يختلف موعد افتتاح المدارس أبوابها في ألمانيا بين مقاطعة وأخرى، لكن عموماً يعتبر شهرشتنبر هو شهر المدارس، ولكن ليس فقط المدارس بمعناها الدراسي، ولكن أيضاً بمعناها «المروري». فكثر هم الأطفال الذين يخطون خطواتهم الأولى نحو المدرسة. للمرة الأولى سيعبرون الشارع إلى الرصيف أو ينتظرون عند المحطة حتى يأتي باصهم الخاص، خطواتهم الأولى نحو المدرسة خطواتهم الأولى عبر الطرق المليئة بالسيارات، معرفتهم الأولى بمعنى الخطر وإمكان فقدان الأمان.
أقدام صفراء
يترافق افتتاح المدارس في ألمانيا مع استنفار شرطة المرور لتوفير السلامة الطرقية الممكنة للأطفال. وتعدّ الشرطة في كل مقاطعة العدة بطرق مخــتلفة، وبــرامج متنوعة، لعبور سليم.
وقد رصدت «الحياة» أبرز التجارب المتخذة، ومنها ما يتمثل برسم أقدام صغيرة صفراء هي عبارة عن علامات توجّه الأطفال إلى نقاط العبور الأقل خطورة في الطرق المزدحمة.
ويأمل هيرمان ني، مستشار السلامة الطرقية، بأن يكون الأهل «متعاونين وفعالين معنا لتعليم الأطفال عبور الشوارع بطريقة آمنة». كما يطلب من أصحاب السيارات لصق لافتات كتب عليها «بدأت المدارس» من ضمن الحملة لحماية الأطفال.
وتؤكد سيمون ستيفان، مسؤولة الأمن الطرقي في بادن دوبرلن، أنه من الضرورة أن يتحرّك التلامذة في شكل مستقل وآمان أثناء ذهابهم إلى المدرسة، مشددة على أهمية المشروع الذي أطلق في عام ١٩٩٨، والذي يضمن مجموعة برامج، منها تعليم التلامذة الكبارِ الصغارَ في بداية كل فصل كيفية التعامل مع الطرق، إضافة إلى تشكيل لجنة من المعلمين والآباء مهمتها إعطاء دروس خاصة للأطفال حول كيفية الصعود إلى الباص والنزول منه، الانتظار عند المحطة، الجلوس في الباص وإيجاد مكان للحقيبة. ويتدرّب الأطفال على هذه التفاصيل في حضور هذه اللجنة.
وراقبت الشرطة في 18 شتنبر سرعة السيارات في مختلف أنحاء ألمانيا، واتخذت إجراءات صارمة تجاه أي تجاوز أو أهمال. فالسرعة المحددة وفق قانون السير داخل المدن يجب ألا تتجاوز الـ50 كيلومتراً، وأقل من 30 كلم في جوار المدارس.
ويُعتمد هذا الإجراء لتذكير الكبار عموماً والشباب خصوصاً الذين أنهوا الدراسة ولم يعودوا يعيرون اهتماماً للموسم الدراسي، بأن المدارس فتحت أبوابها.
حقوق متساوية
ودرجت العادة في مقاطعة نورد غاين ڤيست ڤالن القريبة من هولندا، أن يحدد الأطفال أنفسهم الأماكن التي شعروا بالخطورة فيها، وحيث تجاوزت السيارات السرعة المقبولة، أو أن أحدهم تعرّض لحادث، أو مضايقة مرورية من أي نوع كان. لتكثّف الشرطة عملها في هذه المناطق. ما جعل أطفال مقاطعة باين يطالبون بحقوق مماثلة. وقد أخذ اعتراضهم بالاعتبار ليلحظ ضمن خطة مرورية للتلامذة لاحقاً.
كذلك اعتمدت مقاطعات بطاقات شكاوى يتقدّم بها تلامذة الصف الأول عبر إرسالها بالبريد إلى إدارة المدرسة. وتتعلّق بحال الباصات أو مضايقات تعرّضوا لها من تلامذة أكبر سناً وعدم مراعتهم في الباص أو عند اجتيازهم الطريق ومشاكل أخرى يواجهونها في الشارع تحديداً. والهدف من ذلك، إعطاء الفرصة للتعبير عن مشاكلهم قانونياً وتدريبهم على المطالبة بحقهم في طريقة تتماشى مع النظام الديموقراطي، فصغر سنهم لا يعني أن يتم تجاوزهم أو التعدّي عليهم مرورياً.
كما تساهم هذه الطريقة في تحديد أكثر المشاكل وأهمها التي تعترض التلامذة الصغار وبالتالي تطوير خطة مستقبلية لحلها.
ودرجت العادة في مقاطعة تورنغن على تعليم الأطفال ركوب الدراجات في بداية كل عام دراسي. ويحصل الناجح على شهادة قيادة دراجة، ويحاسب قانونياً عند قيامه بأي تجاوز مروري، من منطلق أن للشارع ثقافة مرورية خاصة يجب تعلّمها منذ الصغر، ولعلها أهم خطوة في طريق المدرسة والحياة.
الحياة