الإبداع في طرق التدريس

الرئيسية » تربية وتكوين » الإبداع في طرق التدريس

الإبداع في طرق التدريس

ناقش هذا التقرير الذي كتبته مجموعة من الأكاديميين في معهد تقنية التعليم بالجامعة المفتوحة، وجهات نظر مختلفة على اثنين من المواضيع التي تمت تغطيتها في تقارير سابقة مع إدخال ثمانية أصول تعليمية أخرى، والتي قد أدخلت بالفعل إلى الممارسة التعليمية أو قدمت فرصًا للمستقبل. وقد كُتب التقرير الذي بني على المعرفة المكتسبة من المشاريع البحثية الرائدة وقراءة الأبحاث التعليمية والمدونات وكتابتها، من خلال إنتاج أول قائمة طويلة من الشروط والنظريات والممارسات الجديدة والتعليمية، التي تكون قادرة على إحداث التحولات الكبرى في الممارسة العملية التعليمية.

لا تزال وسائل الإعلام المتنوعة تورد الدورات الإلكترونية المفتوحة والضخمة (MOOCs) في صفحاتها الأولى، والتركيز الآن ليس على ظاهرة الدورات المجانية فقط، بل على الكيفية التي بدأت بتحويل التعليم من خلال توفير “درجة نانو”، التي تُعلِّم الحد الأدنى من المهارات اللازمة لدخول مهنة جديدة، أو من خلال توفير دورات الدرجة الكاملة عن طريق مواد مفتوحة المصدر، حيث تعدُّ دورات (MOOCs) مختبرًا عملاقًا لاختبار أساليب جديدة للتعليم والتعلم والتقييم، ولتحليل الطرق التي يتعلم من خلالها عدة آلاف من الناس على شبكة المعلومات، والتي بدأت بالفعل بالتأثير على تصميم المساقات في الجامعات وأماكن العمل، إذ إن الهدف الرئيس من الدورات الإلكترونية المفتوحة الضخمة يتمثل بالتخصيص، حيث إنه يمكن لأي متعلم اختيار متى وأين وكيف يدرس، وبهذا تتكيف طرق التدريس مع المتعلم، إما عن طريق توفير طرق التعليم التي تتناسب مع نهج الشخص المتعلم، أو من خلال تقديم تعليم تكميلي في حال أخطأ المتعلم في اختبار عبر شبكة المعلومات.

قام عالم النفس الأمريكي (سيدني برسي Sidney Pressey) في بداية العشرينيات تقريبًا عام 1925م باختراع أول آلة تعليمية، وهي آلة صغيرة لتصحيح الاختبارات ذاتيًّا تحتوي على إجابات متعددة، ويتمكن المتعلم من خلالها أن يكتشف أخطاءه ويعمل على تصحيحها وتقويمها، ولم يقصد (برسي) بذلك ما يُعرف بالبرمجة. ويعدُّ اكتشاف هذه الآلة نقطة بداية الاهتمام بالتعلم المبرمج؛ لذا يجب أن تكون هناك ثورة صناعية في مجال التعليم تجمع بين العلوم التربوية وبراعة التقنيات التربوية؛ لتحديث إجراءات فاعلة بشكل كبير في التعليم التقليدي، حيث إن العمل في مدارس المستقبل سيكون رائعًا في تنظيمه ببساطة؛ وذلك لضبط الفروق الفردية وخصائص عملية التعلم بشكل أتوماتيكي، وسيكون هناك العديد من مخططات توفير العمالة والأجهزة، حتى الآلات التي لا تكتفي فقط بمكننة التعليم، بل أتت لراحة المعلم والتلميذ من الكد التعليمي وعدم الكفاءة. ولا شك أن تنبؤ بريسي بالثورة الصناعية في مجال التعليم من خلال أتمتة عملية التدريس لم يحدث أبدًا على مر السنين. وقد طورت بعض المشاريع الأساليب الفردية من الدروس التي تتكيف مع المعارف والمهارات والإستراتيجيات وتفضيلات الطالب، فالمعلم المعرفي هو نوع خاص من نظام التدريس الذكي، الذي يستخدم نموذجًا معرفيًّا لتقديم الملاحظات للطلاب في أثناء عملهم على حل المسائل، وعادة ما تتألف الملاحظات من إبلاغ الطلاب بصورة فورية بصحة أو عدم صحة الإجراءات التي يقومون بها في مواجهة المعلم، ومع ذلك تتمتع أنظمة المعلم المعرفي أيضًا بالقدرة على توفير تلميحات تتميز بالحساسية للسياق، وبتعليمات لتوجيه الطلاب نحو الخطوات التالية المعقولة، وهذه التطورات الواعدة ذات النتائج الناجحة لن تعالج الحاجة العالمية إلى تعليم المهارات العملية (العلوم والفنون والعلوم الإنسانية)، لربط الشبكات مع الناس والتقنيات، وهناك إدراك متزايد بأن التعلم الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع التعليمات الفردية، قد يكون المفتاح في التعليم الشامل عن طريق شبكة المعلومات، حيث جلبت الشبكات الاجتماعية تطورات جديدة لتعزيز الدورات واسعة النطاق على شبكة المعلومات، وأصبح بإمكان المتعلمين الآن إنشاء الملف التعريفي الخاص بهم، وإجراء المحادثات الشخصية ومتابعة الناس الذين يشاركونهم بالاهتمامات نفسها، والبحث عن رفاق الدراسة للتعلم التعاوني وإنشاء مجموعات الدراسة وبناء مجتمعات ذات اهتمام مشترك. وقد بدأت اتجاهات جديدة في الشبكات الاجتماعية بالتأثير في التعليم فعليًّا، تشمل لقطات حية عن النشاط الحالي مثل (الأخبار المتعلقة بالمساق، أو أنشطة التعلم لمجموعة من أصدقاء الدراسة)، والنشاط الذي يعتمد على المواقع التي تسهل مشاركة الناس بالفيديو أو الصور أو الأصوات المتعلقة بالبيئة المحلية، فالتعلم الاجتماعي ليس مجرد وسيلة لتقاسم موارد التعلم، بل نشاط قيّم في حد ذاته يُحدث التعلم التعاوني “العقل المشترك”، الذي يجمع بين وجهات نظر مختلفة وطرق بديلة لحل المشكلات.

وأشار التقرير إلى اتجاه رئيس آخر هو التعليم المدمج داخل الفصول الدراسية وخارجها، ويظهر هذا النوع من التعليم في الفصول الدراسية المقلوبة، حيث يشاهد الطلاب محاضرات فيديو في المنزل ويناقشونها في الصف، كما يظهر أيضًا مع الطلاب الذين يجلبون أجهزتهم الخاصة إلى الفصول الدراسية جنبًا إلى جنب مع البرامج الخاصة بهم والشبكات الاجتماعية. لقد نُظر لهذا النوع من التعليم في البداية على أنه اضطراب غير مرغوب فيه، أو تهديد للانضباط المدرسي ويشكل خطرًا على الأطفال، أما الآن هناك حملة لتثقيف الشباب في كيفية استخدام التقنيات الخاصة بهم؛ ليكونوا جاهزين للتعليم التعاوني عبر شبكة المعلومات، وبهذه الطريقة الفردية والاجتماعية ينشأ شكل جديد من أشكال التعلم القائم على التعاون الشبكي من خلال التقنيات الشخصية، فالتلاميذ في أمان على حد تعبير (Pressey) من الكدح التعليمي وعدم الكفاءة، من خلال الانضمام إلى المجتمعات المحلية على شبكة المعلومات وطرح الأسئلة والبحث عن أجوبة، وهنا يؤدي المعلمون والقادة دورًا مهمًّا في مساعدة الشباب على كيفية التعلم عبر شبكة المعلومات وفي تشكيل مجتمعات آمنة وجذابة. كما تستكشف هذه السلسلة من التقارير أشكالاً جديدة من التعليم والتعلم والتقييم للعالم التفاعلي؛ لتوجيه المعلمين وواضعي السياسات في مجال الابتكار الإنتاجي. ويقترح هذا التقرير الثالث نحو عشرة ابتكارات هي بالفعل متداولة بشكل كبير، ولكنها لم تفرض حتى الآن تأثيرها العميق في التعليم؛ ولهذا اقترحت مجموعة من الأكاديميين في معهد تقنية التعليم في الجامعة المفتوحة لائحة طويلة من المصطلحات التعليمية والنظريات والممارسات الجديدة، ووضعت مخططات تربوية جديدة قد تحول العملية التعليمية إلى الأفضل، وفيما يأتي تلخيص لهذه الطرق والأساليب:

الدروس الجماعية الإلكترونية مفتوحة المصادر أو المساقات (Massive Open Online Courses)، وهي طريقة جديدة تمكن آلاف طلاب عالم اليوم من الدراسة عن بعد وبالمجان في أفضل الجامعات العالمية، عن طريق الإمكانات الهائلة التي توفرها شبكة المعلومات؛ لهذا الغرض تم إنشاء منصات تعليمية متعددة، تهتم خصوصًا بالعلوم التطبيقية وتقنيات الحاسوب وإدارة المقاولات وحتى القانون والفلسفة، وظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة مبادرة من بعض المقاولات والجامعات، وانتشرت بعد ذلك بسرعة ملحوظة فتبنتها عدة جامعات أوروبية تهتم بتحديث طرق التعليم وتيسيرها، حيث إن كل طالب يستعمل حاسوبًا مرتبطًا بشبكة المعلومات أينما كان ليطلع على الدروس ومقاطع الفيديو. وتعدُّ المقالات الموضوعة رهن إشارته في المنصة التعليمية التي اختارها، ومهما كان التخصص والمستوى فهناك خيارات متقدمة متاحة، تتعلق بإمكانية إنجاز مشاريع أو تمارين أو أنشطة ليطلع عليها المعلم أو المعلمون المشرفون على المنصة، وفي بعض الحالات يمكن للطالب اجتياز اختبار بعد كل مرحلة معينة، للمرور على المستوى الموالي أو النجاح النهائي. إضافة إلى هذا كله هناك العديد من المنتديات التي توفرها هذه المنصات التعليمية لتشجيع العمل التشاركي، وتبادل الخبرات ومناقشة بعض الدروس حتى ولو كانت المسافة بين الطلاب آلاف الأميال. وتمثل تحليلات التعلم (Learning analytics) أحد أبرز الحلول المثلى لمشاكل التعليم وتحسن الأداء، حيث إنها تعمل على إتاحة الفرصة أمام المعلمين للتحديد السريع لأنماط سلوك المستخدمين والتعرف على طبيعة مراحل تطور الطلبة، وقد حظيت التحليلات التعليمية بالاهتمام الأكبر في مجال التعليم، نتيجة للرغبة في الحصول على البيانات الأفضل وقدرتها على تجميع البيانات بشكل فوري وتغير هيكل ديناميكية التعلم؛ إذ يستطيع المدرسون استخدام البيانات لتعديل أساليب تدريسهم كي تلبي احتياجات الطلاب بصورة أفضل، حيث تُعرَّف التحليلات التعليمية بأنها قياس بيانات المتعلمين وتحليلها وسياقاتها بهدف فهم عملية التعلم والبيئات التي تحدث فيها، كما يمكن أن يوضح عن ذلك بالاستخدام الذكي للبيانات. وهناك ثلاثة أنواع من التحليلات: التعلم (learning)، والبيانات التعليمية (educational data) والبيانات الأكاديمية (academic data). وتحليلات التعلم ليست بالموضوع الجديد فجذورها تتشعب في العديد من المجالات بما في ذلك الأعمال الذكية والنماذج البحثية وما إلى ذلك، والجديد في الأمر هو ارتفاع كمية البيانات ونوعيتها التي يتم التقاطها بوجود المتعلمين من جميع أنحاء العالم والمشاركة في عمليات التعلم المختلفة.

سيادة التقنيات في بيئة التعليم والبحث الإبداعي: كشف تقرير هورايزون الذي أعده اتحاد الإعلام الجديد (NMC)، بداية عام 2013م بالتعاون مع مؤسسة (EDUCASE)، أن هناك عشر تقنيات من المحتمل أن يكون لها تأثير كبير في التعليم والتعلم والبحث في مجال التعليم بالسنوات القادمة في جميع أنحاء العالم. وقد جاءت تحليلات التعلم (Learning Analytics) كإحدى هذه التقنيات العشرة، التي سوف تتداخل معًا عندما تدخل حيَّز الاستخدام الفعلي. وأشار التقرير إلى أنه في السنوات الماضية كانت هناك بنود جديدة فتية مثل شبكة المعلومات وأجهزة الكمبيوتر المحمول، قد تصدرت قوائم التقنية التي أحدثت التغيير. وحدد التقرير هذه التقنيات ومن ثم فصل بينها من خلال ثلاثة أطر زمنية، تشير إلى الأطر الزمنية المحتملة لانتشار هذه التقنيات وسيادتها في بيئة التعليم والتدريس والبحث الإبداعي.

الوقوف على أداء الطلاب ومعرفة مستوياتهم ودرجات تحصيلهم، حيث تستخدم تحليلات التعلم للتنبؤ الأفضل بنتائج أداء كل طالب على حدة في الفصل أو المشروع أو الاختبار، فمع تحليلات التعلم يمكن للمدرسين التكيف مع أساليب التدريس التي أحدثتها التقنية والشبكات الاجتماعية. كما يمكن للمعلمين أن يستخدموا تحليلات التعلم للوقوف على أداء الطلاب ومعرفة مستوياتهم ودرجات تحصيلهم ومناطق الضعف والقصور لديهم، ويستطيع المعلمون أيضًا من خلال الأسئلة متعددة الاختيار المقدمة للطلاب التعرف على هذه المناطق بسهولة. ويتطلب تَعلُّم نُظُم تحليلات التعلم قدرًا كبيرًا للجهد من جميع مستخدمي هذه البرامج، ابتداءً من مطور النظام إلى المسؤول عنه مرورًا بالمعلم والطالب. وتضم التحليلات التعليمية مجموعة متنوعة من أدوات جمع البيانات والتقنيات التحليلية لدراسة مشاركة الطلاب وأدائهم وتقدمهم بالممارسة العملية، بهدف استخدام ما يتم تعلمه لتنقيح المناهج التعليمية والتدريس والتقييم الآني، وهناك مستويات لتحليل التعلم تشمل أدوات التعلم التحليلية، والتطبيقات التجارية المصممة لأغراض أخرى، التي من الممكن تكييفها لدعم قضية استخدام التحليلات التعليمية.

الفصول الدراسية المقلوبة (Flipped classroom)، وتعرف بأنها نموذج تربوي يرمي إلى استخدام التقنيات الحديثة وشبكة المعلومات بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدرس، عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط؛ ليطلع عليها الطلاب في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس. في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات، ويعدُّ الفيديو عنصرًا أساسيًّا في هذا النمط من التعليم، حيث يقوم المعلم بإعداد مقطع فيديو مدته ما بين 5 إلى 10 دقائق، ويشاركه مع الطلاب في أحد مواقع الـويب أو شبكات التواصل الاجتماعي، وهكذا فإنّ مفهوم الفصل المقلوب يضمن إلى حد كبير الاسـتغلال الأمثل لوقت المعلم في أثناء الحصة، حيث يقيّم المعلم مستوى الطلاب في بداية الحصة ثم يُصمّم الأنشطة داخل الصف، من خلال التركيز على توضيح المفاهيم وتثبيت المعارف والمهارات، ومن ثمّ يشرف على أنشطتهم ويقدم الدعم المناسب للمتعثرين منهم، وعليه تكون مستويات الفهم والتحصيل العـلمي عاليةً جدًا؛ لأن المعلم راعى الفروقات الفردية بين المتعلمين.

أحضر جهازك الخاص (BYOD)، وهو مفهوم من اختصار العبارة الإنجليزية (Bring Your Own Device)، حيث بدأت فكرة هذا المفهوم في المجال الاقتصادي لدى الشركات مع انتشار الآيباد، ومن ثم بقية الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، ومحاولة الموظفين الدخول لشبكات مكاتبهم من خلال هذه الأجهزة، ففي البداية امتنع مديرو الشبكات عن السماح لهذه الأجهزة بالدخول إلى شبكاتهم لكونها أجهزة شخصية، وقد تصل إلى الأبناء أو الأصدقاء في نهاية اليوم، ولكن مع ضغوط العمل وضغوط المديرين التنفيذيين، تطلب الأمر إيجاد حلول آمنة وعملية تسمح بدخول الأجهزة الشخصية لبعض مواقع الشبكة بأقل الأخطار الممكنة، من خلال تقنيات وسياسات (BYOD). وبعد أن وجدت المؤسسات أن موظفيها لديهم التقنية الخاصة بهم ولديهم القدرة والرغبة على استخدامها في العمل، شرعت بسياسة استخدام هذه الأجهزة في العمل، وظهر حينها مصطلح أجلب جهازك الخاص”BYOD”. وقد وجدت هذه المؤسسات أن الفاعلية والإنتاجية تزايدت بفضل استخدام هذه الأجهزة، فبدأت بتطبيق هذه السياسة وملاءمة الأنظمة المستخدمة في المؤسسات لتعمل على هذه الأجهزة. إن استخدام الأجهزة الشخصية في العمل لم يعد مجرد عمل فردي من قبل عدد من الموظفين أو عدد من الشركات، لكنه أصبح اتجاهًا عامًّا بدأ يسيطر على قطاع التقنية بشكل كبير، فبعد أن كانت المؤسسات تضع القوانين المانعة لاستخدام الأجهزة الشخصية في أثناء العمل، أصبحت تضع القوانين المنظمة لاستخدام هذه الأجهزة؛ ما أدى إلى ظهور العديد من النظريات والقوانين والتقنيات التي تؤيد هذا الاتجاه. إذن باختصار يمكن تطبيق هذا النظام في المجال التعليمي، حين تسمح الإدارات التعليمية للمعلمين والطلاب بإحضار أجهزتهم الشخصية إلى الفصول الدراسية، سواء كانت هواتف ذكية أو أجهزة لوحية أو حواسيب محمولة، والاستفادة الفعلية من الإمكانيات التقنية التي توفرها في الاستخدامات التعليمية وتحسين عمليات التعليم والتعلم، إذ تعدُّ هذه الأجهزة نظامًا فاعلاً في العديد من مدارس العالم؛ لأنها تسهم بشكل كبير في التنفيذ الفعلي لمشروع “جهاز لكل معلم وطالب”، ولكي تتبنى المدارس هذا النظام لا بد لها أولاً من التخطيط له جيدًا، حيث تحتاج إلى سَنِّ قوانين مدرسية تضبط قواعد الاستعمال، ولا بد من الحماية الجيدة لشبكاتها السلكية أو اللاسلكية، وبعدها يمكن للطلاب والمعلمين جلب أجهزتهم الخاصة للتعلم.

تعلم كيفية التعليم learning to learn، حيث تتطور الأفكار والمهارات الجديدة طوال فترة الدراسة، إلا أن هناك بعض الصعوبات في التعرف على ما تريد إدارة التعليم من أجل تحقيق الأهداف والنتائج المطلوبة، إذ ينطوي التعلم الذاتي المقرر على تعليم كيفية أن يكون المتعلم فاعلاً، وأن يملك الثقة اللازمة لإدارة عمليات التعلم الخاصة. ويعدُّ “التعلم ثنائي الحلقة” أمرًا أساسيًّا لهذه العملية، حيث لا يتمرن متعلمو ثنائي الحلقة على كيفية حل المشكلة أو الوصول إلى الهدف فقط، بل على التفكير في تلك العملية كليًّا، وطرح الافتراضات والنظر في كيفية أن تصبح أكثر فاعلية، وهذا يساعدهم على أن يصبحوا متعلمين يملكون الحرية في القدرة على البحث عن مصادر المعرفة، والاستفادة من شبكة المعلومات للحصول على المشورة والدعم. وقد تم تصميم أدوات شبكة المعلومات والأنشطة، مثل الجرائد التأملية وتخطيط المفاهيم لدعم تعلم كيفية التعليم، ونادرًا ما يتم دمج هذا النوع من التعليم جيدًا في العالم الاجتماعي للمتعلم.

التقييم الديناميكي (Dynamic assessment)، يركز هذا النوع على تقدم الطالب في أثناء مرحلة الاختبار؛ لتحديد سبل التغلب على صعوبات التعلم الحالية، التي يواجهها المتعلم ولا ينفصل في عملية التقييم الديناميكي، وقد استخدم هذا الأسلوب مع طلاب الجامعة وأطفال المدارس، الذين يتعلمون الفيزياء والذين لديهم صعوبات معينة في التعلم.

التعلم القائم على الحدث (Event-based learning)، حيث يجري هذا النوع من التعلم على مدى بضع ساعات أو أيام ويُحدث شعورًا لا ينسى، ومثال ذلك “معارض الصانع” التي تجمع المتحمسين الذين يحرصون على القيام بمشاريع العلوم والهندسة والحرف اليدوية بأنفسهم، حيث يجتمع محبو الكمبيوتر لتبادل الأفكار، وتحث الأحداث المحلية التجمعات الوطنية على بناء المهارات في هذه المهرجانات الدولية. وبدأ العديد من البرامج مثل أسبوع سبرينغ وتش السنوي في المملكة المتحدة، أو سكراتش دي العالمي لبرمجة الكمبيوتر على المستوى الوطني أو الدولي، إلا أن جميعها تعتمد على الحماس المحلي والمبادرة، إذ إن طبيعة الحدث تشجع الناس على التعلم التعاوني واللقاء وجهًا لوجه بين الهواة والخبراء، وحجم هذا الحدث يمكن أن يوفر إمكانية الوصول إلى الموارد التي من شأنها أن تثبت خلاف ذلك، كما يعطي مثل هذا الحدث المتعلمين شيئًا ملموسًا في العمل المستقبلي والتفكير بشكل أبعد وأوسع، جنبًا إلى جنب مع الشعور بالمشاركة الشخصية والإثارة.

التعلم من خلال القصص (Learning through storytelling)، ويتطلب هذا النوع من التعلم بُنيةً تساعد المتعلمين على ترسيخ وإعادة النظر في فهمهم، وتقدم القصص أحد الاتجاهات في إيجاد هذه البنية، من خلال تطوير السرد الذي يعدُّ جزءًا من عملية صنع المعنى، حيث يسرد فيه الراوي سلسلة من الأحداث من وجهة نظر معينة لإيجاد تعليم ذات مغزى، “كتابة تجربة، سرد استكشاف، تحليل فترة من التاريخ” هذه كلها أمثلة على السرد التي تدعم التعلم. وفي الواقع فإن الكثير من التعليم يتمثل في الجمع بين أشياء مختلفة من أجل إيجاد فهم ما يحدث، وما الذي يمكن أن يتوقع حدوثه في المستقبل، وهذه الحسابات يمكن أن تستخدم لربط ذكريات الأحداث؛ ما يسمح للمتعلمين بالإبحار في الموارد إضافة إلى ترابط منطقي مع التجارب المختلفة.

10ـ مفاهيم العتبة (Threshold concepts)، يفتح مفهوم العتبة طريقة جديدة للتفكير في مشكلة موضوع، ومثال ذلك مفهوم فيزياء “نقل الحرارة”، التي يمكن أن تثري الأنشطة اليومية مثل استخدام الطاقة المنزلية أو الطبخ، وتساعد هذه المفاهيم على تحديد الموضوعات، حيث يستخدم المعلمون بشكل متزايد مفاهيم العتبة كنقطة بداية في تصميم الدروس الفاعلة، وتُستخدم أيضًا في التركيز على الحوار بين الطلاب والمعلمين، إلا أن هناك جانبًا سلبيًّا لمفاهيم العتبة كونها غريبة على ساحة التعليم؛ ولهذا يجب استخدام مفاهيم العتبة بشكل كبير للمساعدة في التدريس في مختلف التخصصات، ووضع نهج لتطوير مجموعات هذه المفاهيم في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تضمينها في العمليات والممارسات التعليمة.

11ـ التسوية أو الإصلاح (BRICOLAGE)، كلمة فرنسية تعني تسوية المواد المتوفرة، وتنطوي هذه العملية على التحول المستمر، وهي عملية أساسية لتعلم الأطفال من خلال اللعب، حيث يُوجدون القلاع من الصناديق ويسردون القصص من الأحداث المتذكرة، فهي تشكل أيضًا أساسًا للابتكار الإبداعي؛ ما يسمح للمخترعين بجمع الأدوات والنظريات وتكيفها لتوليد رؤى جديدة، بالإضافة إلى الانخراط أيضًا مع المجتمعات المحلية المعنية؛ للتأكد من أن الابتكار يعمل في الممارسة والسياق.

الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *