منحت التكنولوجيا الرقمية والأجهزة الحديثة الأطباء معدات جديدة ووسائل حديثة لتشخيص الأعراض وعلاج المرضى.
وكان رئيس قسم التجديد والتكنولوجيا بمؤسسة بالو آلتو الطبية بكاليفورنيا بول سي تانغ قال إن مجرد إضافة تطبيق ما ليس بالضرورة أن يحسن من أداء الأطباء، ما نحتاج أن نتعلمه هو كيفية استخدام التكنولوجيا لنكون مهنيين أفضل وأكثر إنسانية.
وتساعد التقنيات التكنولوجية الحديثة في تطوير مهارات الأطباء وتقليص أخطائهم المهنية وتسريع إنقاذ المرضى، لأن التعاون بين عمالقة التكنولوجيا والمراكز الطبية يفرز أساسا علميا للفحص المبكر وتشخيص المرض.
وقد أوضح روبن لي، الرئيس التنفيذي لشركة “بايدو” في إطار تعاون مشترك بين عملاق البحث الصيني بايدو مع كلية اتحاد بكين الطبية، “هذا هو أول تعاون وثيق بين تكنولوجيا الإنترنت وعلوم الحياة، وأول محاولة لتطبيق استخدام البيانات كبيرة الحجم والذكاء الاصطناعي في مجال البحوث الطبية”. وتابع لي “أعتقد أن هذا النهج سيؤدي إلى المزيد من الاكتشافات العظيمة في مجال الطب، لأن التقدم المتعلق بالتكنولوجيات ستكون له قيمة كبيرة لفائدة البشرية جمعاء في النهاية”.
وأثبتت دراسة حديثة أجراها باحثون بشركة مايكروسوفت العملاقة للبرمجيات أن تحليل أنشطة المستخدم على الإنترنت يمكن أن يقدم أدلة بشأن احتمالات إصابته بمرض السرطان.
وأكد الباحثون أنهم استطاعوا، عن طريق تحليل عمليات البحث على الشبكة الدولية، تحديد مستخدمي الإنترنت المصابين بسرطان البنكرياس قبل تشخيص إصابتهم بالمرض، وأشاروا إلى أن هذا البحث يمكن أن يساعد في تحسين سبل الرعاية الصحية عن طريق تحليل البيانات.
وفي إطار هذه الدراسة، قام فريق البحث بتحليل 9.2 مليون عملية بحث أجريت على محرك البحث بينغ التابع لشركة مايكروسوفت، مع التركيز بصفة خاصة على الأشخاص الناطقين بالإنكليزية في أميركا خلال الفترة من أكتوبر 2013 حتى مايو 2015، واستخدموا النتائج التي توصلوا إليها في إعداد نموذج إحصائي.
وفي بداية الدراسة، قام الباحثون بتحديد مرضى سرطان البنكرياس عن طريق رصد عمليات بحث على الإنترنت باستخدام عبارات مثل “لماذا أصبت بسرطان البنكرياس” أو “لقد أبلغت أنني مصاب بسرطان البنكرياس، فما هي التوقعات؟”، ثم قام فريق البحث بالعودة إلى عمليات البحث التي قام بها نفس المستخدم قبل عدة أشهر، واكتشف الباحثون أن نفس المستخدم قام بعمليات بحث عن أعراض أو شكاوى مرضية معينة مرتبطة بسرطان البنكرياس.
وذكر الباحثون خلال الدراسة أنهم استطاعوا التعرّف على ما بين 5 إلى 15 بالمئة من حالات الإصابة بسرطان البنكرياس مع الاحتفاظ بنسبة خطأ في التشخيص منخفضة للغاية، وأشاروا إلى نسبة الخطأ في التشخيص كانت تتراوح ما بين حالة من كل 10 آلاف إلى حالة من كل 100 ألف، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الأميركي “كمبيوتر وورلد” المعني بأخبار التكنولوجيا.
وخلصت الدراسة إلى أنه من الممكن “إنشاء منظومات مراقبة منخفضة التكلفة واسعة المجال لمراقبة سلوكيات البحث على شبكة الإنترنت وتقديم تحذير مبكر لمرضى سرطان البنكرياس، مع إمكانية تطوير هذه التقنية بحيث تشمل أنواعا أخرى من السرطان”.
معاينة عن بعد
من المتعارف عليه ملازمة الطبيب للمستشفى ومعاينة المرضى بشكل مباشر، إلا أن المؤتمر الدولي لجراحات القلب بدبي الذي اختتمت فعالياته في 10 يونيو الجاري، كشف النقاب عن تقنية جديدة تمكّن الطبيب من مراقبة الحالة الصحية لقلب المريض عن بعد.
وأفاد الدكتور عبدالله الهاجري رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر واستشاري أمراض القلب أن المؤتمر بحث آخر مستجدات جراحات القلب، وكشف عن تقنيات حديثة تمكّن من التدخل المبكر لإنقاذ حياة مرضى القلب، وتحد من حالات الموت المفاجئ.
وتابع الهاجري أن المؤتمر سلّط الضوء على تقنيات حديثة في مجال “الطب عن بعد”، موضحا أن من بين تلك التقنيات جهاز جديد، صنع في ألمانيا، وأصبح مستخدما في الإمارات يمكّن من مراقبة أداء قلب المريض.
وأوضح الهاجري أن الجهاز الجديد يراقب نبضات قلب المريض ويرصد التغيرات في الأذين الأيمن، ويرسل رسائل نصية على هاتف الطبيب وعلى بريده الإلكتروني، في حال تعرض المريض لأيّ اضطراب، كما يرسل تقارير حول حالة القلب.
وأضاف استشاري أمراض القلب “يحمل الطبيب جهازا شبيها بالهاتف المتنقل والذي يبقي المريض على اتصال دائم بالطبيب في أيّ مكان كان موجودا فيه حول العالم عن طريق شبكات الاتصالات والإنترنت”.
وقال الهاجري الذي أجرى جراحات لزراعة الجهاز الجديد لمرضى مصابين بفشل في عضلة القلب، إن هذه التقنية تتيح للطبيب التعرف على حالة المريض حتى لو كان في دولة بعيدة، وتدخل الطبيب هاتفيا لإنقاذه في حال كان قلبه معرضا لأيّ خطر، وتوجيهه للمستشفى للتدخل المبكر.
وتابع الهاجري “يتميز الجهاز الجديد بصغر الحجم، وسهولة تركيبه في الجسم، بجراحة بسيطة تستغرق وقتا قصيرا، بمخدر موضعي، ويخرج المريض من المستشفى في اليوم نفسه، ويزاول حياته بصورة طبيعية”.
ولفت عبدالله الهاجري إلى أن التقنية الحديثة يمكن زراعتها للمرضى من مختلف الأعمار، إذ يستفيد منها المريض الطفل أو الشاب أو المسنّ، وتتنبأ بتعرض قلب المريض للخطر، وتحمي المريض من المضاعفات الصحية التي يتعرض لها المصابون بأمراض القلب في حال تأخرهم عن تلقي العلاج الطبي.
وألقت جلسات المؤتمر الدولي لجراحة القلب الضوء على حالة مرضية معقدة لمريض كان يعاني من ضيق شديد ومزمن في التنفس وضعف في القلب ما يجعله عرضه لتجمع السوائل في الجسم، وأجرى الهاجري جراحة ناجحة للمريض بواسطة زراعه جهاز ثلاثي الأسلاك ورباعي الأقطاب مضاد لفشل القلب ومضاد للرجفان البطيني والموت المفاجئ.
جسم خال من الأدوات
مساعدة الطبيب على أداء واجبه بدقة وإتقان لا تتوقف عند هذه التقنية التي كشف عنها المؤتمر بحيث يتدخل الطبيب هاتفيا لإسعاف المريض عن بعد، وإنما تتجاوز ذلك إلى التأكد عند إتمام الجراح لعملية جراحية من أنه لم يترك في جسم المريض بعضا من أدواته كما يحصل غالبا من أخطاء طبية.
وتكون لمثل هذا النوع من الأخطاء مضاعفات خطيرة على المريض قد تؤدي إلى وفاته أو الحاجة إلى فتح جرحه لإخراج الأداة التي نسيها الجراح.
وتقدر كمية الأدوات التي تستخدم في العمليات الجراحية بما يتراوح بين 250 و300 أداة، وأحيانا يزيد هذا العدد بشكل كبير ليصل إلى 600 عند إجراء عمليات جراحية أكثر تعقيدا، مما يزيد فرص نسيان الجراح لإحدى أدواته داخل جسد المريض بعد الانتهاء من العملية.
ولذلك حاول الأطباء والباحثون إيجاد حلّ فقاموا بضبط أنواع الأدوات التي يمكن أن يغفلها الجراح داخل جسم المريض فتبين فريق البحث أن الإسفنجة الطبية من أكثر الأدوات المعرضة للنسيان داخل جسد المريض.
ولتدارك الأمر عمل فريق من المطورين على ابتكار ممسحة إسفنجية حديثة، حيث قاموا بإضافة شريط يمكن رؤيته باستخدام أشعة إكس للإسفنجة العادية. ويعتمد هذا الأمر على نظام يدعى “سمارت سبونج” أو الإسفنجة الذكية ومن خلاله يستطيع الطبيب معرفة أين وضع أدواته باستخدام موجات الراديو.
ويمثل الاعتماد على هذه الشريحة الصغيرة التي توضع في الأداة فرصة لتتجنّب الممرضة المساعدة عد الأدوات المستعملة والتي غالبا ما تكون غارقة بدماء المريض بحيث يصعب تفرقتها عن أنسجة جسمه، فهذه الشريحة تساعد الطبيب على البحث عن أدواته بنفسه من خلال الأشعة، للتأكد من عدم نسيان أيّ أداة أثناء العملية داخل جسد المريض.
وجود سمارت سبونج يحول دون ترك أدوات داخل جسم المريض أما “الحبة الذكية” فهي تلتقط ما يبتلعه البشر من أجسام عن طريق الخطأ دون الحاجة إلى تدخل جراحي.
الذكاء الاصطناعي ينظف المعدة
أعلنت مجموعة من الباحثين البريطانيين والأميركيين واليابانيين، منذ فترة عن اختراعها لأول حبة ذكية قادرة على التقاط الأجسام الغريبة التي يتم ابتلاعها عن طريق الخطأ دون الحاجة إلى الخضوع لعملية جراحية.
ووفقا لفريق البحث فإن هذه الحبّة تعمل بفضل روبوت ذكي مدمج بداخلها يرصد أيّ جسم معدني داخل المعدة ويقوم بالتقاطه على الفور بفعل المغناطيس.
وأوضح الباحثون أن ما على الشخص القيام به هو ابتلاع هذه الحبة الذكية، وبمجرد دخولها إلى معدته ينفتح الروبوت بداخلها بشكل يشبه إلى حد كبير آلة الكونسرتينة الموسيقية، ليبدأ في التحرك والتقاط الأجسام الغريبة مثل البطاريات أو أيّ جسم معدني آخر تم ابتلاعه عن طريق الخطأ، وذلك بفضل المغناطيس الموجود بداخل الروبوت.
واختبر الباحثون في معهد ماساشوستس الأميركي للتقنية وجامعة شفيلد البريطانية ومعهد طوكيو للتكنولوجيا قدرة هذا الروبوت باستخدام معدة اصطناعية مصنوعة من السيليكون المطاط على غرار معدة الخنزير، تم ملؤها بخليط من الماء وعصير الليمون لمحاكاة حركة السوائل داخل المعدة، وأثبت جدارته، في التقاط جسم معدني غريب ثم التخلص منه في عملية الإخراج.
وقد قام الباحثون بعرض الحبة الذكية خلال مشاركتهم في فعاليات المؤتمر الدولي للروبوت والأتمتة “آي إي إي إي” الذي انعقد في ستوكهولم، في الفترة من 16 إلى 21 مايو 2016.
تعكف منذ مدة مجموعة من كبار مهندسي فيسبوك وأوكولوس على تطوير أول وحدة تصوير رنين مغناطيسي قابلة للارتداء بهدف تسليط الضوء على علاج الأمراض ومتابعة حالة المرضى باستخدام التقنيات الحديثة.
وقد استقالت المديرة التنفيذية لقسم الهندسة لدى فيسبوك ماي لو جيبسين ومسؤولة قسم تكنولوجيا الشاشات لدى شركة أوكولوس للواقع الافتراضي، من وظيفتيهما لدى الشركتين معا، من أجل التفرغ التام لقطاع التكنولوجيا القابلة للارتداء بما يسهم في علاج الأمراض اعتمادا على أجهزة قابلة للارتداء.
وتأمل جيبسين في تصميم نسخة مصغرة قابلة للارتداء من وحدة التصوير بالرنين المغناطيسي أقل إزعاجا وتكلفة من الوحدة الضخمة الموجودة داخل المستشفيات.
صحيفة العرب