يشكل التزايد المرتفع في أعداد “جوعى العالم”، والذي ينتمي معظمهم إلى البلدان النامية، أي ما يعادل 16 في المائة من سكان هذا العالم، فشل أهداف مؤتمر قمة الألفية في التخفيض من نسبة نقص التغذية لدى الدول النامية، والمحددة في 20 في المائة ما بين 1992-1990 إلى 10 في المائة في أفق 2015، وتلك التي حددها مؤتمر القمة العالمي للأغذية سنة 1996.
وفي نفس السياق، أشار البنك الدولي في تقريره لمراقبة أسعار الغذاء لسنة 2011، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والذي حدده مؤشر البنك الدولي في 15 في المائة خلال الفترة الأخيرة، مقارنة بـ 3 في المائة عما كانت عليه في سنة 2008، الأمر الذي دفع بما يقدر بحوالى 44 مليون شخص آخرين نحو براثين الجوع في الفترة ما بين يونيو 2010 وفبراير 2011، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، والذي اعتبرت منظمة “الفاو” استمرار ارتفاعه في الأسواق العالمية، معيقا لها في محاربتها للجوع.
ورغم أن منظمة الأغذية العالمية تتوقع ارتفاعا في عدد جوعى العالم، والذي قارنته بالأزمات الغذائية والاقتصادية لسنتي 2008 و2009، إلا أنها تكشف عن انخفاض في معدل سوء التغذية، من 33 في المائة من نسبة السكان في عام 1969 إلى ما يزيد قليلا على 15 في المائة من السكان في عام 2010. وفي هذا الصدد، سبق وأشارت تقديرات منظمة الفاو لسنة 2010، إلى أن جميع البلدان النامية، وبإيقاع مختلف، ستعرف انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية. وتحتفظ آسيا ومنطقة المحيط الهادي، ورغم خفضها لـ 80 مليون نسمة من الذين يعانون نقصا في الغذاء، بأكبر نسبة في العالم يعاني سكانها نقصا في الغذاء، أي نحو 578 مليون نسمة وهي نسبة تقارب نصف ساكنة العالم، في حين تمثل القارة الإفريقية وجنوب الصحراء الكبرى، ربع سكان العالم من الجوعى، رغم تمكنها من خفض عدد جياعها بنسبة 12 مليون نسمة.
وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أنّ عدد ناقصي التغذية في عام 2010 بلغ 925 مليون نسمة مقابل 1.023 مليار نسمة في عام 2009. غير أنّ عدد الجياع لسنة 2010 لا يزال أعلى مما كان عليه قبل الأزمتين الغذائية والاقتصادية في 2008-2009. ويطلعنا التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك 2010 وإحصائيات منظمة الصحة العالمية بخصوص موضوعي الفقر والجوع في العالم، على مكانة الجوع المتصدر للمركز الأول في لائحة أكثر المخاطر الصحية تهديدا وفتكا بحياة عدد كبير من الأشخاص سنويا، لتأتي بعده أمراض الملاريا والايدز والسل.
أما فيما يخص وفيات أطفال البلدان النامية دون سن الخامسة بسبب نقص في الغذاء، فإن أحد تقارير اليونيسف حول تغذية الأطفال، حصرها في الثلث، بنسبة 5.6 مليون طفل في السنة، مع تعريض حياة 146 مليون طفل آخر للموت المبكر بسبب نقص في الوزن، لأن ما يقارب 17 مليون طفل ممن يعانوا نقصا في الوزن سنويا، ولدوا في غالب الأمر من أمهات يعانين هن الأخريات من نفس المشكل.
ولحماية هؤلاء الأطفال من انعكاسات سوء التغذية والمتمثلة في التقزم النفسي والجسدي، وضعف مناعتهم ضد الأمراض، فإن لجنة الأمم المتحدة الدائمة المعنية بالتغذية، توصي بتمكين الطفل من نظام غذائي سليم، عبر إمداده بكافة الفيتامينات والمواد المغذية التي يحتاجها الأطفال لنمو جيد، ومعالجة نقص التغذية في المراحل الأولى من نمو الطفل، أي قبل بلوغه السنة الثانية من عمره. ويتوقع المهتمون بالتغيرات المناخية والغذاء، وفق برنامج الأغذية العالمي 2009، أن يتسبب تغير المناخ وأنماط الطقس المتقلب بتعريض حوالي 24 مليون طفل لشبح الجوع بحلول 2050، وأن نصف عددهم سيتواجد بإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
فاطمة الزهراء الحاتمي