التقرير المرجعي لمؤشر الموهبة العالمي التوقعات المستقبلية حتى عام 2015م

الرئيسية » إبداع وتنمية » التقرير المرجعي لمؤشر الموهبة العالمي
التوقعات المستقبلية حتى عام 2015م

التقرير المرجعي لمؤشر الموهبة العالمي

قام بإعداد هذا التقرير وحدة معلومات الخبراء الاقتصاديين، وهو يرتكز  على ثلاث مبادرات، أهمها: تحديث مؤشر الموهبة العالمي وتوسيعه، حيث توسع هذا المؤشر الذي أطلق عام 2007م، وكان يشمل مبدئيًّا 30 دولة، وأصبح اليوم يشمل 60 دولة. ويضع هذا المؤشر الدول على أساس قدرتها على تطوير أصحاب المواهب وجذبهم واستبقائهم، في عام 2011م وعلى التوقعات في  عام2015م. 

والمبادرة الثانية: تنفيذ مسحٍ عالمي من مسؤولي الشركات؛ لتقييم وجهات نظرهم حول توقعاتهم الخاصة بالمواهب والأعمال؛ ففي أواخر عام 2010م، وأوائل عام 2011م، تم إجراء دراسة جمعت آراء 441 من كبار المسؤولين في الشركات، ونحو النصف من هؤلاء معني بإدارة شؤون الموارد البشرية. والمبادرة الأخيرة التي ارتكز عليها التقرير: هي المقابلات المتعمقة، حيث جرت المحادثات مع كبار المديرين التنفيذيين وخبراء الموارد البشرية؛ للحصول على وجهات نظرهم حول تحديات المواهب الأكثر إلحاحاً التي تواجه الشركات والبلدان. 

وإذا حكمنا من خلال مستويات البطالة المستمرة في الارتفاع في الكثير من البلدان، وتزايد مجموعات الموظفين المحتملين في العالم النامي، فإنه من الممكن أن نغفر لواضعي السياسات وقيادات رجال الأعمال رؤية “حرب الكفاءات”، على أنها قصيدة ملحمية لما قبل الأزمة المالية العالمية. 

ولا شك أن وجهات النظر المماثلة قد تكون في غير محلها؛ بسبب الظواهر الديموغرافية الكبيرة، مثل الشيخوخة السكانية التي لا تظل ثابتة، وتحسين الأداء الاقتصادي في الاقتصادات الكبرى، على مدى السنوات القليلة المقبلة، وقد يؤدي إلى طلبٍ على المواهب قد يفوق العرض. حتى في البلدان المتقدمة، فإنه لا يزال هناك نقص حاد في عدد الباحثين عن عمل، من ذوي المواهب الاجتماعية والتواصلية،  الذين تحتاج إليهم الشركات أكثر من غيرهم. ولا تزال المهارات والكفاءات عنصراً مهمًّا في القدرة التنافسية للبلدان على المدى الطويل؛ لذلك يجب أن يبقى جذب هذه المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها، في صدارة جدول أعمال واضعي السياسات، وكبار رجال الأعمال في المستقبل المنظور.

ويسعى التقرير إلى استطلاع آراء صناع القرار حول  اتجاهات المواهب في جميع أنحاء العالم من خلال  بعدين: على المستوى الدولي، من خلال مؤشر القياس من بيئات الموهبة في 60 دولة. ومؤشر المواهب العالمي 2011-2015م على مستوى المشاريع، وتحديد كيفية رؤية المديرين التنفيذيين للتوقعات  المتعلقة بشركاتهم، وقدرتها على جذب الموظفين الذين سوف يحتاجون إليهم واستبقائهم. 

وقد بينت النتائج الرئيسة لهذا المؤشر، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المركز الأول بلا منازع في عام 2011م وتوقعات عام 2015م على حدٍّ سواء. وتعدُّ نقطة القوة لهذا البلد في تميّز جامعاتها، فواحدة من ثلاث جامعات من الموجودات في قائمة أفضل 500 جامعة في العالم، موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتنتج هذه الجامعات باستمرار الخريجين المجهزين بالدقة الفكرية اللازمة؛ لتحقيق الازدهار في اقتصاد تنافسي مبني على المعرفة. ويضاف إلى الجودة العالية في تلك الجامعات، قوتها العاملة الحالية، وقدرتها على التكيف والابتكار، وتميزها ببيئة الجدارة والكفاءة؛ ما يطلق العنان للمواهب ويساعدها على الازدهار. 

 كما تبين هذه النتائج، أن بلدان الشمال والبلدان المتقدمة  في آسيا والمحيط الهادي، تعدُّ بارزة ضمن أول عشر دول في مؤشر الموهبة العالمي. كما تبرز الدنمارك وفنلندا والنرويج ضمن أول خمس دول في هذا المؤشر لعام 2011م وتوقعات عام2015م على حدٍّ سواء. وتنضم إليهم السويد في توقعات مؤشر عام 2015م. ويعود ذلك إلى استثماراتها الثابتة والدائمة في مجال التعليم من المرحلة الابتدائية وحتى التعليم العالي، كما أن المهارات اللغوية والتقنية لسكانها العاملين قوية بشكل مميز. وهناك تحسن ملحوظ في أداء السويد في توقعات عام 2015م، حيث إنها ترتفع بمقدار ثلاث مراتب لتصل إلى المركز الرابع، ويعود الفضل بذلك إلى التساهل المتوقع في قوانين العمل لديها، وإيجاد مكافآت كبيرة تُمنح للتميز في مكان العمل. 
 وتعدُّ سنغافورة أيضاً من الدول البارزة في هذا المؤشر؛ وذلك بفضل الجودة العالية في تعليمها العالي. وتبرز أستراليا كذلك إلى جانب هذه الدول؛ بسبب انفتاحها على التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي. أما كندا وتشيلي وتركيا فهي من أكبر الرابحين في هذا المؤشر لعام 2011م وتوقعات عام 2015م. 

ويشير التقرير إلى أن التصنيفات تبقى مستقرة إلى حد معقول في كل من العامين، وهناك تسجيلُ تقدُّمٍ جدير  بالذكر في توقعات عام 2015م لكندا وتشيلي وتركيا. ومن المتوقع أن يؤدي تحسن الأداء الاقتصادي إلى تحسين بيئة الموهبة في هذه البلدان. في حين أن الظروف الاقتصادية الصعبة تؤدي إلى أكبر  انخفاض في المؤشر،  الذي تعاني منه  كل من اليونان وفنزويلا، بالإضافة إلى أن الصين تتفوق على دولٍ أخرى في المؤشر، فهي تصل إلى المرتبة 31 في توقعات  المؤشر لعام2015م، بدلاً من المركز الـ 33 في عام 2011م؛ والسبب الرئيس في ذلك هو الزيادة المتوقعة في استعداد البلاد لتبني العمال الأجانب. كما تسجل البرازيل أيضاً تحسناً ملحوظاً بين عامي 2011م وتوقعات عام 2015م، مع تزايد سريع في التوظيف وارتفاع الإنفاق على التعليم، وتحسين مهارات اللغة لدى القوى العاملة…

كما تشير النتائج إلى أن الشركات عادة ما تكون واثقة من تأمين المواهب التي تحتاج إليها، ولكن مع تحفظاتٍ كبيرة، حيث إن ما يزيد قليلاً على 70% من المديرين التنفيذيين، الذين شملهم الاستطلاع، أعربوا عن أنهم إما “واثقون للغاية” أو “واثقون إلى حد ما”، في قدرة شركاتهم على جذب الموظفين الأساسيين على مدى العامين المقبلين والاحتفاظ بهم. وقد تستند هذه الثقة إلى حدٍّ كبيرٍ على تجربة حديثة مع 66% من هؤلاء المديرين، الذين عبروا عن رضاهم بتعييناتهم الجديدة. ومع ذلك هناك أقليات كبيرة معظمها في آسيا، غير راضية عن التعيينات الأخيرة، وتعدُّ محايدةً وأحياناً متشائمةً فيما يخص الآفاق المستقبلية. كما تعتمد الشركات بشكل متزايد على تطوير الموظفين أنفسهم ولاسيما في آسيا، فمع عدم تأكدها من مدى توافر الموظفين المحليين المهرة، فإن الشركات تقوم في كثير من الأحيان بتوظيف الإمكانات الخام، وتقوم بشحذ هذه الإمكانات؛ للوصول إلى الجوهر المطلوب. ويقول نصف المشاركين في الاستطلاع، إنهم يقومون بتخصيص المزيد من الوقت والمال؛ لتطوير الموظفين أكثر مما كانوا يفعلون في السنتين الأخيرتين.

والنتيجة الأخيرة التي يعرضها التقرير حول هذا المؤشر، أن المديرين التنفيذيين يشتكون من قلة الإبداع لدى الموظفين الجدد، ويقصدون الإبداع في التغلب على التحديات، وهو العيب الأخطر الذي حدده المديرون التنفيذيون في المعينين الجدد والمحتملين. وهذه المشكلة تعدُّ أكثر بروزاً في آسيا وأمريكا الجنوبية، وهو شيء قد يكون من الصعب للغاية تصحيحه. 

وفي الخلاصة يشير التقرير إلى أن تقرير وحدة معلومات الخبراء الاقتصاديين لعام 2010م، يفيد بأنه من المرجح أن ترسل الشركات موظفيها إلى آسيا أكثر من أي منطقة أخرى،  وتعدُّ الصين هي الوجهة المفضلة في آسيا. بينما يبين الاستطلاع الأخير الذي استهدف المديرين التنفيذيين، أن هناك نسبة كبيرة من المديرين كانوا قد أبدوا قلقهم من جودة التعيينات الأخيرة، أو احتمالات الحصول على الأشخاص المناسبين في المستقبل القريب؛ ما يؤكد أن آسيا تمثل تحدياً خاصًّا؛ وذلك لأن الموظفين المحليين والمؤهلين تأهيلاً مناسباً غير قادرين على مواكبة السرعة الفائقة للنمو الاقتصادي. ومن الصعب أن نرى كيف ستستطيع الشركات متعددة الجنسيات أن تتجنب كفاحاً مكلفاً وعنيفاً؛ من أجل الحصول على أفضل العمال في العالم النامي، وفي الصين خصوصاً.

لقد فهم عالم الشركات أن إرسال موظفين مغتربين بصورة مستمرة لا يعدُّ حلًّا مثاليًّا، أما بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات العاملة في الصين، فسيكون من الصعب الوصول إلى هذا الهدف المنطقي. ويبين مؤشر الموهبة العالمي أن الجودة الشاملة للقوى العاملة، تحتمل المزيد من التحسين، بالإضافة إلى أن التغييرات الديموغرافية ستسبب انخفاضاً حادًّا في عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل. كما تعدُّ الشركات المحلية المتنامية منافسةً في الواقع على المواهب المدربة. بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات، فإن الشركات المحلية تجتذب المديرين المحليين، بشكل أكبر بكثير من الشركات الغربية؛ وذلك لأن نجاحهم في هذه الشركات المحلية سيثير مشاعر الفخر الوطني. 

ومن ثم فإن الشركات متعددة الجنسيات، تواجه احتمالاً لا تحسد عليه من استثمار مبالغ كبيرة من الوقت والمال، على توفير التعليم العملي المنشود، المتعلق بالأعمال التجارية، ومن ثم رؤية الآخرين يجنون الفائدة، بالإضافة إلى المنافسة في سوق الأجور المحلية التضخمية. ويبدو أنه لا نهاية في الأفق للإستراتيجية الحالية، لتطوير البدلاء الخام وجذب المغتربين لتدريبهم وتشغيل العمليات.

وقد لا تزال الضغوطات العالمية قائمة، ولاسيما فيما يتعلق بالنقص الموجود في الأشخاص المزودين بالخيال اللازم؛ لتحقيق النجاح في ظل التحديات التي لا تعد ولا تحصى من الإدارة العليا، ولكن العرض والطلب على الموظفين المتمكنين، يبدو متسارعاً في جميع أنحاء العالم، كما أن المنافسة الشديدة على المواهب، باتت الآن تكتسب لوناً إقليميًّا مميزاً.

عن الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *