إن التنوع البيولوجي يشكل عنصراً أساسياً لازماً لأداء الأنظمة البيئية ـ من الغابات والمياه العذبة إلى الشعاب المرجانية، والتربة، بل وحتى الغلاف الجوي ـ التي تدعم كافة أشكال الحياة على كوكب الأرض. ولا شك أن الاختفاء المتواصل والمتصاعد لهذا التنوع البيئي سوف يلحق الضرر بالمجتمع البشري على أكثر من نحو. ومن بين أشكال الضرر المترتبة على اختفاء التنوع البيئي، والتي كثيراً ما نتجاهلها، ذلك التأثير المدمر الذي لحق بالعلوم الطبية.
لآلاف السنين كان الممارسون لمهنة الطب يسخرون مواد من الطبيعة لتجهيز علاجاتهم وأدويتهم: الأسبرين من الصفصاف، وفي وقت أقرب إلى الحاضر التاكسول تي إم (Taxol ) ـ العقار المضاد للسرطان الذي كان اكتشافه بمثابة فتح جديد في عالم الطب والتداوي ـ من لحاء أشجار الطقسوس الذي يستوطن منطقة الباسيفيكي. ولعلنا نشهد في المستقبل بعضاً من أعظم الاكتشافات في هذا السياق. ولكن هذا لن يتسنى لنا إلا بالحفاظ على وفرة الطبيعة، حتى يتمكن الجيل الحاضر وأجيال المستقبل من الباحثين من التوصل إلى اكتشافات جديدة تفيد المرضى في كل مكان.
لقد تسبب فقدان التنوع البيولوجي بالفعل في إهدار فرص جديدة واعدة لتقدم الأبحاث الطبية. فهناك نوع من الضفادع الأسترالية يبدأ حياته في معدة الأنثى، حيث قد تهضمه أحماض وأنزيمات المعدة في كل الأنواع الفقارية الأخرى.
وكان هذا الضفدع ليقودنا إلى رؤية جديدة فيما يتصل بمنع وعلاج قرح الجهاز الهضمي، ولكن الدراسات توقفت بسبب انقراض سلالتي ذلك النوع من الضفادع. كان من المفترض أن تعمل الحكومات على تقليص معدل خسارة المنظومة السخية المتنوعة من الحيوانات والنباتات وغيرها من الكائنات الحية في العالم. ولكن هذا لم يحدث، بل لقد تصاعدت سرعة خسارة التنوع البيولوجي، وأصبحنا الآن على مسار سريع يقودنا إلى ما يطلق عليه العلماء «الموجة السادسة من الانقراض».
البيان