الأطفال السوريون اللاجئون في الأردن يتعلمون كيفية التعافي من ماض عنيف

الرئيسية » تربية وتكوين » الأطفال السوريون اللاجئون في الأردن
يتعلمون كيفية التعافي من ماض عنيف

عندما قام الأطفال السوريون اللاجئون بعرض الصور التي رسموها عن الانتقام والعنف على أخصائية حماية الطفل لدى اليونيسف، جين ماكفيل، كانت تعرف ما تقوله لهم.

تقول السيدة ماكفيل: “أنظر إلى الصورة، ثم أسألهم: ‘ماذا كنتم سترسمون إذا كنتم تعيشون في عالم خالٍ من الحروب”.

وعندما يرسمون صوراً جديدة – للأشجار والزهور والحيوانات – أسألهم: “والآن أي عالم تفضلون العيش فيه، وأخبروني لماذا؟”

ووفقاً للسيدة ماكفيل، فإن هذا التمرين يسمح للأطفال بالتفكير في الجوانب الإيجابية في حياتهم ويساعدهم على فهم أنه لا ينبغي عليهم تحمل هموم الكبار ومسؤولياتهم

التدريب على إعادة التواصل

هذا النهج هو جزء من استراتيجية أوسع بكثير للعمل مع الأطفال الذين تعرضوا للتوتر المستمر والشديد – أو ‘التوتر العميق‘. وتقود السيدة ماكفيل دورات تدريبية حول فهم العوامل النفسية والاجتماعية موجهة للمعلمين وأخصائيي حماية الأطفال الذين يعملون مع الأطفال في مخيم الزعتري في شمال الأردن.

وقد شهد العديد من الأطفال اللاجئين في المخيم أو عايشوا العنف في الجمهورية العربية السورية. ويقول موظفو اليونيسف الذين يعملون في المخيم إن بعضهم يظهرون السلوك العدواني الآن، ويتحدثون كثيراً عن الانتقام.

وتقول السيدة ماكفيل: “عندما يتعرض الناس للتوتر العميق، فإن الجزء الخاص ‘بالمشاعر’ في الدماغ يتعرض لضغط زائد، وقد تصبح ردود الفعل العادية منفصلة عن الواقع. إنها إحدى آليات البقاء، ولكن الناس يفقدون القدرة على الاتصال مع الآخرين ومع أنفسهم عاطفياً. فقد تتوقف المشاعر الأساسية، حتى الشعور بالجوع، وقد يجد الناس أنفسهم غير قادرين على التفكير في المستقبل أو تذكر الأحداث التي مروا بها مؤخراً”.

وتضيف: “وكذلك قد يفقد الأطفال القدرة على التخيل، وهو أمر حاسم للنماء في مرحلة الطفولة”.

وتقول إن الهدف من الدورة التدريبية التي تستمر ستة أيام في مخيم الزعتري هو تثقيف البالغين الذين يعملون مع هؤلاء الأطفال حول كيفية “إعادة التواصل مع الجزء االخاص بالمشاعر من الدماغ.”

ويتم تعليم المعلمين والعاملين في الأماكن الملائمة للأطفال مجموعة من الأنشطة النفسية والاجتماعية لمساعدة الأطفال على التواصل مع مشاعرهم ومع الناس من حولهم. وتشرح السيدة ماكفيل: “يتم استخدام الغناء والرقص لجعل الأنشطة ممتعة، وكذلك لتوصيل رسائل حول الذات والأسرة والمجتمع.”.

وضع التقنيات موضع التنفيذ

حكيم* هو أخصائي في أحد الأماكن الملائمة للأطفال بمخيم الزعتري والذي أتم التدريب. ويقول إن واحدة من التقنيات التي تعلمها “عقد القلب”. حيث يقوم مجموعة من الأطفال معاً باختيار القواعد أو الأولويات الخاصة بهم. ويقول حكيم إن الأطفال الذين يعمل معهم وضعوا قواعد مثل “نحب عائلاتنا” و”لا نتعارك” و”نحترم معلمينا”.

ويضيف: “والآن، عندما يتعارك أحد الأطفال، يمكنني أن أريهم العقد وأذكرهم. ولقد أحدث ذلك فرقاً كبيراً [في سلوك الأطفال].”

وكذلك محمد، وهو مدرس سوري يعمل في مدرسة الزعتري، أكمل التدريب مؤخراً. ويقول إنه مع تزايد العنف في الجمهورية العربية السورية، “أصبح حتى الذهاب إلى المدرسة خطراً على الأطفال. وكانت الحياة ترويعاً تاماً”.

الطريق إلى التعافي

يتحدث محمد حول الخسائر التي خلفها الوضع في الجمهورية العربية السورية وفي المخيم. ويوضح إن الأطفال في كثير من الأحيان ينفصلون عن مجتمعهم وأعرافهم الاجتماعية. ويقول: “إن الأطفال يضربون بعضهم البعض بالحجارة ويقفزون على ظهر الشاحنات. إنهم لا يدركون أن الحياة في المخيم هي واقعهم الآن. إنهم يعتبرونها رحلة ولا أعتقد أن السلوك العادي ينطبق هنا.”

“وأنا أحاول أن أطمئنهم أنهم في بيئة مستقرة ومجتمع مستقر، وأسألهم:”كيف كنت ستتصرف في مدينتك؟”

وتقول السيدة ماكفيل إن أهمية هذا العمل مع الأطفال لا يمكن الاستهانة بها، لأنه بمجرد أن يبدأ الأطفال في إعادة التواصل مع مشاعرهم ومع الأشخاص الآخرين، فإن تجدد اتصال الأطفال مع والديهم ومجتمعهم يساعد البالغين، أنفسهم، على التعافي.

وتضيف: “إن ذلك كتأثير الدومينو. ولهذا السبب فإن المساحات الملائمة للأطفال أكثر أهمية من أي شيء آخر. وإلا يمكنك أن تفقد جيل كامل إلى مشاعر الغضب والانتقام”

* تم تغيير الأسماء لحماية هويات اللاجئين.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *