الخلايا الجذعية أمل الطب في علاج الأمراض المستعصية

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الخلايا الجذعية أمل الطب في علاج الأمراض المستعصية

الخلايا الجذعية أمل الطب في علاج الأمراض المستعصية

هناك قائمة طويلة ومتزايدة من الحالات التي أسهمت فيها الخلايا الجذعية وأحدثت فرقا إيجابيا في حياة الكثيرين، فالصفة المميزة لها هي تمكين الجسم من تجديد الخلايا التالفة، وإصلاح الأعضاء عن طريق تجميع الخلايا من مصادرها المختلفة ونقلها إلى إنسان مريض عاجز عن تصنيعها، وهي علاج لأنواع مختلفة من الأمراض.

تساعد عمليات زراعة الخلايا الجذعية اليوم على علاج سرطانات الدم وفقر الدم ومشاكل القلب، وتتميز بقدرتها على الانقسام لتجديد نفسها وتكوين أنواع مختلفة من الخلايا، وتصلح في حالة المرض أو التعرض لإصابة. وفي حال تضرر الخلايا الأصلية أو موتها تصبح الخلايا الجذعية نشيطة فتعمل على إصلاح الخلل في الخلايا أو الأنسجة عن طريق تعويض الخلايا الميتة أو المتضررة.

وتبقينا الخلايا الجذعية أصحاء وتمنعنا من الشيخوخة قبل أوانها. الفكرة تقوم على استعانة المريض بهذه الخلايا، مما يطرح طرقا جديدة لعلاج حالات ميؤوس من شفائها حاليا. ولكن تظل المشكلة القائمة في الوقت الراهن هي عدم وجود أماكن مهيأة لحفظ هذه الخلايا في مصر، فمن يرغب في الاحتفاظ بعينة من الخلايا عليه أن يستأجر لها مكانا في إنكلترا وهذا مكلف جدا.

ويقول دكتور عبدالهادي مصباح، أستاذ المناعة، إن الخلايا الجذعية ستكون من أهم وسائل علاج الأمراض المستعصية في المستقبل القريب، والأمل الذي يعقد عليه الكثير من الأطباء والمرضى أمل الشفاء التام من العديد من الأمراض خلال السنوات القليلة القادمة مثل أمراض السكر، والشلل الرعاش (باركنسون)، وألزهايمر، ومرض تصلب الأعصاب المتناثر MS، وتليف الكبد والفشل الكبدي والكلوي، وتلف عضلة القلب، وعلاج الحروق المتقدمة، وإصابة المخ والحبل الشوكي، وعلاج الأورام مثل اللوكيميا.. ويمكن أن تستخدم أيضا كبديل لزراعة الأعضاء لحل هذه المشكلة المزمنة حيث يحل مفهوم زراعة الخلايا والأنسجة محل زراعة الأعضاء.

والخلايا الجذعية لديها خاصيتين تميزنها عن بقية الخلايا، فلديها القدرة على الانقسام والتجدد إلى ما لا نهاية، وأيضا لديها القدرة على أن تتحول إلى أي نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة التي تزيد عن المائتين.

وهناك نوعان من الخلايا الجذعية:

النوع الأول: الخلايا الجذعية الجنينية، ويمكن الحصول عليها إما من دماء الحبل السري بعد الولادة مباشرة، أو من النطفة الجنينية، وهي عبارة عن كتلة الخلايا الجنينية الأم التي تتكون داخل النطفة الملقحة خلال الخمسة أيام الأولى بعد الإخصاب، والتي تسمى آنذاك “بلاستوسيست” وتحتوي على ما يقرب من 100-150 خلية جنينية أم، أو خلية جذعية جنينية تستطيع أن تنمو لتعطي أي نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة.

وبالطبع كانت المشكلة التي تواجه العلماء حتى عام 1998 هي كيفية استخلاص هذه الخلايا والحفاظ عليها في هذه المرحلة الجنينية، قبل أن تنمو وتنقسم إلى ثلاث طبقات: داخلية يتكون منها الكبد والبنكرياس وبقية الجهاز الهضمي والتنفسي والغدة الدرقية وغدة التيموس الخاصة بالمناعة والمثانة، ومتوسطة ينمو منها نخاع العظام الذي تتكون من خلاياه خلايا الدم والمناعة، والجهاز الليمفاوي، والقلب والعضلات والعظام والغضاريف والجهاز البولي والتناسلي، وخارجية ينمو منها الجلد وخلايا المخ والأعصاب والغدة النخامية والعين والأذن والأنسجة الضامة للوجه والرأس. وأثناء نمو الجنين وتطور أعضائه ونضجها أثناء فترة الحمل تتخلى خلايا هذه الأعضاء عن الحالة الجنينية البكر التي كانت عليها وتصبح خلية ناضجة متخصصة.

أما النوع الثاني: فهو الخلايا الجذعية الناضجة، وهي موجودة في كل عضو من أعضاء جسمنا كرصيد استراتيجي احتياطي لتعويض ما يتلف من خلايا ذلك العضو وتجديد خلاياه. والمعروف من قبل أن هذه الخلايا الجذعية الناضجة لا تنمو إلا في اتجاه تخصصها، إلا أن العلماء اكتشفوا حديثا إمكانية استخدام هذا النوع من الخلايا الجذعية الناضجة وتوجيهها لتكوين أنواع أخرى من الخلايا. وأحيانا نجد أن هناك بعض الأعضاء التي تفتقر إلى وجود هذا النوع من الخلايا بكثرة، مما يؤدي إلى عدم تعويض الخلايا التي تتلف بها مثل الخلايا العصبية في المخ والحبل الشوكي وعضلة القلب.

وبعد أن توصل “ويلموت” إلى الأسلوب الذي استنسخ من خلاله النعجة “دوللي” وتبع ذلك تطور في أسلوب وتكنولوجيا الاستنساخ في العديد من المراكز العلمية في كثير من دول العالم، أصبح من المتاح الآن تحضير الخلايا الجذعية الجنينية عن طريق أخذ المادة الوراثية من نواة خلية من جلد الشخص المصاب بالمرض مثلا، وحقنها في بويضة مفرغة من جيناتها الوراثية.

ومن خلال التلقيح في المعمل مثلما يحدث مع أطفال الأنابيب، تبدأ النطفة في الانقسام. وفي اليوم الخامس تقريبا عندما تصبح النطفة عبارة عن كرة من الخلايا تحتوي على خلية جذعية جنينية يمكن في هذه المرحلة إما زرع هذه النطفة في رحم الأم لتكمل حملها لمدة 9 شهور وتلد طفلا عبارة عن صورة طبق الأصل من الشخص الذي أخذت منه المادة الوراثية للخلية وهذا ما يسمى بالاستنساخ الكامل للبشر الذي يعترض عليه معظم الناس، أو أن تؤخذ هذه الكرة من الخلايا “بلاستوسيست” دون أن توضع في الرحم نهائيا وتستخلص منها الخلايا الجذعية الجنينية، التي يمكن أن تتحول إلى أي نوع من خلايا الجسم المختلفة.

وتوضع في مزرعة خاصة من السوائل بحيث تتكاثر وهي في هذه المرحلة دون أن تنتقل إلى المرحلة التالية من النضوج والتخصص، بحيث يمكن استخدامها وتوجيهها من خلال عوامل نمو معينة أو من خلال حقنها.

فرناس حفظي – جريدة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *