التلمذة الصناعية: المفهوم والأثر‬ ‫‬‬‬‬‬‬

الرئيسية » تربية وتكوين » التلمذة الصناعية: المفهوم والأثر‬ ‫‬‬‬‬‬‬

التلمذة الصناعية: المفهوم والأثر‬ ‫‬‬‬‬‬‬

نسمع كثيرًا عن مصطلح التلمذة الصناعية، وربما أثار هذا التعبير حفيظة المتدبر له. وفي الواقع هو تعبير قديم، حيث عُرِفت التلمذة الصناعية منذ أقدم العصور، ووصلت أرقى أطوارها فيما بين القرنين الحادي عشر والسابع عشر الميلاديين، من خلال اهتمام أصحاب الحرف الأوروبيِّين ورعايتهم لها، وبعد أن وجدت مجالات الحرف المختلفة مكانًا لها بين مجالات التعليم الأخرى، حيث شملت الطب والرسم وبعض الصناعات المختلفة، بل زادت أهميتها عندما اقتحمت هذا المضمار بعض الفتيات وجرى تدريبهن على المهارات المنزلية اللازمة، إلا أن الغلبة كانت للذكور بطبيعة الحال، الذين تفوقوا في هذا المجال وأصبحوا صناعًا مهرة بنهاية سني التدريب المحددة لهم، وأصبح بإرادتهم شق سوق العمل باقتدار وتمكن، والعمل عند من يشاؤون من أرباب الحرف والمهن المختلفة.

ومن خلال هذه السطور، نستمر في الكشف عن هوية التلمذة الصناعية ودورها في إكساب الطالب الكفايات الأساسية للعامل الماهر،‬ ‫والتي تمثل بدورها الركن الفاعل في تقدم التدريب المهني و‫التقني. وبالنظر إلى هذا المصطلح نجد أنه يتكون من لفظين واضحي المدلول (تلمذة، وصناعة)، وهو تعبير يقصد به في الصناعة على وجه الدقة: الشخص الذي يتعلَّمُ حرفةً ما بالعمل تحت إشراف صانع ماهر. ولا شك أن هذا هو واقع الأعمال المهنية والتقنية والحرفية المختلفة، التي تستدعي الإشراف المباشر من مدرب أو شخص كفء ماهر في تخصصه ومهنته، على من هم يرغبون في التعلم والتدريب على يده، مثل ما يحدث مع كثير من الموظفين واتحادات الحرفييِّن بالإشراف على برامج التدريب، حيث يعمل معظم المدربين والمُتَدرِّبين لساعات منتظمة بمقابل متفق عليه. ومن المجالات التي يعمل فيها التلاميذ الحِرَفِيُّون: مجالات التشييد والصناعات المعدنية والطباعة والمهن الحِرّفِيَّة الأخرى، ومن الأوثق والآكد، أنه عند نهاية فترات التدريب يصبح هؤلاء التلاميذ عمالاً مَهَرة.‬‬‬‬‬‬‬‬

وقد طرأ تغيير كبير على مقوِّمات التلمذة الصناعيّة ـ كما هو الحال في كل ميادين الحياة العملية المختلفة ـ في الفترة ما بين أواخر القرن الثامن عشر ومنتصف القرن التاسع عشر؛ إذ تبوأت الآلة مكانة متقدمة في العمل عما كانت عليه الحال في السابق، فسهلت الكثير من الأعمال التي كانت تعتمد ـ قبل تدخل الآلة ـ على المهارات اليدويَّة كالحياكة وصناعة النسيج وغيرهما، إلا أن المجالات الجديدة للتدريب التي ظهرت على السطح وقتئذ، واخترقت أوساط مُشَغِّلي الآلات وعمّال الكهرباء، وخرَّاطي المعادن، وصانعي قطع الغيار، أعادت للقوى البشرية واليد العاملة مكانتها وأهميتها.

وحتى تحقق التلمذة الصناعية أهدافها المأمولة منها كاملة، لا بد من تحقق أمور عدة، أهمها مواكبة‬ ‫البرامج النظرية والعملية في مراكز التدريب المهني لمتطلبات سوق العمل وتحديثها أولاً بأول، ومسايرة التطور السريع والدائم في‬ سوق العمل، ومواجهة التحديات والمعوقات التي ربما تعترض دور بعض مؤسسات التدريب المهني في فترة التلمذة الصناعية، وتحسين فترة التلمذة الصناعية داخلها، والعمل على توفير الآلات والمعدات الحديثة اللازمة‬ لتدريب الطالب داخل مؤسسات التدريب المهني‬ ومراكزه.

الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *