وتستخدم في أكثر من منطقة متوترة في العالم، ففي الجانب الجنوبي من الحدود الفاصلة بين الكوريتين، يراقب المنطقة المنزوعة السلاح روبوتات عسكرية ذاتية، طورتها شركة «سامسونغ»، وهذه الروبوتات مزودة بأجهزة استكشاف واستشعار وكاميرات في جميع الاتجاهات، إضافة إلى رشاشات وأسلحة أخرى.

الأكثر خطورة أنها تستطيع تحديد المخاطر واتخاذ قرار إطلاق النار، ولا يتدخل البشر إلا للموافقة النهائية فقط، وتعد هذه المنظومة الأكثر تقدماً في المجال العسكري.

ويقول المطلعون إن الأبحاث العسكرية في الدول المتقدمة، تسعى لتطوير أنظمة قتالية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتشرف الوكالة الأميركية للبحوث العسكرية «داربا»، التي طورت سابقاً شبكة الإنترنت، على برامج من هذا النوع.

محمد فتحي – جريدة الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *