الجرائم الالكترونية

الرئيسية » إعلام ورقميات » الجرائم الالكترونية

الجرائم الالكترونية

بتوفرك على جهاز حاسوب وخط اشتراك في الانترنت أو امتلاك موديم 3جي، لا تنقصك سوى نقرة خفيفة وبعض الثواني، وها هو العالم بمساحة 14 أو 17 بوصة أو أصغر من ذلك طبعا، قد أصبح أمام عينيك، وتحت تصرفك الكامل والمطلق. إلا أن الغاية من استخدام هذا الحاسوب تختلف من شخص لآخر، إذ هناك من  يستعمله في ارتكاب بعض الأفعال والتصرفات ضد أفراد أو جماعات بدافع جرمي ونية الإساءة لسمعة هؤلاء الأشخاص أو لأجسادهم أو لعقليتهم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، معتمدين في ذلك على وسائل الاتصالات الحديثة خاصة الإنترنت وما يحتويه من شبكات تخص (غرف الدردشة أو البريد الإلكتروني أو المدونات أو مواقع التواصل الاجتماعي..إلخ).

الخيانة الالكترونية

للتكنولوجيات الرقمية، وخاصة الإنترنيت، التأثير الكبير على التماسك العائلي، كون أن التكنولوجيا أصبح ذاك العنصر الأساسي في تأثيث فضاء العلاقات بين الأفراد والجماعات وداخل الأسرة الواحدة، وبدأت تخلق للأفراد والجماعات عوالم خاصة بهم، بعيدة عما يدور بالمجتمع، لا بل إنها تدفعهم للتنكر لما قد يكون هذا المجتمع بالأصل.

ومن هنا نجد أن بعض الأزواج ممن يعانون الفراغ والوحدة في حضور الطرف الثاني بسبب اللامبالاة وغياب الحوار، أو انعدام التواصل وضعف رابطة العلاقة الزوجية، يستنجدون بغرف الدردشة بحثا عما يفتقدونه داخل بيوتهم.. فتجد المرأة من هؤلاء تمضي وقتا طويلا أمام جهاز الكومبيوتر، تحدث رجالا غرباء تشتكي همومها عساها تجد من يخفف عنها أو يستمع إليها أو يشبع جوعها العاطفي.

والرجل يتسلل ليلا من جوار زوجته، فيبدأ في إجراء مكالمات هاتفية سرية تؤنس “وحدته” بعيدا عن مسامع زوجته أو يعانق جهاز الكومبيوتر ويهيم على وجهه في ساعات متأخرة من الليل، باحثا عن مغامرات عبر شاشة وأسلاك،  مع شخصيات  افتراضية، قاسمها المشترك الفراغ العاطفي وبرودة العلاقة بين الأزواج. والمشجع في هذا العالم بكائناته الالكترونية، هو السرية والأمان، فالوجوه مقنعة غير معروفة ولا يخشى منها شيء، متنكرة في صورة ملاك تجعل الآخر يتوهم إيجاد ما يفتقده، مع الإتقان الجيد للتمثيل والمراوغة..  فتبدأ القصة بمجرد رغبة في الكلام والإحساس بوجود من يستمع ويهتم، ليتحول الأمر إلى ارتياح وتعود ورغبة في المضي إلى النهاية ليجد الزوج أو الزوجة نفسهما غارقان في ممارسة ما يسمى بالجنس الالكتروني.

إن كان هذا النوع من الممارسات خيانة لا يعاقب عليها القانون لعدم اكتمال عناصرها المادية، فإن هذا لا ينفي وجود حالات تجاوزت الشاشة ونقلت قصتها وممارساتها إلى العالم الحقيقي. 

فكم من بيوت، تقوضت دعائمها بسبب استهتار أحد الزوجين وجريه وراء السراب وتعويض ذلك النقص بما هو أفظع منه.. وكم من ملفات أو أشغال تم تأجيلها أو ارتكبت فيها أخطاء مدمرة بسبب انشغال المسؤول عنها بالدردشة داخل أوقات العمل، مما ينعكس سلبا على المردودية وضياع الوقت والفرصة لتحسين الوضع الوظيفي.

القرصنة

إذا كانت جريمة الخيانة الالكترونية غير مجرمة قانونيا، فإن الاستعمالات الأخرى  غير المشروعة للتكونولوجيا، تعرض مقترفها للمساءلة القانونية وقد تزج به إلى السجن. ومن بين هذه الأعمال التي يصعب في بعض الحالات ضبط مرتكبيها ومتابعتهم قانونيا، عمليات القرصنة “بيراتاج” التي يقوم بها بعض الشباب للأفلام وما تتكبده الشركات من خسائر مادية جراء هذه التصرفات اللامسؤولة والمنافية للقانون. تزاحمها في هذه ” الحرفة ” فئة من الشباب لها اطلاع ودراية لا يستهان بها بالكومبيوتر وبرامجه، تلجأ إلى قرصنة  البطاقات البنكية وتسخيرها  للتبضع عبر الانترنت، معرضين أصحابها لضياع أرصدتهم البنكية جراء استهتار هؤلاء الشباب “الهاكرز” أو التنافس فيما بينهم حول عدد البطاقات التي اقتنصوا أرقامها  وغنموا بعض رصيدها، دون أن ننسى قدرتهم على اختراق المواقع وتدمير بعضها أو نشر الفيروسات فيها، انتقاما من أصحابها أو من مواقف ملاكها، أو لمجرد التسلية والتباهي فيما بينهم.

الإرهاب

باتت التكنولوجيا ملاذ كل من هو في حالة بحث عن شيء يشغله أو حاجة يفتقدها أو مهمة ينوي القيام بها، عالم دخلته جميع الفئات، لبلوغ أهدافها كيفما كانت الوسيلة، مشروعة أو غير مشروعة. فلم يسلم الهاتف النقال ولا الكومبيوتر من توظيفهما لأغراض إرهابية، بحيث أن التواصل بين عناصر بعض الشبكات الإرهابية يتم عبر الرسائل الالكترونية والجوالات لتمرير الرسائل المشفرة وتلقي المعلومات والتوجيهات للتنسيق بين أعضاء المجموعات.

النصب الالكتروني و التسول

وأنت تتصفح بريدك اليومي، قد يسترعي اهتمامك وجود رسالة تجهل مصدرها أو مرسلها، ورغم أنه لا ينبغي فتحها مخافة التعرض لضربة فيروس أو شيء من هذا القبيل، إلا أن الفضول أو الجهل ببعض قواعد التعامل مع الوارد إلى بريدك، يدفعك إلى فتحها فتكتشف أنها تتعلق بقصة شخص ما في منطقة ما من العالم، وبالأخص دول إفريقيا، يبحث عمن يساعده في الوصول إلى مخبأ أموال كثيرة أو غنيمة تم الظفر بها خلال حرب مقابل اقتسامها معه، شريطة مساعدته في استكمال إجراءاتها المالية أو تلك القصص عن وجود أشخاص في وضعية مزرية وفي حاجة إلى جمع تبرعات مالية لمساعدتهم على تجاوز محنة  الحرب أو الزلزال. إنه التسول المتطور، المنتقل بصوره التقليدية من الشارع إلى صفحات إلكترونية مسايرا هو الآخر عصر التغيير ومستفيدا من تقنياته الحديثة.

 وقد تتوصل برسالة قصيرة من شركة وهمية لا وجود لها على الإطلاق، تطلب منك الانضمام إليها للمشاركة في مسابقة الفوز بسيارة من النوع الممتاز، متحايلة عليك بضرورة التواصل عبر الرسائل القصيرة. وجريا وراء حلم الفوز، تتعدد مشاركاتك وتكتشف أنك كنت تجري وراء السراب عندما تنفجر فاتورة الجوال ولا يتحقق الفوز.

 فاطمة الزهراء الحاتمي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *