التلوث الكيميائي.. ضريبة التطور العلمي

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » التلوث الكيميائي.. ضريبة التطور العلمي

التلوث الكيميائي.. ضريبة التطور العلمي

صاحبت التطورات العلمية الحديثة، العديد من المخاطر والأضرار بالمنظومة البيئية وكذا الصحة البشرية، الأمر الذي تطلب المزيد من الاهتمام بالقضايا البيئية، عبر وضعها ضمن أولويات البرامج والخطط، ومحاولة إعادة التوازن إلى علاقة الإنسان بالبيئة.

وفي محاولة لمواجهة متطلبات العصر الحالي ومواكبة لوتيرة الحياة العصرية، يتم اللجوء إلى استعمال المواد الكيميائية في العديد من الأنشطة الزراعية لتحسين جودة الإنتاج ومواجهة أزمة الغذاء (المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية والمخصبات). إضافة إلى ما أفرزته الأنشطة الصناعية من مواد كيماوية أو ما يعرف بالنفايات (السائلة منها والصلبة والغازية ) أو مخلفات/نفايات عملية إحراق تلك المواد (المواد غير المفككة خلال عملية الاحتراق)، كل هذه الظواهر تسببت للبيئة في تلوث كيماوي، يعد الأخطر من بين أنواع التلوث المعروفة، وهددت الصحة البشرية بالأمراض(شبه اتفاق على أنه حوالي 85 بالمائة من جميع حالات السرطان تنتج عن عوامل بيئية) إضافة إلى التسمم.

فعندما ترش النباتات بالمبيدات الحشرية، فإن الغاية من ذلك هو القضاء على الطفليات والحشرات والديدان وما شابهها، إلا أن عملية الرش هذه من شأنها الإضرار بالتربة والهواء والإنسان، حينها تعجز عن تأدية الغرض المطلوب منها، وتخطيء طريقها لتستقر بالتربة لسنوات عديدة، أو قد تسلك مجرى أخر، مسببة تلويث مياه الشرب، أو مهددة صحة الإنسان ببعض الأمراض التنفسية الناجمة عن استنشاق هذه الجزيئيات الضارة المحملة في الهواء، أو بعض المواد السمية المتسربة للجسم عن طريق الملامسة لهذه المبيدات.

 وقد أثبت تقرير لمنظمة الصحة العالمية، أن الوفيات الناتجة عن التسمم بالمبيدات، تقارب 1-3 مليون شخص سنويا عبر العالم. كما أنه في تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان، إفادة بهذا الوضع، إذ أثبت أن 3 مليون شخص، عبر العالم، يموتون سنويا بسبب تواجد هذه المواد الكيميائية بالهواء (أكسيد الكبريت الناتج عن احتراق البترول و الفحم، وغازات أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين).

وهكذا، فكلما ازداد تطور الإنسان وارتفع تعداد سكانه، كلما كثرت متطلباته وتوسعت أنشطته، وبالتالي يكون التصنيع هو المسلك لتوفير كل هذه الاحتياجات، لحياة تتسم بالراحة والرفاهية. إلا أن تناسل الورشات/المنشآت الصناعية، من شأنه زيادة نسب التلوث وتقوية مخاطره، إذ تتسبب العمليات الصناعية بحوالي 30 بالمائة من التلوث البيئي الناجم عن انتشار هذه المواد الكيميائية – الغازات السامة- بالهواء (أول وثاني أكسيد الكربون، أكاسيد النيتروجين..).

ويترتب عن هذه الأنشطة الصناعية مخلفات/نفايات، تضطر المصانع إلى التخلص منها، في بعض الحالات، بطرق غير سلمية، عبر إحراقها أو رميها عشوائيا. غير أنه في غياب وعي بيئي أو بسبب عدم قابلية تلك المواد للتدوير، يكون إتلاف/إحراق هذه النفايات مضرا بالسلامة البيئية، بحيث تتسبب في تسريب كميات هائلة من الغازات على هيئة دخان محمل بالرماد وبكثير من الشوائب، تدخل في مكونات الأمطار الحمضية، ومخلفة أضرارا بيئية وصحية، أو قد تترسب بالتربة لتحدث ضررا بالغطاء النباتي وتقضي على بعض الكائنات المائية، عندما يلقى بالمخلفات في المجاري المائية.

 وتبقى اتفاقية ستوكهولم للملوثات العضوية الثابتة، الاتفاقية الوحيدة في العالم، والمصادق عليها سنة 2001 من أجل حضر استعمال المواد الكيميائية السامة والتخلص من تلك الخطيرة.

فاطمة الزهراء الحاتمي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *