الإدمان على الألعاب الإلكترونية ليس دائما سلبيا

الرئيسية » تربية وتكوين » الإدمان على الألعاب الإلكترونية ليس دائما سلبيا

أثبتت دراسات حديثة أنه ليس بالضرورة أن تكون الألعاب الإلكترونية ضارة، فقد تؤدي ممارسة ألعاب الفيديو إلى تحسين الصحة العقلية، بل وتجعل مستخدمها أكثر سعادة. وكما أكّد خبراء من خلال دراسات عديدة بأنها آلة وآلية لها أهمية تنعكس إيجابا على الأطفال، فهي تنمي أيضا الإبداع والذكاء والابتكار والتفكير والتخطيط بشكل سليم، كما يمكنها تنمية مهارات العمل ضمن فريق.

وأشار خبراء إلى أن مُعظم هذه الألعاب تعتمد على استراتيجيات للوصول إلى أعلى النقاط أو الهدف من اللعبة. وبذلك فهي تقوي الملاحظة لدى الشخص وهو أمر مهم بالنسبة للأطفال، وتُساعد أيضا في التركيز والخيال، وتحسين الفهم والوعي والسرعة في التفكير، وتحسين المهارات الإدراكية الحسية مثل حركات العين واليد والتنسيق بينهما والقيام بعدة مهام في آن واحد والمعالجة العقلية للأجسام ثلاثية الأبعاد وتنمية الذاكرة. ومع جملة هذه الإيجابيات يرى مستشارو العلوم الاجتماعية أن الألعاب الإلكترونية قادرة على تعليم الطفل واكتشاف ما حوله وإشباع خياله بطريقة حيوية، من خلال توظيف هذه التقنية الحديثة للانخراط في المجتمع أكثر.

ولفت الدكتور ضياء المندلاوي المختص العراقي في علم النفس والتربية إلى أنه من أهم إيجابيات الألعاب الإلكترونية، أنها تنمي أوجه الذكاء المتعدد عند الأطفال، ومهارات استخدام الأجهزة الإلكترونية وكيفية توظيف التكنولوجيا في حياتهم اليومية، وتنمية سرعة البديهة والملاحظة والعمل الجماعي، ومهارات حل المشكلات، وفق النظريات العلمية الحديثة مثل نظرية المحاولة والخطأ لوثردايك. وأضاف لـ”العرب” أنه “نتيجة للتطور العلمي والتكنولوجي في جميع مناحي الحياة، رافق هذا التطور الاهتمام بألعاب الأطفال المختلقة، وأصبحت الألعاب الرقمية الفيديوية إحدى أهم تلك الألعاب في عصرنا هذا لما فيها من متعة ونظام المراحل وقصص محببة للأطفال وألوان زاهية تقوم بصناعتها شركات عملاقة”.

ووفقا لدراسة علمية استخدمت بيانات الصناعة من شركات الألعاب لتحليل رفاهية اللاعبين، درس الباحثون في جامعة أكسفورد البريطانية بيانات أكثر من 3 آلاف لاعب، وتم طرح مجموعة من الأسئلة بشأن صحتهم العقلية، مع الأخذ في الاعتبار المدة الزمنية التي لعبها كل شخص. وحلل البحث الذي أجرته الجامعة آثار لعبتي فيديو “أنيمال كروس” و”بلانتس فيرسز زومبيز”، ووجد أن الوقت الذي يقضيه اللاعبون في ممارسة الألعاب ارتبط بتعبيرهم عن شعورهم بالسعادة. وهذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها دراسة كهذه من ربط الاستبيانات النفسية بوقت اللعب الفعلي داخل اللعبة.

وأشار البروفيسور أندرو برزيبيلسكي مدير الأبحاث في معهد أكسفورد للإنترنت والمؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أنه تفاجأ بالنتائج التي أظهرت أن ألعاب الفيديو ليست بالضرورة ضارة بالصحة، حيث قال “إذا لعبت (أنيمال كروس) لمدة 4 ساعات يوميا فمن المحتمل أن تقول إنك تشعر بسعادة أكبر بكثير من شخص لا يفعل ذلك”. وأوضح برزيبيلكسي أن الميزات الاجتماعية للألعاب -التي تسمح للاعبين باللعب مع أصدقائهم- يمكن أن تكون أحد الأسباب التي تجعل الناس يشعرون بالسعادة. وأضاف “لا أعتقد أن الناس يقضون وقتا طويلا في الألعاب ذات الجانب الاجتماعي إلا إذا كانوا سعداء بذلك”.

كما أكدت دراسة أجراها كل من الصندوق الوطني لمحو الأمية وجمعية الترفيه التفاعلي في المملكة المتحدة التي تمثل الشركات العاملة في صناعة ألعاب الفيديو، وشركة نشر الكتب “بنغوين راندم هاوس”، أنها شرعت في استكشاف تأثيرات الألعاب على محو أمية الأطفال في المدرسة. فقد تم مسح ما يقارب 5 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاما في المملكة المتحدة، ليكشف البحث مفاجأة جديدة هي أن ألعاب الفيديو يمكن أن تدعم مهارات القراءة والكتابة والإبداع والتعاطف. وأوضح 79 في المئة من الأطفال الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم قرأوا الكثير من المعلومات عن ألعاب الفيديو، بما في ذلك الكتب والمراجعات والمدونات والاتصالات داخل اللعبة، وعبر 35 في المئة عن شعورهم بأن ألعاب الفيديو تجعلهم قراء أفضل.

وأظهر البحث أن الألعاب يمكن أن تجعل الأطفال أكثر إبداعا، وأنها يمكن أن تساعد على التواصل مع الآخرين بشكل أفضل، حيث قال 65 في المئة إن الألعاب ساعدتهم على تخيل كونهم أشخاصا آخرين. وقال 76 في المئة ممن شاركوا في الدراسة -وكانوا يتحدثون إلى أصدقائهم عن الألعاب- إن ذلك ساعدهم في بناء علاقات اجتماعية أفضل. وكان للألعاب أيضا تأثير إيجابي على الصحة العقلية لأولئك الذين شملهم الاستطلاع، حيث شعر الكثيرون بأن ممارسة الألعاب الإلكترونية ساعدتهم على التعامل بشكل أفضل مع المواقف العصيبة والمشاعر السلبية.

تُعرّف الألعاب الإلكترونية بأنها سلعة تجارية تكنولوجية، إذ أنها جزء صغير من العالم الجديد الناشئ من الثقافة الرقمية الحديثة، وهي ممتعة ومسلية. وللألعاب الإلكترونية تأثير كبير على الثقافة العامة للأفراد، بسبب انتشارها الواسع بينهم.

وتزيد الألعاب الإلكترونية من الأداء المعرفي. وتُشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين يلعبون ألعاب الفيديو غالبا ما يكون لديهم أداء فكري مُرتفع، وكفاءة دراسية عالية، مقارنة بالذين لم يمارسوا هذه الألعاب. كما تحسن الألعاب الإلكترونية التناسق بين اليد والعين، إذ تتطلب أغلب ألعاب الفيديو بغض النظر عن موضوعها من اللاعبين استخدام أوامر دقيقة تؤثر على تناسُق حركة اليد مع النظر. كما تُحسن عملية اتخاذ القرار حيث تعتمد معظم ألعاب الفيديو على تطوير استراتيجيات معينة خلال اللعبة، مما يُساعد على اتخاذ القرارات بشكل أفضل وأسرع. وتشجع الألعاب الإلكترونية أيضا على القراءة، بحيث يَجذب الحوار القائم بين الشخصيات اللاعب فيقرأه ويُنمي مهارات القراءة الخاصة به.

هذا فضلا عن أنها تَشحذ التفكير الاستراتيجي والمهارات المنطقية، حيث تتطلب هذه الألعاب وضع استراتيجيات للتمكُن من التقدم إلى المستويات التالية، وإنهاء اللعبة والفوز بها. ورغم فوائدها، ينصح خبراء بعدم الإفراط في استعمال الألعاب الإلكترونية حتى لا يؤدي ذلك إلى تغيير مظهر المستعمل، وذلك من خلال عدم النوم لساعات كافية، والذي بدوره قد يؤدي إلى شحوب لون البشرة أو تكوّن هالات تحت العينين، وزيادة الوزن، وعدم القدرة على الوقوف بشكل صحيح.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *