التصديق والهيمنة مكونا من مكونات المنهج النقدي في القرآن الكريم 3/9

الرئيسية » الأعمدة » بصائر » التصديق والهيمنة مكونا من مكونات المنهج النقدي في القرآن الكريم 3/9

إذْ أوضحنا هذه الأمور الثلاثة التي تؤطر منهج تعاملنا مع هذه القضية، فإننا نُريد بعون الله أن نتناول المنهج النقدي في القرآن الكريم، من مدخل واحد سوف نقتصر عليه للضرورة وللإكراهات المقامية: وهو “مدخل التصديق والهيمنة”؛ فمع أن هناك آيات كثيرة في القرآن المجيد تتحدث عن التصديق، إلا أننا لا نجد إلا آية واحدة في سورة “المائدة” تشتمل على التصديق والهيمنة مقترنين: وهي قوله تعالى: “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدِّقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه [المائدة، 48]. وهذا المدخل لم يعط بعد حقه من الاستكشاف ومن البحث لإبراز خصيصة الاكتمال في الوحي الخاتم، والتي جاءت إليها إشارات واضحة في كل من القرآن الكريم والسنة المطهرة.

ففي القرآن نجد كلمة “أحسن” في قوله تعالى؛ “الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني” [الزمر، 23]، وفي قوله سبحانه: “واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم [الزمر 55]؛ تدلّ على أن هذا الوحي قد أذن منزله بارتقائه إلى مرحلة أصبح فيها الوحي الأحسن والأمثل والأكمل، وهذا هو الذي يبرز مثلا من خلال تسمية كتاب نبي الله موسى وأخيه هارون عليهما السلام: الكتاب المستبين في قوله تعالى: “واتيناهما الكتاب المستبين” [الصافات، 117]، في حين أن القرآن المجيد سمي كتابا مبينا قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين [المائدة 15]، أي أنه قد وصل إلى درجة الإبانة المطلقة.

وفي السنة نجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يُشبّه النبوة كلها بالبناء المكتمل أيضا في قوله عليه الصلاة والسلام: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)، [صحيح البخاري، كتاب المناقب ، باب خاتم النبيين، حديث رقم:  3342]

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *