الأزمة السكانية العالمية

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الأزمة السكانية العالمية

الأزمة السكانية العالمية

يمر العالم بتحول سكاني عميق سيحدث تغيرات شاملة في العقود القليلة المقبلة. بينما ستوسع هذه التغيرات من آفاق دراستنا للاقتصاد والاستثمار، وستغير مفاهيم علوم الاجتماع، وستؤثر بصورة جذرية في السياسات والحكومات.

لكن يصعب فهم ماهية هذه التغيرات بدقة، والتنبؤ بها قد ينقصه شيء من الدقة، إلا أن المؤكد منها هو التحول السكاني في حد ذاته.

ويعتقد الخبراء أن تعداد سكان العالم قد يتناقص لـ6 مليارات نسمة أو يزداد ليلامس 14 مليار نسمة بحلول نهاية هذا القرن، فالتغيرات البسيطة يمكنها أن تتراكم لتحدث فرقاً جوهريا عبر الزمن. وقد تؤدي الأحداث المستقبلية غير المؤكدة إلى انحناء أو التواء منحنى تعداد السكان، فحدوث طفرات في الإنجاب، وتفشي الكساد المالي، والحروب والمجاعات والأوبئة، والاكتشافات الطبية، وغيرها الكثير تعد احتمالات قادرة على تغيير قواعد اللعبة.

فيما يعزى السبب الرئيس لتسارع النمو السكاني في نهاية القرن العشرين، إلى المطاعيم واللقاحات الحديثة. مما يعني أن وسائل التكنولوجيا الأخرى سيكون لها آثار مشابهة في المستقبل. وفي المقابل قد تحدث هذه الوسائل تغيراً معاكساً بالقدر نفسه. فاليوم تتوافر لدينا القدرة على محو أمم بأكملها باستعمال الأسلحة الذرية مثلاً.

كما يعتقد بعض العلماء أن استخدامنا الزائد للمضادات الحيوية، سيسمح بظهور حشرات خارقة القدرات، وقادرة على مقاومة الأدوية، مما يمكنها من قتل ملايين البشر. وحتى لو كنا لا نتوقع مثل هذه الأحداث، لا يمكننا استبعادها نهائياً.

وحتى الان، نحن على الأقل نتكاثر بوتيرة أسرع مما نموت، مما يزيد من أعدادنا حول العالم، ويولد مشكلات من نوع آخر.

أعداد السكان تتناقص في عدد من دول العالم المتقدم:

وإذا كانت أعداد السكان حول العالم تتزايد باستمرار، فالأمر لا يعني أنها تنمو بالمعدل نفسه في كل مكان؛ إذ إن أعلى معدلات النمو في دول أفريقيا (بالرغم من تراجعها مؤخراً) وفي أجزاء من الشرق الأوسط. بينما نجدها على العكس تماماً في دول أوروبا الشرقية وروسيا والصين واليابان.

وعلى الصعيد نفسه، لا يعني تناقص معدلات الخصوبة (كما هو الحال في أفريقيا) وتزايد أعمار البشر، أن سكان العالم يشيخون فقط، ففي الأعوام القليلة المقبلة ستتزايد أعداد الناس الذين تجاوزوا 65 عاماً مقارنة بأعداد الأطفال تحت سن 5 أعوام. إن قدراتنا على إطالة الأعمار ستزيد من نسبة التفاوت بين هاتين الفئتين.

من سيعيل الأطفال وكبار السن ويرعاهم؟

تعني شيخوخة السكان أن فئة صغار السن أقل بكثير من فئة المتقدمين في السن. وبما أن الأطفال بحاجة إلى الرعاية بقدر المسنين أيضاً، فإن المشكلة الحقيقية ستتمثل في أن أعداد الأشخاص متوسطي الأعمار ممن هم قادرون على إعالة الأطفال وكبار السن والاهتمام بهم، غير كافية أبداً. ووفقاً للدراسات فإن لكل 100 شخص قادر على العمل (من 20 عاماً إلى 64 عاماً) سيكون هناك 80 طفلاً ومتقاعداً تقريباً يحتاجون إلى إعالة ورعاية بحلول عام 2050، ومقدار التغير في هذه النسبة من اليوم إلى ذلك الحين ضئيل أيضاً.

وفي واقع الأمر، سيتركز معظم الأطفال في قارة أفريقيا وفي الدول الساحلية المحاذية للمحيط الهندي، في حين سيتركز معظم المتقاعدين في دول العالم المتقدم والصين.

الأزمة السكانية ستضرب الصين أولاً:

لقد خلقت سياسة الطفل الواحد هرماً مقلوباً مشوهاً في الصين، وربما ينتهي الأمر بكل فرد قادر على العمل من أفراد ذلك الجيل، ليعيل والدين اثنين وأربعة أجداد، وربما ولد واحد أو أكثر أيضاً.

فيما يظهر الواقع السكاني هناك، أن الفئة العاملة في المجتمع الصيني ستتناقص تناقصاً هائلاً ابتداء من الأعوام القليلة المقبلة. ولا تزال تتمتع بنسبة مرتفعة من الأفراد المنضوين ضمن الفئة العاملة مقارنة بالدول الأخرى، لكنها لا توفر برامج ضمان اجتماعي أو نحوها، مثل حزم الأمان الشائعة في دول العالم المتقدم.

وعموماً، فإن تقدم سكان العالم في السن يتحول إلى قضية عالمية عظمى ستمس الكثير من المجالات، وستسهم في إعادة تشكيل العالم في العقود المقبلة. وحسبنا أن تلقي بآثارها العميقة على الاقتصاد العالمي.

فوربس ميدل ايست – جون مولدن

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *