الباحث العربي بأمريكا فرغلي: العرب في مفترق طرق وعليهم اختيار دعم لغتهم

الرئيسية » إعلام ورقميات » الباحث العربي بأمريكا فرغلي: العرب في مفترق طرق وعليهم اختيار دعم لغتهم

الباحث العربي بأمريكا فرغليبرأي الدكتور علي فرغلي الباحث بإحدى جامعات كاليفورنيا بالولايات المتحدة والذي يشتغل بعدد من المؤسسات التي تبحث في علاقة اللغات بالحاسوب، فإن العرب في مفترق طرق هم ولغتهم العربية، بحيث إذا لم يبادروا إلى دعم المزيد من الأبحاث بخصوص اللغة العربية وجعلها تساير متطلبات العصر، فإن مستقبل لغة الضاد سيكون في خطر، لذلك على العرب أن يجعلوا لغتهم العربية هي أولى أولويات اهتمامهم

من خلال مداخلتكم بالندوة يبدو أنكم تشخصون مجموعة من المعيقات التي تعتري تقدم اللغة العربية؛ برأيكم أستاذ أي مستقبل للغة العربية في ظل التكنولوجيا والتقنية الجديدة؟

 لنقلها بكل صراحة مستقبل اللغة العربية هو مرهون بما يمكن لأبناء هذه اللغة أن يقدموه إلى لغتهم الأم، وذلك من خلال مدى إمكانية توفير العرب لوظائف جديدة لهذه اللغة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاعتماد بشكل أساسي على اللغة العربية في التعليم ولاسيما في التعليم العالي، وليس الاعتماد بالدرجة الأولى على اللغات الأجنبية. كما أن الاعتماد على استعمال الحاسوب وملاءمة اللغة العربية بالطريقة التي يمكن للآلة ولتطبيقات الحاسوب تحويلها وقراءتها، من شأن كل ذلك أن يعطي دفعة قوية للغة العربية.

كما جاء في مداخلتكم أيضا يعتبر التشكيل (الشكل) باللغة العربية واحدا أيضا من المعيقات التي تحول دون تقدم اللغة العربية ومجاراتها للتكنولوجيات الحديثة؛ كيف إذن يمكن جعل اللغة العربية تتخطى هذا العائق؟

بكل تأكيد هذا صحيح عندما سيتمكن العرب من القدرة على قراءة اللغة العربية بدون استعمال التشكيل وذلك من خلال البحث عن وسائل وطرق أخرى بديلة لهذا التشكيل، وكذا من خلال القدرة على جعل اللغة العربية قادرة على استعمال الحاسوب وتطبيقاته، والعكس أيضا صحيح أي قدرة الحاسوب على قراءة اللغة العربية، وهو ما يتأتى من خلال قابلية اللغة العربية على التحويل إلى أرقام مشفرة، وقتئذ يستطيع الحاسوب قراءة لغتنا بدون استعمال حركات التشكيل، وحينها كذلك ستتمكن لغتنا الأم من كسب الرهان ورفع كل التحديات.

إذن هل هناك إمكانية لتحويل التشكيل الذي يسمى بالأداة التقليدية والكلاسيكية لقراءة اللغة العربية، إلى رقم وبالتالي قابلية اللغة لعربية للحوْسبة وقراءتها آليا؟

هذا ممكن والأمر يرتبط فقط بمدى اهتمام العرب بلغتهم وذلك بتخصيص إمكانات مادية لمزيد من البحوث في هذا المجال. ومن اللازم في هذا السياق أيضا النهوض بأعمال الخبراء الذين يشتكون كثيرا من ضعف الدعم المادي وتشجيعهم، وهو ما يؤثر بالنتيجة على أعمالهم ومشاريعهم لتطوير اللغة العربية وجعلها قادرة على مسايرة متطورات التقدم التقني والتكنولوجي، بل ومواكبة التطورات التي وصلت إليها نظيراتها من اللغات الأخرى، التي يبدو أن مسؤولي دول تلك اللغات يجنون ثمار دعمهم المهم والكبير لأبحاث خبرائهم المنصبة على تطوير اللغة وجعلها مقروءة حاسوبيا.

تم التقاط نقطة مهمة خلال الندوة المتعلقة بالمعالجة الآلية للغة العربية، وهي أن الأجانب أصبحوا أكثر اهتماما منا باللغة العربية وخاصة عندما يتعلق بالجانب الرسمي العربي، ما سبب هذا الغياب برأيكم؟

هو بكل تأكيد غياب وعي لدى الجهات القادرة على اتخاذ القرارات، كما أن الأمر يتعلق بتخصيص ميزانيات مهمة ربما لأولويات غير أولوية اللغة مع العلم بالأهمية القصوى للغة الشعوب، وهو ما يمكنه للأسف أن يؤثر سلبا وبالضرورة على مستقبل لغتنا العربية. إن مسألة تمويل الأبحاث المتعلقة باللغة العربية تصبح مسألة مصيرية لاسيما في ظل عولمة اللغات وفي ظل حوسبتها، وهو ما يتطلب الابتعاد ما أمكن عن التعاطي الضيق مع اللغة العربية والمقتصر فقط على الطابع المناساباتي. وبدل ذلك ينبغي رصد كل الطاقات والإمكانات، وبلادنا العربية تتوفر على الشيء الكثير من ذلك، من أجل جعل اللغة العربية قادرة على رفع التحديات، وهذا ليس بالأمر الهين مادامت اللغة العربية لغة طبيعية وحية وقابلة على التأقلم مع المستجدات في عوالم التقنية والتكنولوجيا.

بصفتكم باحثا في مجال اللغة لاشك أنّ لكم نظرة حول مستقبل اللغة العربية، كيف ترون هذا المستقبل؟

 

بالفعل المستقبل آت لاريب، وعندما يتعلق بمستقبل لغتنا العربية فإن المعطيات المتوفرة لدينا حاليا، وما نعيشه من وضع لا يسر بكل تأكيد كل الغيورين على هذه اللغة، فإن هذا المستقبل يمكن أن يكون مشرقا، كما يمكن أن يكون مظلما، وذلك بالنظر إلى مدى اهتمام أهل هذه اللغة بها وليس اهتمام الأجنبي؛ إن العرب هم الآن في مفترق طرق بخصوص التعامل مع لغتهم الأم، وبيدهم وعليهم الاختيار إما هذه الطريق أو تلك؛ إما مستقبل زاهر لهذه اللغة أو لا قدر الله مستقبل غامض لن تكون فيه القدرة للغتنا على مواجهة قوة باقي الغات الأخرى. وإذا ما استمر العرب في نهج نفس السياسات غير المهتمة بمستقبل اللغة وبتحدياتها ولاسيما استعمالها في المجالات الحيوية كالحوسبة مثلا، فإن ذلك سيكون مضرا كثيرا بلغتنا العربية، أما إذا تم تغيير تلك النظرة للغة وتم استثمار كل الطاقات والإمكانات من أجل جعل اللغة قادرة على مواجهة متطلبات عصرنا الحديث وخاصة القدرة على المعالجة الرقمية، وقتئذ فإن مستقبل اللغة العربية سيكون زاهرا وعظيما بلاشك.

 حاوره: نورالدين اليزيد

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *